أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أزمة الثقة بين المواطن والاعلام الرسمي

بقلم : الدكتور عبدالله الطوالبة
29-04-2019 05:03 PM

أقرت وزيرة الدولة لشؤون الاعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة بوجود أزمة ثقة بين المواطن والاعلام الرسمي. وحسب التقرير الاخباري المنشور في الصحف المحلية، يوم 28/4/2019، دعت غنيمات خلال رعايتها لدورة التكنولوجيا الأمنية 'الى تخطي هذه الأزمة ومجابهتها (لاحظ مجابهتها) وردمها بحملات التوعية خاصة في ظل الظروف والحالة الاقليمية والمعطيات الخارجية الحالية'.
يمكن قول الكثير بهذا الخصوص، ولكن تأسيا بمبدأ 'خير الكلام ما قل ودل'، ثمة ما يفرض نفسه هنا لوضعه تحت مجهر النقاش:
1- لم تأت الوزيرة بجديد، لا بل ربما تأخرت كثيرا بهذا الاقرار.
2- الازمة وان تراكمت أسبابها منذ سنين خلت، الا أن حلها ليس مستعصيا وممكن جدا، ولكن ليس بالانشاء والعموميات.
3- مبتدأ الأزمة، متأت أولا من تعبير 'الاعلام الرسمي' بحد ذاته، ومن صفة 'الرسمي' على وجه التحديد. فهذا النوع من التصنيف لم يعُد ينسجم مع تحولات العصر ومستجداته، وبخاصة في تكنولوجيا الاتصال وسرعة تدفق المعلومات العابرة للحدود وللحواجز والموانع. في ضوء هذه التطورات المتسارعة، لم يعد الوعي يستوعب تعبير 'الاعلام الرسمي'، خاصة وأن البديل الأنسب يشير الى نفسه بنفسه متمثلا ب' اعلام الدولة'.
4- ولكي يكون ل'اعلام الدولة' من اسمه نصيب موفور، لا بد وأن يتكيء على اجراءات عملية فعلية، يلمس المواطن التغييرات المترتبة عليها في المنتج الاعلامي، على صعيد النوع أولا قبل الكم. وعليه، أطمئن الوزيرة أن 'تخطي' الأزمة و'مجابهتها' و 'ردمها' غير ممكنة ب'حملات التوعية' حتى لو تخطى عدد هذه الحملات حدود الرقم 1000 يوميا. للتوضيح أكثر، الاعلام يمكن اختصاره في أربع كلمات: مهنية، حرية، سقف، معلومة. فلو تم تنظيم 1057 'حملة توعية' في يوم واحد، وفي اليوم التالي عاد المواطن الى 'الاعلام الرسمي' ووجد أن الأمور على حالها ولم يتغير شيء، وخاصة على صعيد الرأي الأحادي والعزف على نغم واحد، فحري بنا أن نتخيل ردة فعله تجاه 'حملات التوعية' و'الاعلام الرسمي' معا.
5- نقطة في السياق جديرة بالذكر، وتتعلق بتصنيفات الاعلام أيضا، التي يبدو أننا متيمون بها، وأقصد هذه المرة تعبير 'الاعلام المستقل'. لا يوجد اعلام مستقل، والأسباب كثيرة أكتفي بواحد منها أظنه الأهم، لأنه لا يحتمل اختلاف اثنين بشأنه. الاعلام لا يصدر بذاته بل يصدره بشر، ومن الطبيعي جدا أن يكون لهؤلاء البشر مصالحهم وتوجهاتهم وميولهم الفكرية والمعتقدية حتى لو لم ينتسبوا الى أحزاب وتيارات سياسية وأيديولوجية. الانسان - أي انسان-، تتحكم بحركته وتقرر مواقفه ثلاثة عوامل رئيسة: مصالحه، أنماط تفكيره، وسعيه لتحقيق ذاته.
الاعلام مضمون أولا، ومن أفضل تعاريفه أنه فن استخدام الكلمة. وعلى هذا الأساس، فان أسباب قوته وعوامل ضعفه وتخلفه أيضا، تكمن في الكلمات الأربع المومأ اليها فوق: المهنية، الحرية، السقف، والمعلومة.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012