أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


جدوى القمم العربية

بقلم : أحمد ذيبان
02-04-2019 05:40 AM

بمناسبة انعقاد القمة العربية العادية الثلاثين في تونس التي اختتمت أمس الأول، يجدر التمعّن بأسباب عدم اكتراث المُواطن العربي بهذه القمم، بل أن الكثيرين صاروا يتهكّمون ويَسخرون من هذه الاجتماعات، بعد تجارب مريرة من الفشل والتراجع العربي على مدى عقود.

وهذه ميزة ينفرد بها العرب، بالمقارنة مع التجمّعات الإقليمية والدولية، التي تعقد قمماً واجتماعات دورية تخرج بنتائج مُثمرة، ومن حيث المبدأ فإن الشعوب لا تثق بسياسات الأنظمة، ومن جهة أخرى الحكومات لا تثق ببعضها، فضلاً عن افتعال أزمات بينية بين فترة وأخرى بصورة مُفاجئة، تهبط كالصواعق بما يترتب عليها من تداعيات كارثية!، والأزمة الخليجية وفرض الحصار على دولة قطر نموذج على ذلك، حيث كشفت أن مجلس التعاون الخليجي، الذي كان يبدو «متماسكاً» تمّت مُصادرته وتهشيمه!.

ربما قطاع السياحة في البلد المضيف هو المُستفيد من انعقاد القمم، فعلى سبيل المثال شهدت فنادق العاصمة التونسية ومحيطها انتعاشاً كبيراً، إذ بلغت الحجوزات نسبة 100% تقريباً، حيث يُقدّر عدد أفراد وفود القمة بخمسة آلاف مُشارك.

أصبح من السهولة التكهّن مُسبقاً بنتائج القمم، حتى الحكومات في «عقلها الباطن» تدرك عدم جدوى القمم، وحدث أن اعتذرت المغرب بشكل مفاجئ عن استضافة القمة «27» عام 2016، وكما جاء في تبرير وزارة الخارجية المغربية فإن «الظروف الموضوعية التي تمر بها المنطقة ليست مُتوافرة لعقد قمة عربية ناجحة، وتم تحويل مكان انعقاد القمة إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط !.

ولإنعاش الذاكرة.. فقد عُقدت منذ إنشاء الجامعة العربية عام 1945، ما يقارب 33 قمة، وأفرزت هذه الاجتماعات مئات القرارات، بقي الكثير منها حبراً على ورق.

قبل عام 2003 كانت أهم بنود أجندة القمم العربية، تكاد تنحصر بالقضية الفلسطينية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بكل تفاصيله، وبعد غزو العراق عام 2003، ثم انطلاق الربيع العربي عام 2011، وُلدت أزمات وكوارث عربية جديدة أكثر تعقيداً، بسبب انقضاض قوى الدولة المُضادة والدولة العميقة في عديد البلدان، على ما أفرزته الانتفاضات الشعبية من نتائج إيجابية، كما حدث في مصر بالانقلاب على الرئيس المنتخب.

وشهدت العديد من الدول حروباً أهلية، وصراعات طائفية ومذهبية غير مألوفة، تسبّبت بمقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وتشريد الملايين إلى المنافي ومُخيّمات اللجوء والنزوح، يعيشون في ظروف إنسانية بائسة وفقدان الأمل!، وأصبحت الأزمات والحروب الأهلية والبينية العربية، فرصة لعشرات الدول للتدخل بهدف تصفية الحسابات والتنافس، لفرض أجندتها العسكرية والأمنية والاستخبارية السياسية والاقتصادية، وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية التي كانت محور اهتمامات الأمة العربية.

ورغم تكرار مُناقشة هذه الأزمات في القمم الدورية خلال السنوات الماضية، لكن النتائج كانت بائسة وزادت الإحباط الجماهيري، وتعمّقت الأزمات والخلافات، وأصبح النظام الرسمي العربي وجامعته أكثر هشاشة، واستثمرت إسرائيل هذه الحالة بمزيد من التمادي والغطرسة، وإحداث خروقات تطبيعية في العالم العربي، مُترافقة مع دعم أمريكي غير مسبوق لدولة الاحتلال، تمثل بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الأمريكية إليها، واعتراف الرئيس ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة، فضلاً عن «طبخ» ما يُسمى بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، وكانت ردود الفعل العربية على ذلك، لا تتجاوز إصدار بيانات وتصريحات استنكار إنشائية ليس لها قيمة عملية، دون التجرؤ على اتخاذ خطوات وقرارات فعلية، مثل استخدام الأوراق المُتاحة سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً.

تكرر المشهد في قمة تونس، بإعادة إنتاج نفس البيانات، مثل رفض قرار ترامب بخصوص الجولان والقدس، والتأكيد على ضرورة «حل الدولتين» وتفعيل مُبادرة السلام العربية، والدعوة لإيجاد حلول سياسية لأزمات سوريا واليمن وليبيا، وتعزيز العمل المُشترك، والتأكيد على «مكافحة الإرهاب».. إلخ، لكن لا يوجد ثقة بهذه البيانات، فالنظام الرسمي العربي انتهت صلاحيته، وهو بحاجة ماسّة لإعادة ترميم.. أما الحقيقة فهي في مكان آخر.الراية القطرية


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012