أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


طوق النجاة للأردن بتغيير نهجه السياسي والاستقواء بالداخل

بقلم : د. شهاب المكاحلة
19-06-2019 06:02 AM

منذ مدة بسيطة تحدثت ومجموعة من المختصين الغربيين في الشأن الأردني الذي ما إن خرج من مشكلة حتى يقع في مشكلة أكبر منها تارة بقصد وتارة بجهل.
لم أر الأردن يمر عبر قرن من الزمان بظروف حالكة مثلما يمر به اليوم ما يتطلب تغييراً في النهج السياسي والاقتصادي والعودة الى القاعدة الشعبية لأن الشعب هو وحده صمام الأمان. ويرى عدد من هؤلاء أن الازمة الأردنية اليوم لم تبدأ بالأمس بل بدأ التخطيط لها منذ دخول الأردن في اتفاقية السلام مع إسرائيل لتحييده ومن ثم التفرد به وارضاخه واخضاعه لتنفيذ المراحل القادمة التي تخدم النهج الإسرائيلي والتوسع الصهيوني في المنطقة العربية وفق معادلة دولة إسرائيلية من النهر الى النهر لاستعادة الامجاد الإسرائيلية على حساب الأردنيين والفلسطينيين.
منذ العام ٢٠٠٧ بدأ الإسرائيليون بانتهاج مسار الانفتاح الخارجي على دول الخليج العربي لتجنب دور الأردن المباشر في أن يكون ضابط اتصال بين الطرفين. وهذا ما أضعف تأثير الأردن من الناحية السياسية الخارجية والتي بدورها أضعفت من حجمه ودوره الإقليمي. وحتى يتحقق المراد بشكل انسيابي أكثر، تم إنضاج الربيع العربي لإحداث التغيير في الدول التي قد تشكل عقبة فيما بعد فيما يتعلق بالتطبيع المجاني مع إسرائيل. فكانت الأزمة المفتعلة في سوريا والتي كان الخاسر الأكبر فيها هو الشعب السوري والتلويح بأزمة مشابهة في الأردن في بداية مارس ٢٠١١ إلا أن الأردنيين بوعيهم أفشلوها.
أصبح الأردن بعد العام ٢٠١١ دون غطاء سياسي ودون دعم اقتصادي أو عسكري بعد أن كان كل ذلك يمنح للأردن في الماضي دون عناء المطالبة به واليوم ما الذي تغير؟
بكل بساطة ما تغير هو الأولويات الدولية واللاعبون الجدد على الساحة الإقليمية. فبعد ان كان الأردن لاعباً مميزاً في الصفوف الأمامية في الملعب السياسي الإقليمي والدولي، حتى أن أحدهم شبهه بصانع الألعاب، تراجع اليوم ليصبح في صفوف الدفاع ضمن حدود منطقته التي رُسمت له ودون مقاومة منه لاستعادة ذلك الدور الذي فقده بسبب تغير الأولويات والمستجدات على الساحة الإقليمية ولعبة التوازنات رغم المناورات السياسية الأردنية في السنوات التي سبقت لكسب المعركة على الإقليم والحصول على نصيب الأسد من التنازلات السياسية والاقتصادية له نظير الخدمات التي كان الأردن يعول على تقديمها في مد جسر من التواصل بين دول الإقليم وإسرائيل.
منذ العام ٢٠١١ لم يتقن الأردن فن اللعب على المتناقضات فكانت سياسته محدودة الجدوى والفاعلية نظراً للمفاعيل الرأسمالية المسيسة. فبات الأردن يترنح تارة بين قبول الضغوط الإقليمية عليه وبين رفضها ما انعكس سلباً على اقتصاده وتموضعه. تلك المساعدات شكلت العصا الغليظة في التحركات الإسرائيلية لابتلاع ما تبقى من الأرض الفلسطينية وفق صيغة استثمارية للقضاء على حلم الدولة الفلسطينية وتقطيع أوصالها.
فهل يا ترى الصفقة المزعومة جيدة للأردن؟
وفق ما يقوله الخبراء الاقتصاديون فإن صفقة القرن (المالية والاستثمارية والاقتصادية) لا يمكنها أن تنتشل الأردن من ديونه الخارجية والداخلية التي وصلت إلى أكثر من (٨٠ مليار دولار) لسبب بسيط للغاية وهو أن تلك الصفقة لن تكون مالية بمعنى ان يتم الإيداع في الحساب الخاص باللاجىء أو بالحساب الخاص بالبنك المركزي الأردني بل سيكون ذلك على شكل استثمارات وتمويل وإعادة تمويل للمشاريع القائمة والتي سيخطط لها وتعمل على الإشراف عليها الدول الممولة. أي ان مفاعيل تلك الأموال والاستثمارات لن تكون ملموسة في السنوات القليلة القادمة ما لم يفتح الباب امام العمالة الأردنية باستعادة مكانتها في دول الإقليم مثلما كان عليه الحال قبل العام ١٩٩١.
لذلك، يرى الخبراء الماليون والاقتصاديون أن الصفقة هي للتوقيع وأخذ الصور ونشرها. فجميعنا يتذكر أنه حين وقع الأردن اتفاقية السلام مع إسرائيل لم تقم الدول العربية والدول الكبرى بشطب ديونه بل زادت القروض التي يحصل عليها وزادت معها الفوائد التي نعجز اليوم عن سدادها.
الصفقة المزعومة تعني اغراق الدول ذات العلاقة بالديون أكثر وأكثر حتى لا يكون في الميدان سوى إسرائيل. فلو وافق الأردن على الصفقة مثلاً، ماذا سيحدث؟
سيتم اشعال نيران حرب محدودة في المنطقة ومن ثم ستخرج مظاهرات محدودة دون أن تصاحبها تغطية إعلامية محلية أو إقليمية أو دولية. وعندها يتم الإعلان عن الموعد الرسمي لافتتاح صفقة القرن بشقيها السياسي والاقتصادي برعاية ومباركة دولية بعد أن يتم الاتفاق على الآلية المالية للصفقة والمستقبل السياسي للدولة الفلسطينية.
لذلك على القيادتين الفلسطينية والأردنية العودة الى الشعب وكسب رضاه أولاً وأخيراً لأنه الوحيد القادر حمايتهما من الضغوطات الخارجية الممنهجة والمسيسة.
كاتب اردني مقيم في واشنطن..' رأي اليوم '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012