أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الحوادث الأمنية وغياب مسؤولية الدولة المجتمعية … اتساع فجوة مطالب توزيع التنمية

بقلم : أحمد عبدالباسط الرجوب
19-02-2019 04:46 AM

تابعنا ببالغ من الألم الحوادث المؤسفة الاخيرة في بلادنا والتي نتج عنها حالات الوفاة التي نترحم على ارواحهم، وكم كنا نتمنى ان لا تراق قطرة دم واحدة او يجرح فيها مواطن او رجل امن، حيث انهم جميعا أبناء وطن وثروة وراس مالنا نعتد بها ،وبحكمة العقلاء من المسؤولين والامنيين ووجهاء العشائر والذين كان لهم الدور المسؤول في تطويق هذه الازمات الدخيلة على مجتمعنا والتي نتمنى ان لا تتكرر بفعل يقظة ووعي المواطن الأردني وقدرة وحكمة رجال الامن على ضبط النفس وهم على الدوام الضامنون لامن البلاد والعباد حماهم الله…
وفي تحليلنا لمشهد تلك الحوادث فإن غياب المسؤولية المجتمعية للدولة وغياب عدالة توزيع التنمية على محافظات الوطن وعدم رعايتها (أي الحكومة) من منطلق ولايتها العامة لفئات الشعب وخاصة الشباب فئة المتعطلين عن العمل وظروفهم النفسية وانعكاسات ذلك على الاسر والمجتمع والذي نتمنى ان نرى مشاريعا استثمارية تخلق الاف فرص العمل لأبنائنا وبناتنا وما في ذلك من رفد للاقتصاد الوطني وراحة لأسرنا الاردنية التي تنتظر بفارغ الصبر ايجاد فرص العمل لأبنائهم من خريجي الجامعات والمعاهد المتكديسين في البيوت وبما يخفف من الاحتقان الاسري وتحقيق العدالة الاجتماعية لأهلنا في الوطن الاغلى …
تطبع المجتمع الاردني ظاهرة عامة وان اختلفت من حيث الدرجة والتأثير تتمثل في التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة وانتشار الفقر والانكشاف والهشاشة وضعف الحماية الاجتماعية نتيجة سوء توزيع الدخل والثروات والقيم في المجتمع. هنا يكون على الدولة ان تتدخل من اجل رفع الحيف والظلم الاجتماعي والاقتصادي والتخفيف من حدة التفاوت وعدم المساواة. وعند تدخلها هذا يكون نظامها السياسي حينئذٍ بصدد تأدية وظيفته التوزيعية التي يرجى منها تحقيق العدالة التوزيعية بوصفها غاية يرمي اليه أي تجمع بشري كيفما كانت عقائده السياسية ومهما اختلفت بناه الاجتماعية وكيفما كان مستواه الاقتصادي…
عملت الحكومات الأردنية المتعاقبة على طرح عدد من البرامج الاقتصادية والثقافية لتحقيق رفاهية المجتمع وضمان سند اجتماعي واقتصادي له من اجل استقرارها والحفاظ على شرعيتها ، لكن على الرغم من تحقيقها بعض النجاح على هذه المستويات فان اخفاقها في تحصين المكتسبات والمنجزات وتطويرها أدى الى اكتشاف عن عدم قدرتها على مواصلة تطبيق برامجها المعلنة وإنتاج بدائل اقتصادية وسياسية تعكس طموحات شرائح المجتمع ورغباتها ولا سيما ان بعضها استفاد من سياسة الخصخصة والاستيراد المكثف نتيجة الطفرة في مداخيل الحكومات من الدعم والهبات العربية والدولية بغية تحقيق استقرار العلاقة بين الدولة والمجتمع الا ان تهميش شرائح كثيرة من المجتمع دفع بها الى المطالبة بحصتها من الاستهلاك وبإصلاح الوضع الاقتصادي المتدهور فضلا عن توزيع اكثر عدالة للثروة ، إضافة الى ذلك بدا الوضع الاقتصادي المتردي يضغط على الشرائح الاجتماعية عموما والشابة منها (فئة المتعطلين عن العمل) خصوصا مما أدى الى فقدان الثقة بالحكومة ورموزها ومؤسساتها ووعودها وبرامجها ، حتى ان النخب والاسماء السياسة المعروفة للناس أصبحوا غير قادرين للعودة الى مناطقهم الجغرافية بسبب سوء أدائهم خلال خدمتهم العامة واصبحوا غير مرغوبين مجتمعيا وهذا يندرج على رقعة الوطن الجغرافية عموما..
تنبع أهمية الوظيفة التوزيعية من عوامل عدة : انها جوهر العملية السياسية ومقياس فاعلية أي نظام كما انها شديدة الارتباط بالتنمية الاقتصادية التي يرتهن لها تلبية المطالب التوزيعية والتي ترتبط بدورها بالوظيفة التطويرية للدولة بما تعنيه من تطوير للنظام السياسي حيث تقدم الاطار التنظيمي والاليات والأدوات القانونية اللازمة لتنظيم الوظيفة التوزيعية وتحقيقها، وترتبط بها أيضا درجة الاستقرار والعنف السياسي اللذين يشهدهما أي مجتمع انطلاقا من كونهما ردة فعل على اخفاق النظام السياسي أو ضعفه في أدائه وظيفته التوزيعية، وتشير مشكلة عدم العدالة التوزيعية الى وجود خلل في المقدرة التوزيعية للنظام السياسي الذي يتخذ شكل اتساع الفجوة بين المطالب التوزيعية من جانب وقدرة النظام على الاستجابة لها من جانب آخر….
وللتذكير فان معظم المطالب التي شهدتها البلدان العربية كانت حركات احتجاجية او حوادث ما سمي بـ “الربيع العربي” كان لها ارتباط بالعدالة الاجتماعية والعدالة التوزيعية وتدل كلها على ضعف الأنظمة السياسية في أداء وظائفها على الرغم من ان كثيرا من التقارير التي صدرت عن منظمات وهيئات دولية او إقليمية او محلية يتعلق بضرورة تحقيق حد أدني من العدالة الاجتماعية للإنسان العربي الكرامة والامن، الامر الذي كان من شأنه ان يجنب هذه الأقطار مخاطر العنف الذي يتخبط فيه بعضها…
العدالة الاجتماعية مبدأ اساسي من مبادئ التعايش السلمي داخل الامم وفيما بينها الذي يتحقق في ظلة الازدهار ، والهدف من العدالة الاجتماعية هو توفير الحياة الكريمة لكافة المواطنين في ظل دولة تحترم الدستور والقانون … إن أكثر ما يفتقده الاردنيون هو معني العدالة، وأكثر ما يكرهونه هو استبداد وتوحش الظلم الاجتماعي بالذات، فالغالبية الساحقة من الاردنيين اصبحت تحت خط الفقر المدقع والنسبي، والطبقات الوسطي تنزلق بسرعة مجنونة إلي حافة هاوية البؤس، وتكاد لا تسلم سوي (مجموعة ناجية) طافية، لا تمثل سوي عشرة بالمئة من الشعب الاردني، أعلاها طبقة المتنفذين من علية القوم والبزنس والذين تشكل نسبتهم الواحد بالمئة والتي تسيطر على مفاصل التجارة والاعمال وتحتكر نصف إجمالي الثروة العامة بالتمام والكمال وهم المحظوظون الذين توارثوا كابر عن كابر موروث الجاه وتوارثوا المناصب حتى الجد الرابع ، فهم لا يريدون سوي التجبر علي الفقراء والطبقات الوسطي، ثم لا يهمهم بعدها أن يحترق البلد، فهم يهربون ما اكتنزوه من أموال إلي بنوك الخارج بانتظام، ويستعدون للهرب وقت الخطر علي أول طائرة خاصة…
سوء الإدارة العامة له آثار خطيرة ، ونتائج سلبية على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، ويؤدي الفساد إلى انتهاكات لحقوق الإنسان ، ذلك بأن القرارات التي يفترض أنها تحمي المصلحة العامة تأتي في الواقع بناء على الرغبة في الحصول على المكاسب الشخصية وتؤدي إلى سياسات ومشاريع تزيد من مستوى الفقر بدلا من خدمة المجتمع ، وهذا يعد خرقا لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر عام 1948، حيث تنص المادة الحادية والعشرون ، والثانية والعشرون والثالثة والعشرون “على حق كل مواطن وكل فرد في تقلد الوظائف العامة في البلاد ، وفي الضمانة الاجتماعية ، والحق في العمل ، وحق الحماية من البطالة”.
مطلوب من حكومتنا العتيدة إيلاء النقاط التالية بما تستحق من الأهمية لدرء اية مخاطر مستقبلية عن مجتمعنا وهي:
– وضع برنامج عاجل لمكافحة البطالة وإيجاد فرص العمل للشباب الخريجين المتعطلين عن العمل.
– مطلوب إعادة النظر في عدالة توزيع استثمارات التنمية بين المحافظات وعدم حصرها في حواضر المحافظات والمدن الرئيسية
– التوقف عن منح الخدمات العامة والتمييز في منحها لأشخاص بعينهم لأنهم يمطرونها لمحاسيبهم وخصوصيتهم ويخلق احتقانا شعبيا في أوساط المجتمع.
– عدم تكرار استنساخ نفس الأشخاص في المناصب العامة والذي من شأنه اثار سخطا شعبيا ويزيد من نقمة الأردنيين على الدولة الذي يتنافى مع دولة القانون والمؤسسات والتي يجب ان توفر العدالة للجميع.
– إيلاء العسكريين والامنيين عناية خاصة نظرا لتحملهم العبء الأكبر في تامين الحماية المجتمعية
حمى الله بلادنا الاردنية من كل مكروه وجنبها شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012