10-12-2011 08:28 AM
كل الاردن -
عبد الحليم المجالي
"لايصلح القوم فوضى لاسراة لهم - ولا سراة اذا جهالهم سادوا " هذا البيت من الشعر نردده ونستشهد به في كل حالة فوضوية وعند اسناد الامر الى غير اهله من الجهلة وتكون النتيجة لاصلاح ولا اصلاح , بل خيبة وضياع . وتقول العامة في موروثنا الشعبي " من ليس له كبير يشتري له كبير " , والمعنى واضح الا لاعمى البصر والبصيرة , عالمنا العربي اليوم يقف على مفترق طرق , فاما الى الربيع وبهجته وخصبه واما الى الفوضى والضياع لاقدر الله . الفوضى وسيادة الجهال وغياب الكبير عوامل هدم للاصلاح وللقوم على حد سواء . الحالة السورية اليوم عرت هؤلاء الجهلة وكشفت عيوبهم وسؤ تقديرهم وعلى كل المستويات . اعلى تلك المستويات , جامعة الدول العربية , التي من المفروض ان تمثل القيادة للوطن العربي ومواطنيه من كل الاعراق والاديان والمذاهب والملل والنحل , وتمثل العقل المدبرللعمل العربي المشترك . اجتمع وزراء الخارجية العرب ونظروا في الحالة السورية بعيون زائغة , وسلقوا قرارات دونما النظر في عواقبها , وفصلوا ثيابا لا تناسب مقاس شعوبهم . القرارات كما وصفتها الجامعة تهدف الى حماية المدنيين المعارضين ولم تنظر بعين الاعتبار للمدنيين من غيرهم , القرارات الخاصة بالعقوبات الاقتصادية تهدف الى التضييق على النظام دون الضرر بالشعب , كيف ذلك ؟ القرارات وضعت المعارضين في جانب والنظام في جانب اخر ونسيت ان النظام السوري خلال العقود الماضية ومن خلال معسكرات الممانعة والاعتدال اكتسب الكثير من المؤيدين والانصار , لايمكن تجاهلهم وتجاهل قدرتهم على التصدي لمثل تلك القرارات . المثقفون العرب والمواطنون في معظمهم يقفون حائرين الى أي اتجاه يذهبون ؟ الباقون انقسموا بين مؤيد لتلك القرارات ومعارض لها , المحصلة فوضى وجهل ولا كبير قادر على ضبط الامور , والمؤشرات كلها تدل في النهاية على احتمال صدام دام ومريربين الاخوة والاهل لايعلم نتائجه الا الله .
وزراء الخارجية العرب , نظروا في موضوع خارج اختصاصهم كونه يتعلق بالديموقراطية وحقوق الانسان , هؤلاء الوزراء لا علاقة لمقولة "الشعب مصدر السلطات " بطرق تعيينهم , لا حرية لهم في اتخاذ قراراتهم , و لااحد يبرأهم من الاملاءات الخارجية . قراراتهم تلك تحتاج الى قوة تنفيذية لا يماكونها , وفي النهاية سيلجأون الى من يطلب الثمن الغالي للقيام بذلك .......المشهد العربي مؤلم الى غاية الالم ومما يجعله كذلك غياب اليقين , والتخمين سيد الموقف . المطلوب من المواطن العربي ان يكون مع الشيء وضده في آن واحد , مع الحرية للشعوب وضد طريقة تحصيلها , ضد النظام ومعه , مع العلماء الذين يحرمون المظاهرات ومع السياسين الذين يؤيدونها . الاصطفافات العربية بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر , والاختلاف في تفسيرها , وغياب الرؤيا العربية الموحدة للاحداث , والاختلاف في تفسير المصطلحات مثل الارهاب والممانعة والاعتدال والسلام الخيار الاوحد والمقاومة , كل ذلك خلق بيئة خصبة للانقسام الافقي والعامودي بين مكونات الشعب العربي . غابت القيادة السياسية الحكيمة للوطن العربي مع بقاء النظرة بالمجمل انه وطن واحد , بل غابت السياسة المدروسة الثابته , وصدق قول احدهم عندما وصف وطننا سياسيا بالتصحر. من ظواهر ذلك التصحر ان مواقف الزعماء العرب كالرمال المتحركة , مثلا , زعماء قطر وسوريا ومعهم تركيا , كانوا في خندق المقاومة عند احداث غزة , وكانوا يشكون من مواقف من خالفهم , وقبل احداث سوريا بوقت ليس بالكثير شهدنا مؤتمرات قمة في الدوحة ودمشق وانقرة , ما الذي تغير حتى تتباين المواقف الى حد التضاد والصدام ؟
بعد انسلاخ الوطن العربي من الامبراطورية العثمانية , وحتى قبل ذلك , والمواطنون العرب تواقون الى وحدة هذا الوطن , قامت الثورة العربية الكبرى وهدفها وحدة العرب , خدعهم حلفاؤهم ولم تحقق تلك الثورة اهدافها ,.فكروا في الجامعة العربية فتدخلت بريطانيا وحرفتها عن اهدافها وجعلتها جامعة لدول لايمكن اتفاقها على موقف واحد . خاضوا الحرب ضد الصهيونية معا ,وبسبب اختلال توازن القوى سياسيا وعسكريا , فشلوا , ومع ذلك بقيت روح الوحدة عندهم . اوجدوا معاهدة الدفاع العربي المشترك , ولكن عدوهم الذي غرس في نظامهم الثغرات ليتسلل منها عند الحاجة , وضع العراقيل امام تنفيذها فتعرض الوطن العربي الى ما تعرض اليه من احتلال لقسم من اجزاءه وعواصمه وتعرض القسم الاخر للقصف والتدمير . في غياب القيادة السياسية العربية الناظمة للعمل السياسي , ظهرت قيادات دينية متنوعة في ارجاء ذلك الوطن , كالوهابية والسنوسية والمهدية والاخوان المسلمون وحزب التحرير وما الى ذلك من تيارات حاولت خلط الاوراق واخرت الدور السياسي فاختلت الموازين ورجحت كفة الفوضى الفكرية . ظهرت ايضا قيادات عسكرية كالقاعدة والفدائيين وحركات المقاومة فخطفت الدور العسكري الرسمي , الذي لم ينجح بالقيام بدوره , فظهرت فوضى السلاح التي امعنت قتلا ودمارا في جسد ذلك الوطن ومواطنيه . اخر حرب خاضها العرب بشكل جماعي ورسمي هي حرب 73 ,بعدها عقدت مصر معاهدة كامب ديفد مع العدو الصهيوني مما فتح الباب امام معاهدات منفردة كاوسلو ووادي عربه . في اوائل التسعينات حاول العرب الذهاب الى محادثات مدريد مجتمعين , لكن القوى الفاعلة وارضاء لاسرائيل جعلتهم يذهبون بمسارات منفردة .كل ذلك عزز من واقع غياب القيادة السياسية الجامعة للوطن العربي , ومع ذلك بقيت شعرة معاوية تربط العرب جميعا فجاءت المبادرة العربية للسلام , وجاء وقوف العرب خلف منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضاتها لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية . الى ان ظهرت الثورات الشعبية العربية التي اكتسبت اسم الربيع العربي تعبيرا عن روح الوحدة للعمل الشعبي العربي .
المواطنون العرب , يضعون ايديهم على قلوبهم خوفا على مصيرهم , وهم يشاهدون ما الت اليه الثورات من نجاحات ناقصة في تونس ومصر وليبيا وتعثرها في اليمن وسوريا , وغياب القيادات الموجهه, ويسمعون المخاوف التي يبديها البعض من تصدر القوى الاسلامية للمشهد السياسي العربي القادم , والشكوك في استقلاليتها , والتطمينات من تلك القوى بانها ستلتزم بمبادىء الثورة الشعبية العربية . مشوار الثورات لايزال في بدايته , والكلفة التي دفعت لغاية الان كبيرة, ومرشحة للمزيد من الدماء وتدمير المقدرات . في هذه الاجواء المشحونة بالخوف والرجاء, الاحباط واليأس والامل , الشكوك واليقين , لابد من قيام المثقفين والفاعلين واصحاب الفكر والرأي من الامة العربية بدورهم المرجو منهم والاخذ بزمام المبادرة لبلورة قيادة سياسية عربية جامعة على رأس قوة عربية تجمع كل الطاقات العربية الظاهر منها والكامن لمواجهة المستقبل وتحدياته . لابد من مراجعات شامله للتخلص من افكار ومعوقات النهضة والوحدة في حقبتنا التاريخية الحالية الفاشلة ومحاولة التخلص من الكثير من رموزها . لابد من بناء البيت الجديد للامة العربية قبل هدم بيتها الحالي ببيان البدائل لكل مستبدل .ان هذا الفراغ في قمة الهرم العربي ومحاولة معالجته بايجاد تلك القيادة السياسية سيوفر علينا الكثير من الجهد والمال فيما لو سارت الامور كما هي عليها الان من معالجة كل قطر على حده . ان الامل يحدونا جميعا بان يتنادى الغيورون على هذه الامة والذين بذلوا وضحوا ليجتمعوا على امر جامع وان يغادر الجميع خنادقهم واوديتهم لالتقاء على صعيد الوفاق, الهدف المرحلي الاول , للوصول الى الهدف الاسمى الوحدة الوطنية العربية .
العالم اليوم في الربع الساعة الاخير من تموضع جديد بدت ملامحه للحقبة التاريخية القادمة , والامم والشعوب تحاول ان تأخذ دورها في هذا التموضع الا الامة العربية , والسبب غياب القيادة السياسية الواعية . اعداء هذه الامة ليسوا باحسن احوالهم ولم يعودوا قادرين على التأثير فيها كما كانوا , والاصدقاء المحتملون لها جاهزون لتثبيت هذه الصداقة لصالح العرب وقضاياهم على كل صعيد , شرط وضوح رؤيا عربية موحدة وقيادة جامعه . الكرة الان في الملعب العربي كوطن وامة وقيادات وتيارات , والشعوب العربية بدأت تتلمس طريقها نحو الحرية والديمو قراطية , ولا بد من اقتناص الفرصة المتاحة بكل وعي واقتدار .
بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر , وظهور الرغبة الامريكية بالانتقام من العالمين العربي والاسلامي , وردود الفعل الجماهيرية العربية على ذلك بالمظاهرات والشجب والتنديد , لاحظت كمواطن عربي ان تلك المظاهرات لم تمنع امريكا من تنفيذ نواياها بالانتقام , وان المتظاهرين يجتمعون ويتفرقون وبدون وجود رابطة عضوية او قيادة جامعة تجعل منهم قوة مؤثرة , ففكرت بايجاد العلم والقسم وطرحته امام الكثير, كرمز يلتف المؤمنون بالوحدة العربية حوله , فوجدت قبولا مشجعا . طرحت الفكرة تحت عنوان " مبادرة العلم الوطني العربي " فكانت ردود الفعل مشجعة , وفوجئت بان الكثير ردد القسم حرفيا بكتابته في تعليقه على الفكرة منهم : سعاد الزيود, يزن رحاحلة , راتب محمد – المنامة , عربي , عبدالباسط الخضري , واشخاص ردوا باسماء رمزية . اخت اردنية كتبت : يجب على كل اب وام ان تدرس اولادها هذا القسم وانا بنت الخمسينات احفظ هذا القسم وشكرا لك .فخري من الجزائر رد بنشيد بلاد العرب اوطاني . الكثير مدح الفكرة وتسائل كيف ؟ صديقي خالد صالح البرغوثي ردد القسم وشجع الفكرة .... طرحت الفكرة في مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت وعلي مدير المركز والعاملون به فقالوا ان دورهم التوعية والامر يحتاج الى ارادة سياسية .... ووجهة نظري المتواضعة وانطلاقا من الربيع العربي ان هذه الارادة السياسية قد تخلقها وتحفزها الارادة الشعبية للمواطنين العرب , وانا وانت وهم وهي وهن قوام ذلك الشعب ... والامل بالله ثم بالارادة الشعبية وادارة كل مانملك من المقدرات البشرية والروحية والموقع الجغرافي وكل ما وهبنا الله من نعم لتحقيق حلم الوحدة الذي لم تقهره كل التجارب غير الناجحه سابقا والتي ذكر احد المؤرخين انها تجاوزت المئة محاولة وحدوية .
.