أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


«حرب الناقلات» وألغازها

بقلم : عريب الرنتاوي
17-06-2019 04:57 AM

ثمة «ألغاز» كثيرة بحاجة للتفكيك حين يتصل الأمر بـ»حرب الناقلات» التي اندلعت مؤخراً في الخليج العربي وبحر عمان... معظم، إن لم نقل جميع الاتهامات التي توجه لهذا الطرف أو ذاك، تبدو من النوع السياسي، المتوقع سلفاً ... لا أحد لديه «رواية جازمة» تحدد المسؤول عن الاعتداءات التي طالت حتى الآن، ست ناقلات نفط من مختلف الجنسيات، ذلك أن «الفيديو» الذي أظهرته واشنطن بوصفه الدليل، لم يضف شيئاً، ولم يأت بأي حقيقة صلبة، حتى أن ألمانيا الاتحادية، شريكة الولايات المتحدة وحليفتها، قالت بلسان وزير خارجيتها بأن «الشريط إياه» لا يثبت شيئاً.
مصدر الالتباس و»الألغاز» المتناسلة، إنما يعود لتعدد الأطراف التي لها «مصلحة عليا» في تصعيد حدة التوتر ... إيران التي تختنق اقتصادياً بالعقوبات الأمريكية غير المسبوقة المفروضة عليها، لها مصلحة في إيصال الأزمة إلى حافة الانفجار، وأحسب أنها لن ترتضي بخيار «الموت جوعاً» وستفضل عليه خيار التصعيد والتوتر و»حافة الهاوية»... إسرائيل لها مصلحة «عليا» في التصعيد، فهي تخشى إيران وتخشى حرباً منفردة عليها، وتريد للأمريكيين أن يخوضوا غمار هذه الحرب نيابة عنها، حتى وإن اضطرت لخوضها من ورائهم وإلى جانبهم، ولكن ليس قبلهم ولا أمامهم.
وحدهم العرب «حائرون» في خياراتهم، إن كانت لديهم خيارات أصلاً ... هم لا يريدون الحرب لأن بلدانهم ستكون ساحتها الرئيسة، ممراً ومقراْ للصواريخ والطائرات من دون طيّار ... بيد أنهم لا يريدون المبادرة لتجريب خيار السلام والتفاوض وصولاً لبناء نظام إقليمي جديد للأمن والتعاون، سيما وأنهم هم أنفسهم عجزوا عن بناء نظام «قومي» صلب وفعّال لمواجهة الأخطار والتحديات، بدلالة حالة «الكساح» التي تصيب جامعتهم العربية، ومآلات الفشل التي انتهت إليها تجارب المجالس «الإقليمية»... كثيرون قرروا السير في ركاب واشنطن، حتى وإن قادتهم إلى قعر الهاوية وليس إلى حافتها فحسب.
لكن واشنطن على ما يبدو، ما زالت على موقفها المتردد في خوض غمار حرب خليجية ثالثة، والأرجح أنها تسعى في توظيف «حرب الناقلات» والاتهامات الفورية (السياسية حتى الآن) لإيران بالمسؤولية عن اندلاعها، لإجبار إيران على الجلوس إلى مائدة مفاوضات، حتى وإن بشروط أقل من تلك الاثنتي عشرة التي كشفها مايك بومبيو ... يبدو أن ترامب يريد اتفاقاً نووياً ثانياً مع إيران، يحمل اسمه بدل اسم سلفه باراك أوباما، الذي يسعى لشطبه نهائياً من «كتاب الرئاسات الأمريكية»، حتى وإن جاء الاتفاق معدلاً في بعض جزئيات و»مواقيته» لا أكثر ولا أقل.
لا ينبغي على دول المنطقة، العربية أساساً، إن تذهب بعيداً في رهاناتها على واشنطن، ولا أن تستمر في مساعيها لجرها إلى أتون حرب جديدة ... واشنطن لن تحارب من أجل أحد، وهي قد تفاجئ الجميع بإبرام صفقة شاملة مع طهران، لا نستبعد أبداً أن تكون على حساب العرب، والمؤكد أنها ستأتي – حال حصولها - من خلف ظهورهم.الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012