أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


من ابي رغال الى العلقمي فابي عبد الله الصغير ثم الى يومنا هذا.. مفاعل انتاج الخيانة لا زال يعمل بكفاءة!

بقلم : أ.د احمد القطامين
20-02-2019 04:29 AM

ابو رغال شخص عربي من ثمود عمل كدليل لقوات ابرهة الحبشي الذي كان في طريقة لهدم الكعبة في نهاية القرن الخامس الميلادي، واصبح اول عربي يرتكب خيانة في التاريخ المعروف. طبعا ابو رغال كان يقوم بتلك الفعلة وهو مقتنع ان لا احد سكيشف فعلته تلك فلم يكن هناك وسائل تواصل فعالة بين الناس في ذلك الزمن لكنه مع ذلك تم كشفه وقتل في مكة ودفن هناك وكانت احدى شعائر الحج الى مكة قبل الاسلام ان يُرمى قبرة بالحجارة .. وتبوأ بجدارة المرتبة الاولى في الخيانة في تاريخ الامة.
اما مؤيد الدين بن العلقمي فقد احتل الترتيب الثاني في تاريخ الامة في قائمة الخيانة. فمع ضعف حكم العباسين للدولة الاسلامية اخذت الامم الاخرى بالتفكير في احتلال الدولة وكان من بين هؤلاء هولاكو القائد المغولي الذي وضع عاصمة الدولة الاسلامية بغداد على رادار نهمه بالسيطرة والعدوان.
قبل عدة سنوات من الغزو بدأ هولاكو بوضع خطته الاستراتيجية لاقتحام بغداد واحتلالها ومن ثم الاندفاع غربا باتجاه بلاد الشام ومصر للسيطرة على مواردهما الهائلة في ذلك الزمان. وكانت واحدة من خططة السرية لتسهيل عملية الغزو ايجاد خلية تجسسية من اهل العاصمة بغداد وظيفتها تزويده بالمعلومات الدقيقة من بيت الحكم نفسه في قلب بغداد فوقع اختياره على شخص يدعي العلقمي يعمل وزيرا مقربا من الخليفة العباسي المستعصم، فكانت اولى المهام التي كلفه بها هولاكو هو اضعاف الجيش من خلال التلاعب في قرارات الخليفة الذي كان معروفا عنه ضعف الشخصية وضحالة العقل فكان للعلقمي ما اراد فقد تمكن من اقناع الخليفة بتوفير الاموال والذهب وعدم صرفها على الجيش لان هيبة الخليفة وسمعته حول العالم كافية لحماية البلاد وردع المعتدين وكان لهولاكو ما اراد .. فضعف الجيش الى الحدود المطلوبة من هولاكو.
ثم امرهولاكو جاسوسه العلقمي بالشروع في المرحلة الثانية من اضعاف الدولة وذلك من خلال نشر الاشاعات التي تهدف لاضعاف الروع الوطنية ونشر النعرات المذهبية والطائفية في المجتمع لنخره من الداخل واضعافه، وكان له ما ارد فقد وصلت الدولة العباسية الى اقصى درجات الضعف وكان ذلك ضروريا لتسهيل مهمة هولاكو في اجتياح بغداد وتدميرها بالطريقة المعروفة فاقتحمها عام 1258 ميلادي ودمر كل معالم الحضارة فيها ومن ثم توجه غربا وسيطر على بلاد الشام ثم توجه جنوبا باتجاه مصر الى ان قابله قطز في فلسطين والحق به هزيمة استراتيجية كبرى في معركة عين جالوت عام 1260 ميلادي التي ادت الى رحيله كليا من المنطقة العربية. وهكذ توج العلقمي بالمرتبة الثانية في الخيانة في التاريخ العربي.
وحدثت خيانات اخرى متفرقة الا انها اقل اهمية في مراحل مختلفة من التاريخ العربي خاصة في الازمنة الاخيرة من الحكم العربي لاسبانيا حيث تبعثرت الدولة المركزية الى عدد كبير من الدويلات التي تحكم كل منها عائلة ملكية وكان الحكام او افراد من العائلات الحاكمة فيها يتعاملون سرا مع ملك اسبانيا بهدف التحريض ضد بعضهم البعض الى ان سقطت الدولة تماما بتسليم ابي عبد الله الصغير مملكة غرناطة سلميا الى الملك الاسباني عام 1492 ميلادي.
واخيرا في زمننا الراهن قد يعلن التاريخ قائمة جديدة تتضمن اشخاصا يخونون اوطانهم ويعبثون في مستقبل امتهم ويخدمون اعداءهم بهدف او بدون هدف.
سننتظر القائمة الجديدة، فيقال انه قد حان زمانها.
qatamin8@hotmail.com
اكاديمي وكاتب عربي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012