همسة ود .. الصيام جُنَّة

السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

همسة ود .. الصيام جُنَّة

بقلم : د . موزة المالكي
03-05-2019 05:49 AM

يأتينا رمضان كل عام كهبة إلهية عظيمة بفريضة الصوم التي تجعله تشريعاً إعجازيًّا، يأتي ليصحّح انحراف عام كامل، يأتي ليُعيد تهيئة البدن والقلب، ليُعيد برمجة العقل في تعامله مع الغريزة والطبع، يأتي ليمنحنا ذلك الشعور الرائع بالارتياح والمزاج الجيّد الذي يؤمنهما لنا عندما نشعر بالحيوية والتفاؤل بقدومه.

يعتبر التقشف الغذائي مصدر صحة، ويمنح الصوم المرء قدرة عظيمة على ضبط الإرادة والتحكّم الذاتي كما أنه وسيلة ناجحة لإعادة ضبط الجسم والقيام بعملية تنظيف واسعة تسمح له بأن يتخلّص من الخلايا الميّتة والدهون والفضلات والسموم التي تثقله. إن إعطاء الجسم فترات مماثلة من الراحة، من حين لآخر، يخدمه بشدة ويعمل على تطوّر الجهاز المناعي بقوة، ويصبح الجسم أكثر حصانة ضد الأمراض.

يُظهر العديد من الدراسات أن للصيام فوائد قوية للجسم وللعقل، ويعمل على تغيير فسيولوجية الجسم التي تعود بالفائدة على أجهزة الجسم المُختلفة، فقد ثبت أن الصيام له العديد من الآثار المُفيدة على عملية الأيض والتي تؤدي إلى تقليل خطر الإصابة بالسرطان.

لقد ثبت أن الصيام يُقلل العديد من عوامل الخطر المُختلفة، بما في ذلك ضغط الدم والكوليسترول الكلي، والكوليسترول الضار في الدم وعلامات الالتهابات ومستويات السكر في الدم، كذلك فهو يُخفّض مستويات الأنسولين في الدم بشكل كبير، ما يسهّل حرق الدهون، ويزيد مستويات هرمون النمو في الدم بقدر 5 أضعاف وبفضل زيادة مستوى هذا الهرمون تسهل عملية حرق الدهون واكتساب العضلات.

كما أن الصوم يُغيّر وظيفة الخلايا والجينات والهرمونات، فعندما لا نأكل لفترة من الوقت، تحدث أشياء كثيرة في أجسامنا، حيث يبدأ الجسم في عمليات إصلاح خلوية مهمّة ويغيّر مستويات الهرمون ليُحلل الدهون المُخزّنة في الجسم بسهولة أكثر.

وهناك بالطبع العديد من الفوائد الأخرى مثل إصلاح الخلايا حيث يحُث الجسم على عمليات إصلاح خلوية مهمة، مثل إزالة النفايات من الخلايا الموجودة في جسم الإنسان، والتغيير الجيني فهناك تغييرات مُفيدة في العديد من الجينات والجزيئات المُتعلقة بطول العمر والحماية من المرض.

وأكثر ما يهم الناس في الحقيقة ونراهم يحرصون عليه في شهر رمضان هو محاولة إنقاص الوزن خلال الصيام، خاصة دهون البطن. فكثير من الذين يصومون يحاولون إنقاص أوزانهم الثقيلة أو على الأقل يحلمون بذلك، ويتجدّد الحلم كل عام!.

ولكن الأهم من كل ذلك، وأهم حكمة من الصوم هو أن يصوم المرء بكل جوارحه فلا يمتنع الإنسان عن الأكل والشرب فقط، ولكن يمتنع عن كل ما يخدش صيامه وقيامه وعبادته، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصيام جُنَّة» أي ما يُجِنُّك، أي يسترك ويقيك مما تخاف.

والمعنى: أن الصيام يستر صاحبه ويحفظه من الوقوع في المعاصي، التي هي سبب العذاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم:»الصِّيامُ جُنَّةٌ من النَّارِ، كَجُنَّةِ أحدِكمْ من القِتالِ»، وهذا دليل بيِّن على فضل الصيام.

فليكن صيامنا لوجهه تعالى صياماً عن الأكل والشرب وعن كل ما يُغضب الله سبحانه وتعالى، ولنتصدّق بالمال والطعام وبالكلمة الطيّبة قدر استطاعتنا، وأدعو الله أن يُعيد هذا الشهر الفضيل علينا وعلى جميع المسلمين وقلوبنا صافية على بعضنا، مليئة بالحب والسلام، وديارنا تنعم بالأمن والأمان.الراية القطرية