أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


حامد العبادي يكتب : صحفي يتذكر " 3 " ..حظر دخولي " الأمن العام " بسبب تحقيق صحفي

بقلم : حامد العبادي
10-02-2019 04:10 AM

بدأت العلاقات الأردنية السورية بالتطور نحو الأفضل ،بعد ان قام الرئيس الراحل حافظ الأسد ' رحمه الله ' بالحركة التصحيحية في 16 تشرين الثاني 1970 ،وقد كنت يومها طالبا في السنة الثانية بكلية الآداب بجامعة دمشق .
وشاهدت على التلفزيون السوري سمو الأمير الحسن ولي العهد انذاك حيث كان في زيارة لسوريا لتقديم التهاني باسم جلالة الملك الحسين 'رحمه الله ' للقيادة السورية.
العلاقات قبل الحركة التصحيحية في ظل نورالدين الاتاسي رئيس الدولة السورية وصلاح جديد الامين المساعد لحزب البعث كانت على اسوأ مايكون خاصة بعد التدخل السوري في احداث ايلول 'المؤلمة ' 1970 ،ومن قبل في تفجير سيارة بمركز حدود الرمثا 21 ايار 1967 عشية حرب حزيران 1967 ،حيث ادى الانفجار لقتل وجرح العديد من الابرياء .
بدأت بعد الحركة التصحيحية لقاءات المسؤولين بين البلدين للنهوض بمستوى العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاعلامية والأمتية حتى اننا في الاردن وحدنا الرتب العسكرية مع سوريا 'نقيب بدلا من رئيس ' ورائد بدلا من رئيس اول وعميد بدلا من زعيم .
وفي مجال الاعلام كانت وسائل الاعلام في البلدين تبث برامج مشتركة يشارك فيها المذيعون من البلدين ،سواء على مستوى برامج الاذاعة او التلفزيون ،او على مستوى التعاون بين وكالتي الانباء في البلدين 'و ا أ بترا فيما بعد وسانا'.
والاهم من كل ذلك هو انه اصبح هناك مركز حدود موحد في كل من الرمثا ودرعا ،بحيث المسافر المغادر او القادم يختم جوازه في مركز واحد 'مغادرا قادما ' فكل مركز يضم افرادا اردنيين وسوريين من اجهزة الامن والجمارك في البلدين فالمسافر ينهي اجراءات مغادرته وقدومه في مركز واحد. .
كنت مندوبا صحفيا في صحيفة 'الشعب ' الموؤودة ' في عامي 1976 و1977 ،وتم تكليفي باجراء تحقيق صحفي عن مزايا مركز الحدود الموحد وبالطبع بالتنسيق مع الامن العام حيث كان رئيس الاعلام النقيب احمد عويدي العبادي
'الدكتور والنائب لاحقا ،وكانت مديرية الامن العام ضمن المناطق الاخبارية التي اغطيها للصحيفة.
في مركز حدود الرمثا كان معنا النقيب احمد عويدي العبادي ،ليسهل لنا مهمتنا في مركز الحدود كضابط امن مسؤول عن الاعلام في مديرية الامن العام .وكان معنا الزميل المصور عبدربه حواجره رحمه الله .
تناولنا طعام الافطار في احد مطاعم الرمثا ،ثم توجهنا الى مركز الحدود الموحد في الرمثا في جانبيه الاردني والسوري،وبدأت توجيه الاسئلة للمعنيين من رجال أمن وجمارك ،فكانت اجاباتهم ايجابية وان السرعة حلت بدلا من البطء في التسهيل باستكمال الاجراءات بحيث لا تكون هناك اي اعاقة .
وحقيقة سررت بالمعلومات التي حصلت عليها من الضباط من الجانبين ،واعتقدت ان الامور بخير ،وان معاناة المسافرين من التأخير في انهاء الاجراءات قد انتهت .
تحولت الى اجراء لقاءات مع مسافرات ومسافرين وبالصدفة كانت احدى المسافرات قريبة لزميل لي مع زوجها واعتقد انهما كانا في شهر العسل .
في مقابلاتي مع المسافرين نفوا ما ابلغني به ضباط الامن وموظفو الجمارك ،فقد اكدوا ان الاجراءات قبل المركز الموحد كانت افضل ،حتى انهم قالوا ان الاجراءات كانت تستغرق نصف ساعة وكنا نعتبرها بطيئة ،ولكن في عهد المركز الموحد اصبحت الاجراءات تستغرق ساعتين .
المهم عدنا الى عمان ،وطلب مني صديقي النقيب احمد عويدي العبادي ان اعرض التحقيق عليه ليعرضه على مدير الامن العام اللواء الركن غازي عربيات ' رحمه الله ' قبل النشر،فقلت ان شاء الله .
جلست في مكتب المندوبين في الصحيفة وبدأت بكتابة التحقيق مقدمة ومضمونا وخاتمة واخذ ذلك مني وقتا ليس بالقليل .
ابلغت مدير التحرير الزميل عاكف حجازي بطلب الصديق النقيب العبادي عرض التحقيق على الامن العام قبل النشر،قال الاستاذ عاكف :القرار لك .قلت :انا ارفض عرض التحقيق على الامن العام لانه في هذه الحالة لا يعجبهم ويمكن ان يعدلوا ويضيفوا وفي هذه الحالة اصبح التحقيق اعلانا ،وهذا مرفوض ،ومهما حصل لن اعرض التحقيق على الامن العام قبل النشر بل سيشاهدونه على صفحات الصحيفة وافقني الاستاذ عاكف حجازي على قراري وتم نشر التحقيق دون عرضه على الامن العام .
وهنا غضب صديقي وقريبي النقيب احمد عويدي العبادي الذي احترمه ،وقال لي :تقرر حظر دخولك مديرية الامن العام واسمك على الباب ممنوع دخولك ،طبعا هنا اصبحت في حيرة ،فمديرية الامن العام ضمن المناطق الاخبارية التي اتولى تغطية اخبارها .
لا انكر انني سببت حرجا لاخي النقيب احمد العبادي امام مدير الامن العام الا ان الامانة الصحفية تتقدم على العلاقات الشخصية .
وفي يوم ذهبت انا والاستاذ عاكف حجازي الى جبل الحسين لزيارة صديق في المنطقة هو رئيس شرطة جبل الحسين عبداله حامد الشهوان ،اوقفت سيارتي على يمين الشارع الرئيس ،واوقف الاستاذ عاكف سيارته في دخلة ،جاءني الشرطي وكنت مازلت في السيارة وقال :انت مخالف،اجبته :لم انزل بعد من السيارة وساصفها في الدخلة ،اصر على مخالفتي ،وتدخل اخي عاكف وقال :الزلمة مانزل من السيارة ،قال بدي اخالفه فرد عليه عاكف :هذه بلطجة .المهم تركنا الشرطي وتوجهنا الى شرطة الحسين لزيارة الصديق الشهوان .
بعد ايام من تلك المخالفة ،تم ابلاغنا انني والاستاذ عاكف مطلوبان الى مدير الامن العام اللواء الركن غازي عربيات 'رحمه الله ' .
توجهنا الى مديرية الامن في مبناها في العبدلي،وكان هناك ملازم اول اجلسنا في مكتبه وكان الوقت صباحا ،اخبرنا الملازم ان مدير الامن خارج المديرية وسيعود الساعة الواحدة ،فقال الاستاذ عاكف :نذهب ونعود في الوقت المحدد ،فرفض الملازم ،فرد الاستاذ عاكف يعني 'حجز ' .واتصل عاكف بالعميد غصاب القاضي مساعد مدير الامن رحمه الله وشرح له الامر فامر بفك 'حجزنا ' على ان نعود في الواحدة لمقابلة مدير الامن العام .
عدنا في الوقت المحدد ،وشاهدنا في مكتب سكرتير غازي باشا الشرطي الذي خالفني واصبحت رتبته 'رقيب ' بينما عندما خالفني كانت رتبته عريفا .
دخلنا الاثنان وثالثنا الشرطي الى مكتب الباشا ،فوقفنا ثلاثتنا في محاكمة ،عاكف يمينا وانا يسارا ويتوسطنا الرقيب .
انتبه الباشا الى رتبة الرقيب وقال انت في الشكوى عريف ،والان رتبتك رقيب
'شاويش ' لو كنت ترفعت قبل كان ما صارت المشكلة ،طبعا هو ترفيعه تم حسب دوره ،لكن جاءت مصادفة مع شكواه .
قال الرقيب : ياسيدي هذا الشخص وكان يشير الى الاستاذ عاكف قال انه نحن بلطجية ،اما هذا وكان يشير الي اعطاني رخصه ولم يخطىء .
.قال مدير الامن العام : مادام ما غلط وكويس كان سامحته .
رد الاستاذ عاكف وقال :نعم انا قلت انها بلطجة في ضوء ان الزميل حامد تصرف بكل ادب واعطاه الرخص وهو مازال في سيارته الا ان الشرطي اصر على المخالفة .
بعدها طلب الباشا من الشاويش مغادرة المكتب وبقيت انا وعاكف ،فقال الباشا تفضلوا اجلسوا ،انا اسف ،لكن لا يجوز ان تجلسوا ويكون الشرطي واقفا .
تحدثنا مطولا واستمعنا الى حديثه يرحمه الله الذي يعكس حبه وانتماءه للاردن .
قال له عاكف : حامد ممنوع دخول مديرية الامن العام وهو مندوب الصيفة ' الشعب ' لدى الأمن العام وان من منعه هو قريبه النقيب احمد عويدي العبادي .سألني :من اي عبابيد ،قلت له من يرقا .فقال مداعبا انا معك ضد احمد .
خرجنا من المكتب ،وودعنا الباشا على الباب فشاهد النقيب احمد عويدي فقال انت مانع حامد يدخل مديرية الامن العام .
اخي وصديقي احمد عاتبني وقال :انت شاكيني ،قلت : لا والله ،وشرحت له الامر لانني حريص على علاقتي الطيبة معه والمستمرة بفضل الله حتى اليوم

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-02-2019 10:17 PM

ارشيفك ممتع جدا اخي الاستاذ حامد ويعيدني الى الوراء (المتقدم والافضل )

2) تعليق بواسطة :
10-02-2019 02:10 AM

رائع أبا علاء تعيدنا إلى الزمن الجميل برغم صعوبته , تابع وتسلم بعون الله .

رد من المحرر:
تسلم أخي وزميلي الصحفي الوطني المخضرم أبا مازن،بعض ماعندكم وأنت صاحب القلم المشهود له بالذود عن الوطن الذي نعشق..نعم كان زمنا جميلا برجاله الذين لم ينحنوا الا لله .تحياتي واحترامي لشخصكم النبيل .

3) تعليق بواسطة :
10-02-2019 11:26 PM

تحياتي أيها الصحفي العملاق النقي الطاهر نظيف اليد
ابا علاء من رجالات الصحافة في الزمن الجميل فلم يغير مبادئه ولم تغريه النقود والمواقع . ورحم الله اياما كانت فيها الصحافة والإعلام حقا تعبر عن ضمائر ابناء الوطن وهمومهم واحتياجاتهم وليست أوراقا صفراء.

رد من المحرر:
أشكركم ابن العم العزيز د .أبا باسل على جميل ونبل مشاعركم نحوي ، وأعتز بشهادتكم النابعة من رؤيتكم الصادقة كأستاذ اكاديمي نحو الصحافة والاعلام بين الامس واليوم . ما حققته في مسيرتي المهنية عبر اكثر من اربعة عقود هو بجهدي وجدي ومهنيتي وليس بدفش من هذه الجهة او تلك . لكم مودتي واحترامي داعيا الله ان يحفظكم ويوفقكم .ابوعلاء

4) تعليق بواسطة :
11-02-2019 07:33 AM

ذكريات جميلة من زمن جميل .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012