أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الطفلة نيبال.. ضحيةٌ نهشتها الكلاب الإلكترونية أولاً

بقلم : ابراهيم قبيلات
31-03-2019 02:12 PM

كان من المتوقع أن يكون الفاعل مدفوعاً بشهوة حيوانية مقيتة، أعمت بصره وبصيرته عن ملامح طفلة بريئة دفعت روحها ثمناُ لخطايا ارتكبناها نحن، أما هي فاختارت صعود السماء؛ طلباً للأمن والعدالة.

لم يطل الأمر حتى ألقى الامن العام القبض على المتهم في جريمة أشغلت المجتمع الأردني أربعة أيام متواصلة، فاعترف بفعلته الخسيسة مع طفلة شارك بعضنا في نهشها 'إلكترونياً'؛ عقب أن قتلت، وهي تصرخ علّها تسمع إنسانيتنا ان وحوشاً بشرية مفترسة لا تفرق بين طفلة وغيرها وتعتاش على أجساد الأطفال.

التقرير الأمني يقول إن الوفاة ناتجة عن تهتك الدماغ والنزف الدموي وكسور في عظام الجمجمة، ويقول أيضاً إن هذه الإصابات نتجت عن الارتطام بجسم صلب راض.

كل ذلك تم من قبل حدث بنية الاعتداء عليها جنسياً..

لا يمكن تصور مشهد الاعتداء على طفلة بعمر أربع سنوات وهي تقاوم وتصرخ مستغيثة لا لاستعادة لعبة أخذتها بنت الجيران، إنما بغية الدفاع عن نفسها من ذئب مفترس لا يرحم.

خلال تعاطف الناس مع الضحية وأهلها ظهرت سلوكات شكلت خروقات أمنية شديدة ارتكبها مواطنون على شبكات التواصل الاجتمتاعي؛ ظنا منهم إنهم بذلك يساعدون الضحية وأهلها، لكنهم ارتكبوا أخطاء توجب محاسبتهم قانونياً، فلا مبرر للتصوير المباشر وتقديم معلومات قد تعيق مسار التحقيق أو تخدم المتهم، لكن المتحمسين من الاوغاد فعلوها بدوافع الشهرة الصحيفة الرخيصة.

في الحقيقة، لن تجدي أية عقوبة يمكن ان يشرعها القانون في ضبط المجتمع إن لم يكن هناك منظومة أخلاقية ومعرفية نابعة من قيم إنسانية تتحرك وتضبط إيقاع نفسها في مثل هذه الأحداث، وهذا يتطلب منا الكثير على ان ليس من بينها التشهير والتصوير المباشر إنما تبدأ بالأخلاق وبمناهج مدرسية جديدة تحث على القيم الإنسانية وتتمسك بالقانون لتحقيق السلم المجتمعي .

كان يمكن للأمور أن تتعقد أكثر لو أن الأمن لم يلق القبض على المتهم، لكنه وقد فعل، فنحن مطالبون بالكف عن المراهقات الصحافية، والعمل على إنتاج منظومة أخلاقية تساعد المجتمع والدولة في توفير أجواء صافية لتقديم معالجات مهنية بعيداً عن الانفعالات والتصوير والتبرع بتقديم معلومات مجانية في وقت لم يعد به قانون الجرائم الإلكترونية نافعاً ولا قانون العقوبات مجدياً.

لا أستطيع أن اقدم حلولاً سريعة في هذه العجالة، لكنني -على الاقل- أستطيع أن أضع اصبعي على جرح نازف منذ سنوات، ولم نجد التئاماً له.

كان يمكن أن تنفعل ماكينة المجتمع الالكترونية الآن وبعد أن عثر الامن على المتهم، لنسج حالة من التضامن ليس مع هذه الضحية وحسب، بل مع عموم ضحايا المجتمع، وبما يضمن دفع عجلة الدولة لتشديد العقوبات في مثل هذه الجرائم حماية لنا من تغول المجرمين وسطوهم على أجساد أطفالنا، لكن للأسف أن ذات المجتمع الذي تعاطف مع الضحية سيسقط في هاوية نسيان الحادثة منذ اليوم، وسيترك الضحية وأهلها وشأنهم رغم حاجتهم الماسة الآن لهبة اجتماعة عقلانية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012