أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الأردن: جدوى الحوار الداخلي بالزي العسكري والحاجة لعقد مؤتمر وفاق وطني

بقلم : د. عارف بني حمد
01-04-2019 06:13 AM

مع إقتراب موعد الإعلان عما يسمى صفقة القرن خلال شهر أيار القادم، وحالة عدم اليقين وإحتمال إنعكاسها سلبا على المصلحة العليا للدولة الأردنية، يشعر الأردنيون أن وطنهم على حافة الخطر، كما يعاني من أزمات سياسية وإقتصادية وإجتماعية مركبة ومتشابكة، وأنه يواجه تلك الأزمات وحيداً دون استنفار إمكانياته الذاتية لمواجهة واقع الحال، معتمدا على الخارج وحلفائه الذين يبدو أنهم تركوه وحيداً بينما هم منشغلون بتحالفات ومحاور حول قضايا إقليمية أخرى . ويستشعرأيضا صانع القرار السياسي بخطورة المرحلة القادمة على الأمن الوطني الأردني والإستقرار الداخلي، وهو يتحرك على جبهتين خارجية لتحشيد الدعم الإقليمي والدولي لمواقفه ، وداخلي لتمتين الجبهة الداخلية لتجاوز هذه المرحلة الخطيرة من عمر الدولة .
وإرتباطا بذلك وبتوجيهات ملكية سامية يقوم عطوفة رئيس هيئة الاركان المشتركة الفريق محمود فريحات ومعالي رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي ومستشار الملك لشئون العشائر سعد هايل السرور بإجراء لقاءات موسعة مع نخب وشخصيات سياسية وإجتماعية من كل المحافظات ضمن برنامج جديد ومواز للإنفتاح على المجتمعات والمحافظات والعشائر.
وعقد أول لقاء في الديوان الملكي بتاريخ 14/3 مع نحو 55 شخصية محلية من عدة إتجاهات، وما تسرب عن هذا الإجتماع، الذي كان المتحدث الرئيسي فيه عطوفة رئيس الأركان، هو الدعوة الى تمتين الجبهة الداخلية ومعالجة بؤر التوتر الداخلي وموضوع الحراكات .
ولنا ملاحظات على هذا الحوار :
ـ أولا : غياب الحكومة وتشكيل هذه اللجنة الثلاثية المرتبطة بالديوان الملكي يعني الإعتراف بفشل الحكومة وأجهزتها التنفيذية بالقيام بهذه المهمة .
ـ ثانيا : الجيش العربي مؤسسة عسكرية محترفة لا يتدخل في الشان السياسي ويجب الحفاظ على صورة القوات المسلحة ناصعة ومشرقة في نفوس كل الأردنيين ، وأن لا يتم زج القوات المسلحة ممثلة بعطوفة رئيس هيئة الأركان (وهو شخصية وطنية محترمة ومحترفة في الشؤون العسكرية) بالحوارات السياسية والقضايا الداخلية، والتي هي من صلب عمل الحكومة، وتحميل القيادة العسكرية مسؤولية فشل الحكومة بالتعامل مع هذه الملفات .
ـ ثالثا : يحظى الجيش العربي ومنتسبيه ضباطا وأفرادا بإحترام ومكانة خاصة في نفوس كل الأردنيين ، وواجبه الدفاع عن حدود الأردن ، وهو سياج الوطن وصمام الآمان ، ويجب ان ينأى بنفسه عن الشؤون السياسية الداخلية ، وأن يبقى دور الجيش العربي آخر الحلول التي يتم اللجوء اليها في القضايا الداخلية والأمن الداخلي عند الأزمات الكبيرة التي تواجه الدولة لا سمح الله، وعندما تعجز الأجهزة الأمنية عن القيام بواجباتها .
ـ رابعا : هناك تساؤل أين دور جهاز المخابرات العامة في الحوارات الداخلية ، وهو الجهاز الأمني والسياسي المحترف والمتخصص المعني بموضوعات الحوار .
ـ خامسا : ما هو الهدف والجدوى من هذا الحوار (بالزي العسكري) ، والى أين سيصل ، فإن كان الهدف إيصال رسائل للناس، فاللقاء كان مغلقا وغير مغطى إعلاميا ، كما ان جلالة الملك يقوم بإيصال الرسائل للناس خلال لقاءاته في الديوان الملكي والمحافظات .
ـ سادسا : الإشارة الى ان جميع القوى السياسية والحراكية متفقة على الثوابت الوطنية والقيادة الهاشمية ولديهم هاجسا واحدا وحيدا هو الحفاظ على الوطن ووحدته ومكتسباته التي تحققت على مدى أكثر من 90 عاماً رغم كل التحديات والعواصف في الإقليم.
ـ سابعا : على الرغم من عشرات اللقاءات التي اجراها جلالة الملك في الديوان الملكي مع مئات من الشخصيات الوطنية والسياسية والحزبية والصحفية والقبلية والشبابية والأكاديمية، فان أي من هذه الحوارات حتى تلك التي عقدها الملك مع شخصيات في محافظات زارها كإربد والسلط والكرك والطفيلة والزرقاء ولقاءاته مع المتقاعدين العسكريين، لم تسفر عن ايجاد أرضية فاعلة للتوافق الوطني الكامل المبني على الثقة للبدء بتدشين مسار جديد نحو كفالة استقرار المملكة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ـ ثامنا: في مثل هذه الظروف الصعبة والإستثنائية من تاريخ الدولة الأردنية ، مع قرب الإعلان عن صفقة القرن وما قد تحمله من مفاجآت وحلول إقليمية تهدد الكيان الأردني ، تبرز الحاجة الملحة لحوار سياسي يقوده السياسيون لتأمين الجبهة الداخلية وتجميع كافة القوى السياسية وأطياف المجتمع الأردني خلف القيادة الهاشمية وتقوية موقفها في وجه أي حلول على حساب الأردن ، وإستغلال اللحظة الوطنية الراهنة وقضية القدس الشريف التي وحدت جميع الأردنيين خلف القيادة الهاشمية .
وهذا يتطلب أن يبادر جلالة الملك، بعد عودته من المشاركة بالقمة العربية في تونس، لقيادة جهد سياسي وطني شامل ومنظم وعقد مؤتمر وفاق وطني يشارك فيه كل الأطياف والإتجاهات السياسية والحزبية والبرلمانية والأكاديمية ورجال الفكر وممثلو الحراكات والمتقاعدون العسكريون وزعماء العشائر للتوصل الى خارطة طريق واضحة للإصلاح السياسي والإقتصادي وللتوافق الوطني في كل القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية وتمتين الجبهة الداخلية ، على أن يسبق ذلك تشكيل لجنة ملكية مصغرة برئاسة رجل دولة محنك ويحظى بقبول شعبي، للإشراف والترتيب لعقد هذا المؤتمر الوطني .
تاسعا: المرحلة القادمة بحاجة الى مجلس نواب قوي كمجلس عام 1989، وهذا يتطلب عمل قانون إنتخاب جديد يوسع قاعدة المشاركة السياسية، وتشكيل حكومة قوية لإسناد ودعم القيادة السياسية ، كما كان الحال عندما تم دعم وإسناد مواقف الراحل الكبير في مواجهة الضغوط العربية والغربية إبان أزمة الخليج عام 1990.
وحمى الله الأردن قيادة وشعبا وأرضا
كاتب اردني..راي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012