أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


من العقبة الى عمان وحكاية باريس وصومال!

بقلم : طاهر العدوان
20-02-2019 03:20 PM
انهم بضع عشرات من شباب العقبة ، يقطعون الطريق الطويل سيراً على اقدامهم ، يسيرون بصمت ولا يسمعون سوى صوت رياح الصحراء لكنهم بخطواتهم التي تهز الارض يُسمعون كل من هم على الكراسي في عمان بان كفى ، ويكفي هذا التخبط في السياسات التي ستعمم حالة ( باريس وصومال ) في البلاد

18 عاما ً على ميلاد سلطة العقبة الاقتصادية ، كنت واحداً من الشهود الذين حضروا حفل إعلانها ، كان المشهد على غير العادة في مثل هذه الاحتفالات ، جلس الحضور امام مسرح ، وكشافات اضواء قوية ، وشريط فيديو لما ستكون عليه العقبة في ٢٠ عاماً ، وأخيراً ( برزنتيشن ) لزف البشرى للأردنيين ، العقبة ستتحول الى “محرك تنموي يحقق النو والازدهار للبلاد كلها بتحويلها الى مقصد سياحي عالمي يحقق الازدهار للمجتمع الأردني والمحلي في إطار من التنمية المستدامة ” والوعد الأكبر كان بخلق ٧٠ الى ٨٠ الف فرصة عمل للأردنيين خلال ١٠ سنوات وان الاستثمارات الاجنبية ستتدفق على العقبة ( ٧ مليارات ) في السنوات الاولى ٥٠٪‏للسياحة و ٣٠٪‏ للخدمات ١٣٪‏ للصناعات الثقيلة و ٧٪‏ للصناعات الخفيفة .
هذه الوعود تبخرت مثلما تبخرت لوحة الإعلان الشهيرة التى زرعت ، في تلك الفترة ، على أطراف الطريق بين عمان والبحر الميت اثناء انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي ، وفيها صورة تظهر رمال العقبة وقد تحولت الى رمال منثورة بلون التبر اي الذهب !.
لقد ملأوا سماء العقبة والوطن بالآمال الوردية وبان ( الاردنيين سيشدون الركاب ، بطوابير مؤلفة من الرجال والنساء ، الى العقبة من اجل العمل تحت مظلة سلطتها الحرة من الضرائب مع الوفرة في الفرص والميزات ) واذا بالمسيرة الراجلة لشباب العقبة المتوجهة الى عمان ، في ظروف جوية قاسية ، وبعد ١٨ عاما ً ، تضع النقطة الاخيرة على حكاية خرافية بازار الأحلام والوعود ( الهُملالية ) التي اغرق الليبراليون الجدد البلاد بها .
كل ما أنجز في العقبة ، انشاء كيان لامركزي في ظل الدولة ، اسمها سلطة ، تسمح بوظائف منتقاة ورواتب عالية جدا واُخرى باجور قليلة للمنتفعين من واسطات المتنفذين في العاصمة ( استحدثت ٢٨مديرية ، ٤ وحدات تنظيمية تتبع لمناصب ومفوضين ، وظائف فيها من الميزات التي لا يحصل عليها أقرانهم في عمان . ).
———————–
ما يشار اليها على انها منجزات في تقارير السلطة من فنادق ومواقع سياحية وشركات وموانئ واسكانات وغيرها ، هي بالفعل تطور ونمو غيرت من شكل مدينة العقبة خلال ال ١٨ عاما الماضية . لكن السؤال : هل هي العقبة فقط المدينة الاردنية التي تغيرت وتطورت في هذه السنوات ؟.
ماذا عن عمان ؟ وعن منطقة البحر الميت ؟ وغيرهما من المدن الاردنية .
لقد بنى القطاع الأردني الخاص في عمان ، من الفنادق ما يفوق ما بُني في العقبة في الشكل والمضمون ، وأنشئت إسكانات ونمت احياء وتوسعت بسواعد الاردنيين واموالهم ما يبني ٤ مدن مثل العقبة . وباستثناء مشاريع الليبراليين التي تحولت الى اطلال وأبراج خالية من السكان على الدوار السادس والعبدلي والقرية الملكية ، فان إنجازات الاردنيين في عمان وغيرها اعظم الف مرة من مشاريع المنطقة الخاصة في العقبة . ولو ان الحكومات استندت في تنمية العقبة على القطاع الخاص وعلى الاردنيين وقدمت الإغراءات لهم للاستثمار والبناء فيها ( كما فعلت للمستثمرين الأجانب ) لكانت العقبة ( بدون سلطة ) اكبر بكثير مما هي عليه اليوم ، اكبر وأفضل لفرص العمل والسكن . ( مع التنويه بان المشاريع الاجمل التي أقيمت في العقبة اقامها القطاع الخاص الأردني فيما فشل العديد من مشاريع ما يسمى بالاستثمار الخارجي والأجنبي ).
——————
عندما بيع ميناء العقبة ، أقيم حفل على سفح احد جبالها لعرض أهداف ومزايا الصفقة التي ستضع العقبة على خريطة الاقتصاد العالمي وتجعل منها منافسا لدبي ، كنت مدعوا وجلست الى جانب احد نواب العقبة السابقين ، سألته : كيف اصبح حال العقبة واهلها بعد ٧ سنوات من وجود السلطة ؟. أجابني والحزن يغمر وجهه : لا يغرنك مشهد( تالا بيه ) او بعض فنادق العقبة فالحال هنا ” باريس وصومال ” لا شئ يذكر تغير على حياة العقباوية او قل غالبية اهل العقبة .
—————–
انهم بضع عشرات من شباب العقبة ، يقطعون الطريق الطويل سيراً على اقدامهم ، يسيرون بصمت ولا يسمعون سوى صوت رياح الصحراء لكنهم بخطواتهم التي تهز الارض يُسمعون كل من هم على الكراسي في عمان بان كفى ، ويكفي هذا التخبط في السياسات التي ستعمم حالة ( باريس وصومال ) في البلاد ، فالاردن بخير وهو وطن الخير ان عدتم به من جديد الى شعار ” الانسان أغلى ما نملك ” لكن ليس بجباية الضرائب التي ترغمون بها الاردنيين على دفع ثمن اخطاء الليبراليين الجدد الذين باعوا موارد الاقتصاد الوطني وأغرقوه بالمديونية ، انما بتغيير النهج وتمكين ابنائه ، خاصة الشباب منهم ، من المشاركة في فرص بناء حاضرهم ومستقبلهم .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-02-2019 01:54 PM

قرأت مره ، وللأسف لا يحضرني من أي كتاب أو حتى من هو الكاتب ، حين كتب بما معناه كوني لا أحفظ النص تماما :
الشواطيء لا يزهر إقتصادها الا بمكون واحد الا وهو السياحه المنفتحه والمتسمه بالجرأة المفرطه ، لذلك لنشكر الله على تمسكنا بأخلاقنا ، إذاً لنستثمر في الصخر الزيتي مثلاً فهو أنجع وأكثر فائده.....

2) تعليق بواسطة :
23-02-2019 12:37 AM

رائع انت يا راعي الحرشا

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012