أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


انتصرت سوريا وارتبك من تسبب بمحنتها.. فماذا بعد؟

بقلم : أ.د احمد القطامين
01-01-2019 06:30 AM

بتعليمات وتخطيط امريكي وتنفيذ دول عربية واسلامية، تم حقن الوطن السوري بكل انواع المقاتلين المتشددين وكادت الدولة ان تنهار في مواجهة ما يشبه الحرب العالمية المدعومة بكل مقومات النجاح من المال ووسائل الاعلام القوية جدا والناطقة بالعربية وسيل لا ينضب من افتك انواع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة حوالي مائتي مليار دولار، كان كل ذلك لاسقاط الدولة السورية وذلك باستغلال موجات الربيع العربي التي بدأت عام 2011 وتم الانقضاض عليها ووقفها واجهاض نتائجها فيما عرف بالثورة المضادة التي بدأت بالفعل عام 2013، وكانت سوريا الاستثناء الوحيد فبينما وقفت الدول اياها ضد ثورات الربيع العربي جميعها وحاربتها بقسوة وبكل الامكانيات المتاحة الا في سوريا وقفوا معها، في حالة دالة تماما على النوايا والخلفيات والمخطط.
مع بدايات الغزو واثنائه، باشر الاعلام العربي الممول جيدا والمزود باحدث تكنولوجيا البث بعملية شيطنة واسعة النطاق للدولة السورية وحكومتها والافراد الذين يتولون مسؤوليات رسمية فيها، وكان التأثير كبيرا وعميقا ومع ذلك لم ينشق الا مسؤول كبير واحد مقابل 50 مليون دولاردفعت له نقدا بعد فراره من وطنه، وتماسكت الدولة بجميع مكوناتها.. وصمدت الدولة السورية لسبع سنوات عجاف تعرضت فيها سوريا لكل انوع القتل والتخريب والتدمير النفسي والمادي والمعنوي ومحاولات النيل من تاريخها الحضاري المعروف منذ القدم في هذه المنطقة الصحراوية الفكر والتفكير من العالم.
صمدت الدولة العميقة ووقف الجيش العربي السوري الى جانبها وتمكن جزء مهم من الشعب من البقاء في بلاده بالرغم من كل الاغراءات التي كانت تقدم للنازحين الى تركيا والاردن ولبنان تحديدا.. لقد كان تهجير الشعب جزءا مهما من عملية اسقاط الدولة. وكما قال رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق جاسم بن جبر: لقد طلبت منا الولايات المتحدة الامريكية ان نقوم بما قمنا به في سوريا ونجحنا في بداية الامر، وما ان نجحنا حتى بدأت الخلافات بيننا وبين شركائنا الخليجيين تتزايد على “الصيدة” – المقصود بالصيدة سوريا- الا ان “الصيدة” فلتت وسلمت ونحن خسرنا..
مع مطلع عام 2018 ( بعد ان فلتت الصيدة) اخذت المعطيات على الارض تتغير لصالح الدولة السورية بسبب صمودها الاسطوري اولا والتدخل الروسي ثانيا ووفاء الاصدقاء لها ثالثا. وما ان اشرف العام على الانتهاء حتى كان الجيش السوري قد استعاد جزءا كبيرا من الارض السورية وتركت محافظة ادلب في عهدة تركيا في محاولة لافساح المجال لترتيب اخراج المتشددين منها تجنبا للخسائر المدنية المتوقعة اذا استخدم الحل العسكري، بالاضافة الى منطقة شرق الفرات التي يسيطر عليها مسلحون اكراد بحماية القوات الامريكية، والتي من المتوقع ان يدخلها الجيش العربي السوري – كما دخل منطقة منبج صباح يوم امس ورفع العلم السوري عليها- قريبا بعد ان تستكمل القوات الامريكية انسحابها.
اذن عادت سوريا اللاعب الاقوى تأثيرا والتزاما بالعروبة واصبح في حكم المؤكد ان دستورا جديدا وحياة ديمقراطية جديدة متكاملة ستكون الخطوة القادمة. ان مفتاح الامن في اي بلد هو حرية المواطن وممارسة نظام ديمقراطي لتداول السلطة وهو حل ليس لسوريا فحسب انما لكل المنطقة العربية التي لا زالت تعيش في ظل انظمة حكم عفى عليها الزمن واصبح التغيير واجبا لمنع الشعوب من ان تسلك طرقا اخرى عنيفة للتغيير. ولعل العام 2019 ان يكون عاما حاسما في هذا السياق.
qatamin8@hotmail.con
اكاديمي وكاتب عربي..رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012