أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ماذا وراء الخلوة السداسية لدول التحالف العربي في البحر الميت؟

بقلم : د. شهاب المكاحلة
30-01-2019 05:57 AM

يعقد وزراء خارجية دول التحالف العربي ( المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة الكويت ومصر والأردن) خلوة الخميس 31 يناير2019 في قصر الملك حسين بن طلال للمؤتمرات في منطقة البحر الميت (50 كلم غرب عمان) للتباحث في أزمات المنطقة، ودور دول التحالف العربي في مواجهة إيران سياسياً وعسكرياً للحيلولة دون تمددها في مسعى يتوازى مع السعي الدولي لوقف تدخلات طهران في سياسات دول المنطقة تمهيداً لطرح نتائج الاجتماع على القمة العربية المقررة في تونس في آذار القادم إضافة إلى بحث مسألة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم تجميد عضويتها في العام 2011 عقب اندلاع النزاع المسلح.
يبدو أن القمة التي أعلن عنها فجأة والتي يشارك فيها كل من وزراء خارجية السعودية، إبراهيم العساف، والكويت، الشيخ صباح خالد الأحمد الصباح، والإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحرين، الشيخ خالد آل خليفة، ومصر، سامح شكري إلى جانب وزير الخارجية الأردنية أيمن الصفدي، تسعى إلى بلورة رؤية موحدة تجاه عدة قضايا منها إيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا والصراع العربي الإسرائيلي وطبيعة المواجهة المستقبلية مع قوى اقليمية أخرى قُبيل عقد القمة العربية في تونس.
لا شك أن واشنطن تقف وراء هكذا اجتماعات تنسيقية للأدوار وليس مستبعداً حضور ممثلين عن دول أخرى إقليمية أو دولية بصفة غير رسمية للاجتماع. وإن كانت واشنطن تقف وراء اجتماعات كهذه، فلها كل الشكر لأنها تستطيع جمع العرب في وقت قياسي للتباحث في شؤونهم ومستقبلهم كونها تستطيع جس مكامن الخطرلدرئها عنهم.
من المهم هنا الوقوف على أن لقاء كهذا وفي البجر الميت له دلالات جيوسياسية. أولها أن اللقاء سيركز على موضوع الصراع الإسرائيلي العربي والقضية الفلسطينية وأنه لا بد من إنهاء حالة الاحتقان وانسداد الأفق الذي وصلت إليه المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تمهيداً للتطبيع الشامل الكامل مع إسرئيل التي باتت اليوم حليفاً إقليمياً ضد إيران ووضد عدد من القوى التي تسعى للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط في ظل تتافس دولي على رقعة شطرنج المنطقة. وثانيها، أن صفقة القرن التي سرَبت مصادر أميركية بعض بنودها لا يمكن أن تتم إذا ما كانت تل أبيب خارج السرب. وما التسريبات الأخيرة عن زيارات مسؤولين عرب إلى إسرائيل والعكس إلا من أجل الوصول إلى هذه المسألة عبر معرفة ردة فعل الشارع العربي الذي ما عاد يأبه إلا بقوت يومه.
السؤال الأهم هو: هل ستعيد تلك الخلوة سوريا والعراق إلى الحاضنة العربية ليلعبا دوريهما بشكل أكبر بعيداً عن الجاذبية الإيرانية أم أن هذا اللقاء سيفشل في فك شيفرة اربتاط وتشابك الأجندات السورية والعراقية بإيران؟ هل ستتمكن الدول المجتمعة من تحليل وتحديد مكامن الخطر القادم وحل الصراعات القائمة وإيجاد سيناريوهات حلول للأزمات التي عصفت بالعالم العربي منذ عقود طويله؟ الجواب ليس في البحر الميت حتماً بل في واشنطن.
تأتي خلوة البحر الميت وسط جدال قائم بين دعوة سوريا لحضور القمة العربية القادمة في تونس في 31 مارس 2019 أو ترك الباب موارباً قليلاً مع الحكومة السورية لحين عودة الاستقرار الكامل في ربوع سوريا في ظل هزائم متلاحقة للتنظيمات المسلحة. هل هناك بوادر لأن يكون هذا التحالف العربي بديلاً لمجلس التعاون الخليجي؟ وهل يمكن أن يكون التحالف المرجو فقط سياسياً وعسكرياً للوقوف في وجه الدول المحورية في المنطقة ومنها إيران وتركيا؟
يبدو أن بعض الدول الخليجية لا تزال مترددة بشأن تطبيع العلاقات مع سوريا، وعودة دمشق للجامعة حتى مع استئناف التمثيل الدبلوماسي وعودة الطيران بين عواصم تلك الدول مع دمشق. كما أن بعضها لا يزال ينظر إلى الحكومة العراقية من منظور ثلاثي الأبعاد. وهل كانت زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لبغداد من أجل التوصل الى صيغة وسطية بين الحكومة العراقية ودول التحالف الست؟
في الأمس القريب لعب الرئيس السوداني امتحان جس النبض مع القيادة السورية في مدى قبولها عودة العلاقة مع بعض الأنظمة العربية ومنها الخليجية، وكان الرد إيجابياً إلى حد ما مع تحفظات على البعض منها حتى إثبات حسن النوايا. واليوم يلعب الأردن دورالوسيط بين الدول العربية ودمشق وخير مثال على ذلك ما أعلنه منذ أيام رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة أن الأردن دعا رئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ إلى حضور أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي سيعقد في عمَان في مارس المقبل. وكان رئيسا المجلسين قد التقيا في أكتوبر 2017 في سانت بطرسبرغ. وأعلن الأردن الأسبوع الماضي تعيين قائم بالأعمال برتبة مستشار في السفارة الأردنية لدى سوريا. وحين تزور وفود تمثل شركات طيران عربي دمشق تمهيداً لبحث إمكانية إعادة استخدام المجال الجوي السوري، فإن ذلك يعني أن الأمور باتت قاب قوسين أو أدني من عودتها إلى طبيعتها.
ولكن يبقى الهاجس الأول: هل التهديد الأول للدول المجتمعة: إيران أم تركيا أم كلاهما أم غير ذلك؟ وهل سنشهد حرباً ربيع هذا العام؟ وهل ستكون ساح بعض الدول العربية المجتمعة وأجواؤها مسرحاً لتلك العمليات؟ وما مصير صفقة القرن إذا ما اندلعت حرب إقليمية؟ وأين ستقف كل من سوريا والعراق؟
إن اجتماعاً فجائياً من هذا النوع وعلى عجل يكشف أهميته ما نشره موقع معهد السلام الأميركي الذي نشر تقريراً قبل أيام حذَر فيه من أن إيران وإسرائيل تتجهان نحو مواجهة كبرى في سوريا. وأوضح التقرير أن إسرائيل لديها قلق دائم من التواجد العسكري الإيراني على حدودها الشمالية، خاصة في سوريا. كما أن ضباطاً في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اظهروا قلقاً بالغاً من البنية التحتية لصواريخ حزب الله وأنه قد تندلع حرب على جبهات متعددة وفي أماكن بعيدة. وستكون تلك المعارك على الأرض وفي الجو وفي البجر وتشمل كذلك الحرب السيبرانية وحرب المعلومات والإعلام.
كاتب اردني مقيم في واشنطن

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012