أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الأردن ينتفض

بقلم : د حسن البراري
22-04-2019 04:14 PM

لا يمكن فهم التحركات الأردنية الأخيرة والاتصالات المكثفة مع دولة قطر إلا في سياق شعور عمان بأنها باتت تفقد عمقها التقليدي المتمثل بالمملكة العربية السعودية، فالأخيرة تنتهج مقاربة إقليمية تراها نخب عمان بأنها تشكل تهديدا مباشرا لمصالح الأردن ورؤيته في كيفية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
عمان ترى بأن حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يحمي مصالحها ويقدم للفلسطينيين الحد الأدنى الذي يمكن أن يكون أساسا لحل الصراع.

والحق أن الملك عبدالله توجس كثيرا من تحركات بعض العواصم العربية وتماهيها مع ما ينوي جاريد كوشنر أن يقدمه كخطة عرفت بصفقة القرن، وهي خطة لا يمكن عمليا للأردن أن يوافق عليها ويحافظ على مصالحه الحيوية في الوقت ذاته.

ترى نخب عمان بأن الحصار الاقتصادي الذي تعاني منه والمماطلة في تقديم مساعدات عربية كافية لإخراجه من عنق الزجاجة إنما لتحقيق هدف واحد وهو دفع الأردن للامتثال لمنطق جاريد كوشنر الذي يسعى مع بعض زعماء العرب لتصفية القضية الفلسطينية مرة وللأبد.

صرخات الملك عبدالله التي جاءت على شكل لاءات ثلاث تشكل جوهر الموقف الأردني لم تأت من فراغ، فهناك ما يشير إلى أنه سئم من الإدارة الأمريكية واصرارها فقط على كشف الجانب الاقتصادي لصفقة القرن على اعتبار أن مشكلة الأردن هي اقتصادية وأن الموافقة على الصفقة - بل الصفعة - من شأنه أن يخرج الأردن من أزمته. الأردن معني بالدرجة الأولى بالشق السياسي.

فإي حل يأتي على حسابه سيكون مرفوضا حتى لو غلف بماء الذهب. فلا يعقل أن يقبل الأردن بفكرة الوطن البديل مقابل بضعة مليارات من الدولارات لأن الوطن وهويته أهم من أي اعتبار آخر.

انتفاضة الأردن على التخاذل العربي والتواطؤ الأمريكي دفعه لإعادة حساباته الإقليمية وإن على خجل، ففي وقت تثمن فيه عمان مواقف السعودية في الدعم في سنوات خلت إلا أنها بدأت تشعر أن السعودية تغيرت تحت قيادة بن سلمان. بمعنى آخر، تشعر نخب عمان بأن الرياض لم تعد سندا للأردن في مواجهاته الصعبة مع الكيان الصهيوني بخصوص معركة القدس، والأنكى أن الرياض تحاول تجريد الأردن الوصاية الهاشمية وهو أمر اعتبره الملك عبدالله خطا أحمر.

التوجه الأردني نحو قطر لا يأتي في سياق الانحياز لهذا الطرف أو ذاك وانما لسعي عمان لتحرير سياستها الخارجية من تبعية للرياض باتت مقلقة. فالأردن الرسمي يستمع أخيرا إلى الرأي العام الأردني الذي رفض بشدة قرار عمان تخفيض العلاقات الدبلوماسية مع قطر إرضاء للسعودية والإمارات. والمطالبات الشعبية باعادة العلاقات مع قطر واضحة من خلال متابعة وسائل التواصل الاجتماعي والتي يعبر من خلالها الأردنيون عن شعورهم بحالة من الاستياء من السياسة السعودية ومن امتثال الأردن للسعودية بشأن الأزمة الخليجية.
وعلى نحو لافت، تفهمت الدوحة مواقف عمان خلال الأزمة، وعلاوة على ذلك سارعت الدوحة في تقديم مساعدات للأردن بالرغم من قرار الأردن الأحادي في تخفيض العلاقات مع الدوحة. وشكل موقف الدوحة المرن تجاه عمان حافزا للأردن ليعيد حساباته الإقليمية، وعلى أثر ذلك تبادلت الدولتان الزيارات الرسمية على مستويات رفيعة ما يمهد لعودة السفير القطري إلى عمان.
بكلمة، لن تكتمل انتفاضة الأردن على المحور العربي المساير لإسرائيل وسياساتها التوسعية إلا بعودة العلاقات مع قطر ليكون ذلك توطئة لتنويع خيارات التحالفات الإقليمية ما يرفع الكلفة على كل من تسول له نفسه بأن يقدم الأردن والفلسطينيين قرابين لمغامرات طائشة ومتهورة وطموحات سياسية أٌقرب إلى الانقلاب من أي شيء.الشرق القطرية

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012