01-01-1970 02:00 AM
كل الاردن -
الدكتور عادل محمد القطاونة
لقد كان الشباب وما زالوا محط الأنظار ومحور الإهتمام لأي أمة من الأمم ، لأنهم الحاضر الزاهر والمستقبل المنتظر ، من هنا كان لزاماً على أي مجتمع حضاري مراعاة هذه الفئة والتأمل في إحتياجاتها والوقوف عندها والتمعن في حاضرها ومستقبلها وتمكينها وتعزيز الفرص المتاحة لها.
لقد أضحى مشهد الترقب والخوف والإحباط من المشاهد الأكثر حضوراً وتأثيراً على حركة الشباب الأردني فمن يملك الجرأة على الطلب من شاب فقير محبط مهمش أن يؤدي دوره السياسي أو الحزبي في المجتمع ومن يملك الكلمة في توجيه شاب إلى الإنخراط في الأعمال التطوعية وهو عرضة للفقر والبطالة.
يدرك الكثير من الشباب أن صباح كل يوم يمثل كابوساً فالتنقل عبر شوارع عمان وعبر مؤسساتها بحثاً عن فرصة عمل تلوح هنا أو هناك يعتبر من الأمور التي أثقلت تفكير العديد منهم ، فأضحى الغضب في عيون البعض ، واليأس والخوف في عيون البعض الآخر من واقع مرير ومستقبل مجهول !!
لقد إنقاد العديد من الشباب إلى سلبية التفكير وتدمير في القيم والأخلاق ، وبدا الإنتماء والولاء للوطن يراود البعض ، والشيء الذي ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا هنا هو خطورة هذا الوضع العام الذي يرزح تحته العديد من الشباب الآن خاصة مع تزايد أعداد الخريجين يوماً بعد يوم وفي ظل تنامي عدم الإستجابة لمعظم مطالب الشباب الأردني بحياة كريمة، وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على الإيفاء بوعودها في تحقيق التنمية الإقتصادية الإجتماعية الشاملة.
إن ما يطرح من أفكار وما يقوم من تصورات بحق الشباب تتمثل أهميته في القدرة على التعاطي مع الوقائع وعلى تفسير إشكاليات الفعل من منطلق إنها في حراك جدلي مستمر بشكل تبادلي أخذاً وعطاءً ، ورغم علمي بالخوف والترقب الذي يشعر به الكثير من الشباب إلا أنني أحب أن أبين أن التخلص من التحديات والمعوقات التي تشدّ همم الكثير منهم إلى الخلف لا يتأتى إلا من خلال العمل الجاد والصبر وقوة الإرادة والتفاعل مع المتغيرات بإيجابية، وأن تؤدي الحكومات دورها الفاعل في هذا الجانب.
لقد أتى علينا حين من الزمن تعطلت فيه قدرات العديد من الشباب ، وأضحى الفقر والبطالة هماً لا مناص منه للبعض ولكن هذا وإن كان يشكل جزءا من المشكلة إلا أنه يقصر على أن يكون أصلها. فالتحديات كثيرة والسلبيات عديدة والشباب ما زال يطالب بين الحينة والأخرى بحلول آنية قد تفلح في التنفيس ولكنها تعجز عن التشخيص الحقيقي للمشكلة الأساسية في تفهم المشاكل التي تواجه الشباب والتعامل معها بموضوعية وشفافية.
لا يختلف إثنان على أن الشباب هم صمام الأمان وقوة للأوطان وهم عُدَّة الأمم وثروتها وقادتها في المستقبل، ومعيار رقيها وانحطاطها والواقع اليوم يشهد في كثير من الأوقات عدم الإهتمام من الحكومات والمؤسسات في ثروة تطلعات الشباب ، فالنتاج اليوم وفي كثير من الأيام هو نتيجة أعمال فردية مرتجلة لا يسبقها تخطيط واضح أو أعمال قدر لها التسرع أو مصالح شخصية بإسم خدمة الشباب ! أو عمل يفتقر إلى رؤية مستقبلية ناضجة أو واضحة ! ونحن بهذا الحكم لا ننكر بروز بعض الجهود المبذولة بين الحين والآخر من بعض الجهات في خدمة الشباب وتذليل الصعوبات التي تواجههم وتفهم إحتياجاتهم وتطلعاتهم والإستماع لهم ودعمهم، إلا أن ذلك الجهد يصطدم في كثير من الحالات بمعوقات متعددة ومن جهات مختلفة تلوح هنا وهناك ، وفي كثير من الحالات بتنامي وتغير هذه التطلعات والتحديات الشبابية التي تتجدد بتجدد الأيام والأعوام.
يجب على كافة الجهات ذات الصلة بالشباب العمل على إستغلال الفراغ في حياة الشباب من خلال مشاريع تحفظ أوقاتهم، وتزيد من حبهم لوطنهم وتجذب أنظارهم لكل إيجابي ، وإستحداث مراكز عمل وتوظيف منظمة ومدعومة ، وتفعيل دور صناديق المشاريع التنموية والريادية للشباب لتفتق إبداعهم وتحاكي مستقبلهم ، وتغطي في كثير من الحالات نفقاتهم ليكون ذلك عونا على المستقبل المشرق البراق الذي ينبئنا بقدوم حضارة قوية تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء.
midyen@yahoo.com