أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الحكومات الاردنية مارست اللعب مع الزمن

بقلم : أحمد عبدالباسط الرجوب
17-02-2019 06:14 AM

انتهجت حكومات بلادنا المتعاقبة خلال العقدين الاخيرين عدة استراتيجيات للسيطرة على عقول ومُقَدَّرات وأموال الشعب، وبالتالي توجيه سُلوكهم والسيطرة على أفعالهم، وهذه الاستراتيجيات تتبنى اليات وخطط إلهاء الناس وإغراقهم بالكثير من الوسائل لتحويل أنظار الرأي العام عن الخوض ومتابعة القضايا السياسية أو الاقتصادية وفي هذا الاتجاه المحافظة على اهتمام الرأي العام بعيدًا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية لجعله مفتونًا بمسائل لا أهمية حقيقية لها وابقائهم مشغولين، مشغولين ، مشغولين، لا وقت لديهم للتفكير، وعليهم العودة إلى بيوتهم مع ما يحملون من الهموم المعاشية والحياتية من البطالة وارتفاع الاسعار وتدني الاجور وغيرها من الارهاصات التي تؤرق الناس جميعا على اختلاف انماطهم ومشاربهم .
كثيرا ما اقدمت الحكومات المتعاقبة في بلادنا باختلاق الأزمات وفي نفس الوقت تقديم الحلول المَدْروسة لها مسبقًا وذلك لإظهار ما يدور في فكر الشعب وأخذ ما يمكن من حقوقهم للسيطرة عليهم ونهب وبيع مقدرات البلاد. مثلا كافْتِعال أزمة اقتصادية تؤثر على الشعب وتدمي ما لديه من حياة كريمة، ومن ثم يتم تقديم حلول حتى يرضى بالقليل القليل ليبقي على قوت يوم يكفيه هو وعائلته فقط والسلام!... وأيضا السماح بانتشار الاحتجاجات المكانية والخلافات بين الأشخاص حتى تكون اليد الطولى للأمن على أنهم يطبقون الأمن وتقديم الأمان للشعب، وذلك لكي يحدوا من حرية الناس واتخاذ الإجراءات الإدارية لمن هم دائمي الاعتراض والانتقادات للحكومة وتقييد حراكاتهم (مع تحفظنا على آلية ومن يقود هذه الحراكات) والزامهم طواعية الامتثال الى ارادة المحافظ او الجهات الامنية وتوقيعهم على تعهدات بعدم تكرار اية احتجاجات وفي حال تكررت سيذهب الى ' عند خالته ' الصيغة المتعارف عليها كما لدى الشارع.
من خلال متابعاتنا لبرامج الحكومات المتعاقبة وخاصة فيما يتعلق بالقوانين الناظمة للحياة السياسية او الاقتصادية او تغيير بعض القوانين او الترويج لبعض الخطط الاستراتيجية التي تستخدمها الحكومات للسيطرة على الشعب وبطريقة لا يمكن للشعب أن يقاومها ولا يرفضها وهي استراتيجية التَّدرُّج لتمرير (قرار ما لا يحظى بالقبول الآني من الشعب)، يتم طرحه على أنه سوف يتم تنفيذه بالمستقبل ولكنه سيكون قرارا مؤلما للجميع - هذا ما يُصِوِّروه للشعب وهو لمصلحة الشعب والدولة في آن معا - ، وبالتالي لا تُقابل ولا تُواجه الحكومة مواجهة مباشرة هي ليست مستعدة لها ومع مرور الوقت سوف يتقبل الشعب هذا القرار الذي سيأتي لا محالة ،ولكم ان تتخيلوا معى الاحتجاج العارم الذي صاحب القانون المعدل لقانون الضريبة في حزيران / يونيو 2018 والذي ادى الى اقالة حكومة الملقي والاتيان بحكومة الرزاز والمفارقة انها الاخيرة قدمت نفس القانون وتم تمريره بالقنوات البرلمانية ودونما اية احتجاجات شعبية او نقابية تذكر اي ان سياسة التمرير هى كلمة السر لتمرير ما تريدة الحكومات على شعبنا وان تبدلت وجوه قباطنة الحكومة في الزمان لكنة نفس المكان سرايا الرابع .
وفي ذات السياق كثيرا ما كانت تقوم الحكومات وخاصة في العقد الاخير بالتخطيط لتغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية حتى يتم السيطرة على الشعب وكأنهم في حالة من التنويم المغناطيسي بحيث يصحى المواطنون في الصباح على وقع تغيرات تطال حياتهم وحياة اسرهم وتأتيهم بطريقة الصدمة الفجائية والتي لا يملك عندها المواطن الا ان ينحي برأسه حتى لا تحرقه شظايا تلك الصدمة.
إن حالة اليأس والغضب التي تسيطر على الشعب الاردني نتيجة الاجراءات الحكومية غير المدروسة واستخدامها الأسلحة الصامِتة لتنفيذ مشاريعها على رقاب المواطنين والتي كان من نتاجها تفاقم مشاكل البطالة والجوع وارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة الأساسية منها وعلى النقيض من قائمة السلع الحكومية والتي ادعت تخفيض الضرائب عليها والتي أحدثت كما يعلم الجميع لغطا شعبيا واسعا لاحتوائها على مواد اثارت السخرية نترفع عن ذكرها في هذا المقال، ناهيك عن تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية ،وفي ذات السياق فأن سلسلة القرارات الاقتصادية الحكومية، كشفت عزلة متخذيها عن واقع الناس وهمومهم، وتفريطهم بمصالح غالبية المواطنين لصالح قلة من المرتبطين ببرامج صندوق النقد (الإفقار) الدولي.
خلاصة القول اعتقد جازما بأن حكومات بلادنا قد اعتراها حملان اضافيان هما الهرم في بعض كادرها من جهه وقلة الخبرة وضعف الاداء والاجتهاد من جهة اخرى ناهيك عن غياب الانسجام الداخلي بين اعضائها ، وبالتالي تفتقر الحكومات الى الابتكار والتسخير الأمثل للموارد والعقول، وأن الحكومات ولضمان استمراريتها في أداء مهامها ومواجهة تحديات العصر الراهن ومتطلبات المستقبل تحتاج إلى عقول وكفاءات متسلحة بالعلم، تواكب التطورات التكنولوجية، وتتميز بالتجدد والإبداع لأن العالم الذي نعيش فيه اليوم أصبحت فيه حركة العقول والمواهب والمعلومات مفتوحة، كما لم يحدث في تاريخ البشرية من قبل، وقد أصبحت مدن العالم المختلفة تتنافس لتوفير البيئة الأذكى، والأكثر إبداعاً لاستقطاب هذه المواهب، والاستفادة منها لبناء قوتها وتميزها وزيادة تنافسيتها...
وختاما ونتيجة لما تقدم نستطيع القول بأن اصل المشكلة هو أن الكثير من حكومات بلادنا المتعاقبة تعيش في ارهاصات القرن الماضي من الزمن (القرن العشرين) ولا تزال تتناول هموما كانت تؤرق مجتمعنا وحياتنا في ذاك الزمان الغابر ولا تزال هذه الحكومات تعكس هموم المجتمع آنذاك، مثل غلاء الاتصالات، وصعوبة انتقال البيانات ومركزة الادارة الحكومية ، ولهذا تتألف الحكومات من وزارات وأجهزة ذات هياكل تنظيمية هرمية التسلسل منغلقة على نفسها، تختص كل منها بوظائف محددة، مثل حفظ الأمن، وتحقيق العدل ، ولهذا فقد بات حتميا ومن الضروري إصلاح هذه الحكومات والذي قد طال انتظاره من خلال الاتيان بحكومات عالية الاداء لها برامج هادفة محددة في وقتها وتنفيذها...

حماك الله يا وطني ...
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012