أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


معركة الكرامة بطولة استثنائية لجيش لا يعرف الهزيمة

بقلم : تحسين التل
23-03-2019 05:01 PM

قبل البدء، حدثني أحد أبطال المعركة عن الحرب التي استمرت 16 ساعة من نهار وليل، فقال لي: كنا على مسافة من العدو لا يتجاوز مداها بضعة عشرات من الأمتار، وفي بعض الأحيان كان هناك اشتباك مباشر امتزجت فيه قوة العقيدة التي تكمن في روح الجندي الأردني، مع السلاح المتطور الذي يحمله الجندي الإسرائيلي، فانتصرت العقيدة على السلاح المتطور.

حدثني أيضاً عبر الهاتف أحد ضباط المعركة، أخبرني أن الجيش كان ينتظر المعركة بفارغ الصبر، بل يسعى إليها الجندي الأردني، ويحلم بتحقيقها، ويدعو الله أن تُكتب له الشهادة، أو ينتصر، فالشهادة لا يستحقها إلا الشرفاء الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن كل ذرة من ذرات ترابنا الطهور.

عندما دخلت الدبابات الإسرائيلية الى الضفة الشرقية للنهر، ولم تكن قد تجاوزت أمتارا قليلة من الأرض الأردنية حتى كانت المدفعية السادسة تجلجل، وتعزف لحن الرجوع الأخير، تتهاوى أمامها الدبابات كأنها لُعب أطفال، وهي والله كانت كذلك، مجموعة من الألعاب دخلت أرض المعركة دون أن يكون في حسابها أنها ستقابل من يقف في وجه مسيرها نحو السلط وعمان واحتلال الأغوار برمتها، فكان الجيش الأردني يومئذ يصنع نصراً، ويقدم دروساً في الأدب العسكري.

كانت عيرا ويرقا تشهد بطولة أسطورية سطرتها المدفعية السادسة الخالدة التي دكت الجيش الإسرائيلي وجعلته هباءً منبثاً، وأثراً بعد عين، وكانت المقاومات الأرضية تلاحق الطيران الإسرائيلي الهارب كالحمر المستنفرة التي وقعت بين فكين وهي تتجول في الميدان.

معركة الكرامة لم تصنع كرامة للأردنيين، ولم تعمل على إضافة شرف جديد في سجل الشرف والفداء والتضحية، معركة الكرامة أثبتت للعالم كله قدرة العقيدة القتالية التي يتمتع بها الجيش الأردني، وقدرته على المناورة، والخروج من المعركة بالنصر وبأقل الخسائر، قدرة الجيش الأردني على صناعة النصر ليس عن طريق السلاح الحديث أو كثرة الطيران والدبابات إنما تتجلى بالروح المعنوية، والعقيدة القتالية، وصلابة الجبهة الداخلية، .. هكذا يتحقق النصر.

الجيش الإسرائيلي المرعوب كان يخاف من مجرد الدخول في اشتباك مع الجيش الأردني، فهو يعلم أنه لا يدافع عن وطن بناه الأجداد للأبناء والأحفاد، لأنه يعلم بأن فلسطين عام (1967) التي سقطت بالاحتلال؛ لا تشكل له إلا حالة استيطانية فرضتها الاستراتيجية الدولية وتوازن القوى العالمية، وفرضتها هزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة؛ بدعم من قوى الغرب ضد ما يسمى التحالف العربي لاستعادة ما تم احتلاله .
المعركة انتهت في يوم واحد، وكانت الجثث الإسرائيلية متفحمة داخل الدبابات، والمدرعات وهي مربوطة بالجنازير، وهذا يثبت أن الجندي الإسرائيلي لا يحارب عن عقيدة، أو هدف، أو حتى وطن صنعته له الدبلوماسية البريطانية بمساعدة الغرب.

عندما تشتبك القيادة مع الجيش مع الشعب ليشكل هذا الإشتباك الهدف المشترك لتحقيق النصر، والمحافظة على الجبهة الداخلية، والتمسك بالحقوق في أرض مغتصبة وعاصمتها القدس، تكون الغاية نبيلة ومقدسة.

نبذة مختصرة عما حدث في (21- 3- 1968):

حاولت القوات الإسرائيلية احتلال نهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية، وقد عبرت النهر فعلاً من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف، فتصدى لها الجيش الأردني على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت.

في قرية الكرامة اشتبك الجيش الأردني ومعه فدائيون في قتال شرس ضد الجيش الإسرائيلي واستمرت العملية خمسين دقيقة، استخدم فيها السلاح الأبيض، وخوفاً على ما تبقى من الفدائيين لأنهم لا يحملون إلا أسلحة خفيفة؛ طلبت القيادة العسكرية من قيادتهم العودة الى الخطوط الخلفية.

استمرت المعركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية أكثر من ست عشرة ساعة، وكان النصر حليف قواتنا الباسلة، مما أدى إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من أرض المعركة.

وقد تمكن الجيش الأردني من الانتصار على القوات الإسرائيلية وطردهم من أرض المعركة مخلفين الآليات والقتلى دون تحقيق إسرائيل لأهدافها.

الخسائر الإسرائيلية:

- قُتل وجرح من الأسرائليين حوالي سبعمائة جندي وضابط في ست عشرة ساعة.

- تدمير حوالي تسعين آلية وسيارة: مجنزرات، ودبابات، وناقلات جنود، وسيارات مسلحة بأسلحة رشاشة، وسيارات شحن ودعم لوجستي، وسقوط طائرة مقاتلة.

قامت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية؛ بعرض الخسائر الإسرائيلية أمام الجمهور الأردني في الساحة الهاشمية بعمان، حيث بثت الإذاعات، ومحطات التلفزة العالمية؛ مشاهد النصر الذي حققه الجيش الأردني على الجيش الإسرائيلي.

ألف تحية لأبطال الجيش العربي الاردني ، وألف رحمة ونور على أرواح الشهداء الطاهرة الذين دافعوا بعزيمة الأبطال عن ثرى الأردن الطاهر..

ستبقى معركة الكرامة الذكرى الأليمة في تاريخ إسرائيل، ووسام الشرف الذي يرتديه كل مواطن أردني يعتز ويفتخر بقواته المسلحة الجيش العربي المصطفوي.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012