أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


لماذا الأردن الآن؟… ابتزاز امريكي وارهاب صهيوني وتواطؤ عربي

بقلم : أحمد عبدالباسط الرجوب
23-03-2019 11:15 PM

الاردن قطب الرحى وهو الركن الاساسي والرئيس في أي مفاوضات مستقبلية عن القضية الفلسطينية، باعتباره البلد الحاضن لأكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، وانغماسه التاريخي في مسؤولية حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية على السواء، بجانب تعقد آليات الحوار بل وانقطاعه تمامًا بين سلطة محمود عباس أبو مازن وترامب، وبعد إصرار تاجر العقارات ترامب على نقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة .
وليس غريباً وبعد مرور (100) سنة على خديعة سايكس بيكو- أن يعاود الغربيون العبث بمنطقتنا، وأن يطرحوا مشروعهم للفوضى الخلاقة على طريقة استنساخ سايكس بيكو أو اقل ولكن المفارقة ” وللاسف ” بأنها هذه المرة استنساخ سايكس بيكو بطبعته الامريكية العربية في هذه المرحلة … فكلما اقترب الاعلان أكثر عن صفقة القرن التي يسميها ترامب وحلفاؤه “خطة السلام” المتوقع عرضها في الاشهر القليلة المقلبة، كثر الحديث عن الضغوط المكثفة لإدارة ترامب على الأردن مقابل تخليه عن حقوق فلسطين والفلسطينيين، مصالح أم مواءمات مفروضة من الداخل والخارج ولا بديل عنها؟ حكايات عبثية أم انعكاس واقعي لما كان يجرى خلف الكواليس؟ العالم بأكمله يحاول استبيان الحقيقة.
مع اقتراب ساعة الصفر لعرض التصور الأمريكي للصفقة، تظهر أكثر ملامح عملية الابتزاز المنصوبة على بلادنا والتي تبوح ببعض أسرارها عشرات التقارير الإخبارية التي تخرج بشكل يومي سواء داخل المنطقة العربية أم خارجها، وجميعها يسير في فلك التنبؤ بما يمكن حدوثه قبل إلقاء ترامب حقيبة متفجراته بوجه التاريخ، لينسفه كاملاً أو بعضه، المهم أن البناء على الأرض المحروقة يجب أن يسير وفق الهوى الأمريكي الذي لا يرى في فلسطين حقوقًا إلا لجانب واحد فقط المزعومة ما يسمى”إسرائيل”.
كان العرب قديمًا لديهم موقف قاطع وموحد تجاه القضية الفلسطيينة، الآن صارت المواقف العربية مبعثرة، ولكن أكثرها قدرة على التأثير يتخندق مع الإدارة الأمريكية والإسرائيلية، وكلاهما باتا على ثقة أنه لا توجد عقبة كبرى في المنطقة أمام تمرير صفقة القرن إلا الاردن الحامي للمقدسات الإسلامية التي تتمسك بإقامة دولة ذات سيادة للفلسطينيين عاصتمها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وفقا للقرار الاممي رقم 242 الصادر عن مجلس الامن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967 وجاء تعبيراً عن الخلل الخطير في ميزان القوى في الصراع العربي الإسرائيلي، وهو الذي لا شك كان نتيجة الهزيمة التي مني بها العرب في الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة (حزيران / يونيو 1967).
كيف يمارس الضغط على الملك عبد الله الثاني؟
تعلم الإدارة الأمريكية جيدًا الحالة التي أصبح عليها الاقتصاد الأردني، بل وترى الموقف السياسي الداخلي الضاغط على الملك عبد الله والذي قد تتعالى فيه صيحات الاحتجاج الذي ستؤيده أمريكا وبكل قوة حال رفض الأردن الخضوع لرغباتها في تسوية القضية الفلسطينية على النحو الذي تريد، وبمزيج من الابتزاز والتلويح بأزمات الداخل، ينصب ترامب شراكه لهدم حائط الأردن الذي يقف سدًا قويًا ضد تحقيق رغباته.
تراهن إدارة ترامب على حجم الأزمات المتصاعدة في الاردن وخاصة ما يتعلق منها بالجانب الاقتصادي وما صاحبه من الحراك الشعبي الذي انفجر إثر تزايد الفواتير الاقتصادية الصعبة التي حملتها الحكومة السابقة والحالية للشعب بما فرضته من ضرائب اضافية اتى عليها القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل والذي اقره مجلس النواب الاردني في 18 تشرين ثاني / نوفمبر 2018 … إن عملية الابتزاز الأمريكية وحتى العربية مقابل المساعدات لم تعد سرًا، بل أفصح عنها الملك عبد الله الثاني نفسه خلال خطابه في الجامعة الأردنية يوم الثلاثاء بتاريخ 30 كانون الثاني / يناير 2018، وقبل اندلاع الاحتجاجات على الأسعار والأزمات الاقتصادية، اعتبر الملك أن هناك ضغوطا اقتصادية تمارس على الأردن بسبب مواقفها السياسية وقد قال ما نصة: (اقتبس :نتعرض لابتزاز، فالرسائل جميعها مفادها امشوا معنا في موضوع القدس ونحن نخفف عنكم … انتهى الاقتباس).
إن سياسة العصا والجزرة التي يتبعها تاجر العقارات ترامب مع الاردن من خلال تشديد الضغوط ثم تبريدها سريعًا على الأردن؛ فالرجل المعروف عنه اللجوء للعجرفة ومحاولات فرض إرادته كما هي عادة سياسة أمريكا الخارجية منذ توليه السلطة، ينتبه جيدًا ويتعامل بحكمة مع جملة التقارير الموضوعة على مكتبه وتشير إلى صعوبة خنق الأردن في ظل حالة الاستقطاب الدائرة بالمنطقة خاصة بين الفرقاء الخليجيين.
يمتلك الأردن أوراقًا كثيرة للاستمرار في سياسته الموالية للموقف الفلسطيني، وكما يعي أيضًا الأردن جيدًا حجمه ووزنه السياسي في المنطقة، بالنسبة لجميع الأطراف الخليجية المتصارعة رغم رفضه اللعب على ذلك لتحصيل مزيد من المكاسب؛ فالاردن ” فرس رهان ” بقيادتها التاريخية في ظل محاولة كل طرف ضم حلفاء من خارج الدائرة الخليجية الصغيرة بما يضمن تشكيل تحالفات على نطاق أوسع، تكون ضامن “على بياض” لسياسات هذا أو ذاك، وهي الطريقة التي لم تعد تعتمد الأقطاب الخليجية غيرها بديلاً، ” فإما معنا بكل جوارحك أو علينا ” وهو الامر الذي لم يجازف الاردن يخوض غماره.
أوراق الملك في مواجهة الابتزاز الامريكي
ما سمعناه مؤخرا من جلالة الملك في محافظة الزرقاء يضعنا امام العديد من التساؤلات والتي بالطبع تحتاج الى العمق والوضوح في الاجابة وهذه المرحلة تحتاج إلى رؤى تفصيلية تجيب على الأسئلة الحرجة عليها وهو الامر المتعلق بضغوطات الادارة الامريكية على الملك للامتثال بما تخطط له الادارة الامريكية لتمرير خطة كوشنير (السلام الامريكية) للاجهاز على قضية العرب المركزية في فلسطين … حدث ذو معنى كبير يختبئ خلف كواليس المساعي الأمريكية للترويج لخطة السلام الإقليمية التي تسمى ” صفقة القرن ” ، السعودية حامية الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة، طلبت لنفسها موطئ قدم ومكانة أيضًا في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس ، إدارة ترامب، التي ترى في السعودية الحجر الرئيس في محور الدول العربية المعتدلة، والتي بدونها لن تقوم تسوية هنا، لم ترفض ذلك. أما الأردن، وهو مدماك آخر في المحور العربي المعتدل، والذي هو في اتفاق سلام مع إسرائيل في 1994م، والذي حصل على نوع من الوصاية على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس وأصبح عمليًا شريك إسرائيل الهادئ في إدارة الحرم القدسي الشريف … وفي هذا السياق فإننا ومن خلال فهمنا الواضح للرسالة التى اراد الملك ايصالها للشعب بانه يواجه هجمة امريكية لحثة على الانخراط ( اي الملك) في هذه الصفقة الملعونة في الظاهر منها والمستور ، وهنا فإننا نضع تصورا حاسما لمواجهة هذه الهجمة الامريكية من خلال بعض التوجهات ومنها:

التأكيد على الاحترام والعدالة والتعددية وفتح القنوات لأصحاب الفكر والرأي والمراكز العلمية وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين ودونما تمييز بين الفئات والمناطق.

إصلاح مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ، عبر نظام ديمقراطي وتمثيل عادل وتطبيق لمعايير الحكم الرشيد، وتمثيل شبابي وتأهيل للكادر الوطني، واعتمادها مرجعية سياسية وحيدة للقرار الاردني المستقل.

بناء منظومة الامن القومي الاردني واعتماد إستراتيجية اردنية وطنية جامعة لمواجهة “صفقة القرن” سياسيا وإعلاميا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا

العمل على توفير بيئة مواتية تمثل حاضنة تضمن الحفاظ على الحق الاردني وإسناده، والحفاظ على جاهزية اردنية عالية استعداداً لأي تغير في النظام الدولي (متوقع مرأي العين) ليتم توظيفه في صالح مستقبل الاردن.

دعم اي عمل مؤسسي عربي ممانع لصفقة القرن خاصة وسوريا ولبنان والعراق على أساس موقف عربي متوازن في مرحلة عنوانها ” فلسطين اولاً ” وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية.
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com

رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012