أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الأنوثة تنسحب من حياتنا

بقلم : حنان كامل الشيخ
18-12-2018 05:47 AM

تجدها تقف بين الشباب وبين أصابعها سيجارة، تنفثها بنهم مثلهم تماما، وتضرب كفها بأكفهم على نكتة خارجة، بل وتضحك بصوت عال لتثبت لهم أنها “أرجل” منهم في الضحك!
وتجدها تجلس على السلم نصف مستلقية تلعب بهاتفها النقال، وتشتم بأقذع الألفاظ حين تخسر جولة. يهبط ويطلع الشباب بجانبها ومن فوقها وكأنها كائن غير قابل للخدش.
وتجدها تتعمد أن تجاري الأولاد في لعب خشنة، وسط تصفيق حاد من زملائها وزميلاتها وتسعى بكل جهدها لأن تثبت للمتفرجين بأن المرأة قادرة على الفوز على الرجال بعضلاتها أيضا!
الأنوثة تنضب من أرواح الفتيات، وتنسحب بشكل تدريجي عبر السنين، بدون أن تبقى ولا تذر من ملامح الجاذبية الأولى التي لطالما تغنى بها الشعراء وذابت لأجلها القلوب وتحطمت أشرعة النجاة.
البنات في سنوات المراهقة والشباب صرن أكثر ميلا إلى إثبات حرياتهن وإطلاق مشاعرهن الجياشة، عن طريق بعث رسائل محددة، تناقص من طبيعتهن الأنثوية الناعمة الدافئة، في صالح ذكورة مستعارة كاذبة مكابرة ومؤلمة لمن لا يعلمون.
مؤلمة لأنها في نهاية المطاف وحين تغفو على وسادتها الخالية، تحلم أنها ترتدي فستانا مزركشا متلألئا وبشعر طويل ملتف حول رأسها، كأي عروس جميلة. هذه حقيقة البنات المسترجلات في الشكل والأداء والحركات. اقتربت من كثيرات منهن في السنوات القليلة الماضية، ولمست حزنا دفينا مرده الخوف المشروع من تأخر سن الزواج، هذا البعبع الذي يلاحق أحلامهن الوردية، مرافقا لوحش البطالة والضياع بعد سنوات التخرج.
تدفن الواحدة منهن حقها في الأنوثة ولو مؤقتا، حتى لا تسترسل آمالها أكثر نحو النهايات السعيدة الطبيعية. فكل شيء من حولها لم يعد كما كان في الروايات والمسلسلات، ولا حتى يشجع كثيرا نموها الفسيولوجي لتعد نفسها كأم وزوجة، باعتبار أنه أمل ضعيف المنال مثل آمالها في العمل بوظيفة تتلاءم مع شهادتها، أو تقدر تعبها وشغلها، أو حتى ترضى بها عن نفسها آخر النهار.
المشكلة، وهذا أمر رصدته أيضا، أن كثيرات من تلك الفتيات المتخليات مؤقتا إلى حين ميسرة عن أنوثتهن الفطرية، وحين تتاح لهن فرص الحب الحقيقي والارتباط وعيش قصة رومانسية جميلة، تجابه الواحدة منهن عبئا ثقيلا لاسترداد ما يمكن استرداده من شكل وصوت وأدوات ومواصفات البنات العادية!
تتحدث كثيرات منهن، وهن يضحكن، بأن زلات اللسان والأفعال، كادت أن تودي بقصص الحب والعشق إلى الهاوية، لأنهن اعتدن على الخشونة المستعارة في الرد كلاميا وعمليا. ليس هذا وحسب. بل المشكلة الكبرى أنهن حتى ولو لم يبحثن عن فرص ارتباط وتكوين أسر، فإنهن في نهاية الأمر بحاجة إلى استعادة تلك الأنوثة الخلابة الرقيقة الحساسة، في فترات مهمة في حياتهن، لأجلهن هن وليس لأحد آخر.
وفي كل الأحوال، تواجه الصبية تحديات اجتماعية ونفسية وحتى مادية، للعودة إلى البنت التي بداخلها، طفلة لا تكبر، وحنان لا ينضب، ودموع سخية على أبسط المواقف. كل هذا وغيره من الصور الزهرية، لا ينفي أن تكون الفتيات قويات ثائرات مشتبكات وذوات عزم وعزيمة.
لأنها يجب أن تتربى على ذلك وتكبر به وتسعى إليه بكل ما أوتيت من جهد، لتنتزع حقها في المساواة مع الرجال في مجتمعات ذكورية خشنة صعبة المراس. لكن الحرب من أجل هذا الهدف الأزلي الكبير، لا تتعارض مع أن تكون امرأة مكتملة. وتنجح وهي كذلك بدون أن تضطر لأن تفقد نفسها ولو جزءا صغيرا من كونها أنثى! الغد

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
18-12-2018 12:33 PM

فكرة المقال أعجبتني كثيرا.

أكبر جريمة بحق الأنثى خلعها من أنوثتها، بدواعي الحرية والديموقراطية.

انها الثقافة الدخيلة التي ندم عليها الغرب، وسنندم أننا قلدناهم بأخطائهم.

الأانثى جنة، أتركوها لنا جنة، فنحن بحاجة لها.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012