أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


رهانات مؤتمر وارسو على مقايضة العرب بمواجهة ايران مقابل تمرير صفقة القرن

بقلم : د . عمر الرداد
12-02-2019 07:08 AM

من المقرر أن تنطلق القمة التي دعت إليها الولايات المتحدة “12-14” شباط الحالي في العاصمة البولندية “وارسو” يوم الثلاثاء،بمشاركة حوالي ثمانين دولة، هذه القمة التي شكل الحشد لها جوهر جولة وزير الخارجية الأمريكي “بومبيو” التي تمت في المنطقة خلال الشهر الماضي،الذي أكد أن هدف القمة هو “دفع إيران للتصرف كدولة طبيعية،إضافة لقضايا الشرق الأوسط وضمان عدم وجود تأثير إيراني يزعزع الاستقرار في المنطقة”، وقد جاءت الدعوة لهذا المؤتمر بعد الحديث عن إعادة إنتاج خطاب تشكيل ناتو عربي في المنطقة لمواجهة إيران، وفي إعقاب التوجهات الأمريكية للانسحاب عسكريا من سوريا .
ولاحقا ،وبصورة مفاجئة تبين من خلال التصريحات والبيانات الإعلامية حول القمة أنها ستبحث القضية الفلسطينية،وسيتم على هامشها الإعلان عن محاور صفقة القرن، من قبل مهندسها “كوشنير”،وهو ما لم يتم الإعلان عنه الا خلال اليومين الماضيين.
علامات استفهام تطرح في أوساط متعددة تستبطن شكوكا عميقة حول احتمالات نجاح المؤتمر وقدرة أمريكا على تمرير صفقة القرن،وجوهرها سلام اقتصادي مقابل دولة فلسطينية “هلامية” رغم ان بعض مفاصلها تم تطبيقها بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل،والتضييق على اللاجئين ،تمهيدا لإنهاء حق العودة.
سبب هذه الشكوك مرتبط بعدم وجود طرف فلسطيني يقبل بما هو مطروح في ظل مواقف معلنة لمنظمة التحرير والسلطة برفض قبول الدعوة الأمريكية للمشاركة بالمؤتمر،بالإضافة لمواقف حركة حماس الرافضة للصيغ المطروحة، رغم رهانات أمريكية وأوروبية، خلال العام الماضي على أن تغييرا قد طرا على مواقف حماس،بضغط من أطراف عربية وإسلامية، تم التعبير عنها بما تردد حول هدنة طويلة الأمد تم انجازها مع إسرائيل، يضاف الى ذلك الموقف الروسي الحاسم بمقاطعة المؤتمر وعقد موسكو لقاء مصالحة للفصائل الفلسطينية، علاوة على مواقف أوروبية لا تتفق مع المقاربات التي تطرحها صفقة القرن.
واضح أن الرهانات الأمريكية والإسرائيلية، في تمرير”صفقة القرن” تستند لمقاربة مغلوطة،مفادهامساومة العرب بتحييد الخطر الإيراني، بعد نجاح طهران في اختراق أربع عواصم عربية،مقابل ممارسة ضغوط على الفلسطينيين للقبول بصفقة القرن، وقناعات القيادة الإسرائيلية بتسويق انفتاحها على دول الخليج العربي، استنادا لمواجهة الخطر المشترك”إيران”، وان هناك إمكانية لتطبيع واسع مع كثير من الدول العربية،دون التوصل لاتفاق يلبي طموحات الفلسطينيين، ومن الواضح وفقا لتصريحات القيادات العربية انه ليس من زعيم عربي يملك ترف التفاوض نيابة عن الفلسطينيين،بمن فيهم القيادة السعودية،التي تخضع لضغوط متزامنة على خلفية مقتل الصحفي السعودي بالقنصلية السعودية”جمال خاشقجي”، وهو ما يطرح تساؤلات عميقة حول الدور التركي بطرح “قضية خاشقجي” مجددا ،وبتصعيد اكبر، وفيما إذا كان هذا التصعيد بتوافق مع أمريكا وإسرائيل، لدفع السعودية لاتخاذ موقف ايجابي من الصفقة؟ املا بتغيير الموقف الامريكي تجاه الدور التركي شرق الفرات في سوريا، وتحديدا الموقف من الاكراد.
إن الرهانات الأمريكية والإسرائيلية على موقف سعودي يمكن أن يتعاطى مع صفقة القرن، مقابل مواقف أمريكية تجاه إيران، تغيرت في إطار تحولات عميقة في علاقات السعودية ، بعد مقتل خاشقجي،إذ أن الخطر التركي اليوم بالنسبة للسعودية،اكبر بكثير من الخطرالإيراني،فلم تتعرض إيران للقيادة السعودية كما تفعل تركيا، وهي مسالة حاسمة بالنسبة للسعوديين، الذين يدركون انخفاض مناسيب الحملات الإعلامية التي تشنها طهران ضد الرياض.
من جانبها تدرك إيران حجم استهدافها في هذا المؤتمر،لذا جاءت التصريحات الإيرانية التي وردت على لسان وزير الخارجية الإيراني” جواد ظريف” بان هذا المؤتمر تعبير عن ضعف ويأس الولايات المتحدة،ويبدو أن المؤتمر سينجح في اتخاذ قرارات ضد إيران خاصة وان دول الاتحاد الأوروبي تشاطر الولايات المتحدة المخاوف من إيران ومخاطر تحركاتها في الإقليم وتهديدها للاستقرار،وربما كان في فشل الاتحاد الأوروبي بإيجاد صيغة تخرجه عن الفهم الأمريكي بالتعامل مع العقوبات التي فرضتها أمريكا ما يؤكد أن الموقف الأوروبي سيكون بالمجمل ضد إيران.
وإذا كانت أهداف المؤتمر تحددت ب: التضييق على إيران ولجم تهديدها للمنطقة، تمرير صفقة القرن، وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتطرف، فان المرجح انه في الوقت الذي ستحقق فيه أمريكا استقطابا دوليا ضد إيران وفي مكافحة الإرهاب،فان جهودها باتجاه تمرير صفقة القرن لن يكتب لها النجاح، فقد اثبت التاريخ ،منذ أوسلو، انه بدون طرف فلسطيني يتعاطى مع أية مبادرة فلن يكتب لها النجاح،خاصة وان السياقات التي أنتجت مبادرات سلام في مراحل مختلفة تغيرت وبشكل عميق، ليس فقط بالنسبة للعرب، بل بالنسبة لإسرائيل، التي أصبحت أهدافها الإستراتيجية اليوم درء خطر منظمة حزب الله، والمليشيات الإيرانية في سوريا، وصواريخ حماس من قطاع غزة،وتبني جدارا يفصلها عن الضفة الغربية،بعد ان كانت”أرضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات”.
كاتب اردني

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012