|
|
|
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
خلاف زوجي عادي
بقلم : المهندس هاشم الزيادات العبادي 22-06-2019 11:25 AM تذكرت هذا النص اثناء جلوسي تحت الشجرات الفاسقات ولا بأس بالاعادة هذه حقيقة ، حدث خلاف حاد بينه وبين زوجته وهو خلاف جوهري ينضوي تحت تصنيف الحاد منها . لا تنفع معه كل انواع الجاهات والصلحات واصلاح ذات البين ، او معاهدات ،أو صلح مؤقت أو حتى هدنة . لا أحد يستطيع تقريب وجهات النظر ، أو تخفيف الحدة ، فهم هنا في هذا الخلاف شرق وغرب ، أسود وأبيض ، أخضر ويابس ، ولذا إستمر ، استبيحت به كميات كافية من اللهجة المحكية ، ترتطم بشدة على الجدران وتتناثر احياناً على هيئة صدى . خلافهم جوهري كما أسلفت فهو من عشاق الطبيعة بل هو أصولي متطرف ، وهي من عشاق النظافة وتعتبرها شعائر مقدسة ، لذا فمعاركهم ستدور رحاها في تلك الجبهات التي تلتقي فيهما وجهاً لوجه وجهتي تقديسهم. ، الجبهة الاولى هي ' البرندا' وهي شاسعة وطولها 22م وعرضها 10 متر مغطاة بالكامل بشجر ' اللزاب والصنوبر' ، وهي اشجار ' باسقة' بنظره ، ولكنها ' فاسقة ' بنظرها ، فلا بد من الحرب هناك ، تطرح اشجاره اوراقها الأبرية' بروتين يومي وفصلي' ، ومكنسة زوجته بالمرصاد ، تعبت المسكينة وهي ترى هذه الاعتداءات على مجالها الحيوي ، وكان مطلبها صاعقاً له ، عندما سمعها وهي تطلب قطع الأشجار وتعبها ، أقعدي يا زوجة قال لها ، هذه زرعتها قبل 20 عاما بالتمام فلقد تخيل هذا المنظر منذ الطفولة وها هو حلمه تحقق ويضلله ، ابر الصنوبر ليس قذارة ولا وساخة هو طرح طبيعي بل ووجوده على بلاط البرندا هو ضروري لإستمرار الحياة ، لا زالت هذه المعركة مفتوحة ولن تنتهي الا بانتهاء احدهما اما الاشجار فلن تنتهي حتى وإن ماتت فهي ستموت واقفة اما الساحة الأخرى فكانت على طول 11 أباجورا خشبيا لشبابيك طويلة عريضة راعى فيها عند التصميم أن تغري أكبر كمية من أشعة الشمس ، وتغنج لكل نسمة هواء عليل ، وحصل ما لم يحمد عقباه من وجهة نظر تقديس زوجته ، وهو الإستيطان غير المشروع لأعداد هائلة من عصافير ' الدوري' ، فقامت باحتلال ' الأباجورات' وبنت أعشاشها داخلها ، بل تزاحمت وكأنها مخيمات ، أشار الدهاة عليه بأن يركب ' العصيفيرية' وهو اختراع معاكس لإسمه وهو قطعة المنيوم تسد أي طريق بوحه اي عصفور ، وحاجز أجباري ، قال لنفسه ساخراً هل أنا مجنون لأسمع كلامهم؟ وكيف له أن يحرم نفسه هذا المنظر الصباحي عندما يصحو وركام الزوجة بجانبه وينظر الي فوق رأسه وهو يرى اكثر من عشرين عين دوري تتلصص عليهم؟ مجنون من يضحي بهذا المنظر ، عزت أفواج من الدوري كل المكان ، وربما أنها فهمت دعواته لها وهو ينثر قمحاً وما تيسر من علف حول البيت. فأمتلأ البيت بصراخ الدوري وصراخ خلافهم، لم يبق مكان الا وسكنته العصافير ، بل أن احدها تفتق ذهنه عن استخدام شباك حمام الضيوف الغرباء ، فإستغل مواربة الزجاج التي فتحها عمداً ، فقام بثقب المنخل ليبني عشه في هذه المساحة الضيقة بين المنخل والزجاج ، فكان المنظر وكأنه لوحة فنان بأطار ، ترى بيض العصفور وجهاً لوجه . أعجبته اللوحة ، في الصباح ذهب عمداً الي هناك ، طار العصفور على غير هدى بحثاً عن الثقب في المنخل ليهرب ، وربما فقد بعضا من ريش ، في اليوم التالي بنفس الموعد هرب العصفور سريعا ، في اليوم الثالث تكاسل قبل الهروب ، أما اليوم الرابع فإكتفى بالنهوض والوقوف على فوهة الثقب ، الخامس بقي جالساً لكنه حدّق به جيداً متوجساً ، بالسادس تظاهر العصفور أن الأمر لايعنيه ، بالسابع أخذته طائرة الاغتراب ، ويجزم أن العصفور كان ينتظره . كتب لاحقاً وصية لزوجته :- إن مت قبلك ( امنيتي ان اموت قبلك لدواعي عائيلة صرفة ، فالأم تلم العائلة) حددي مكان القلب بالقبر وأغرسي شجرة صنوبر ، وانثري قمحاً لإغراء أكبر عدد من العاصفير ، وأعدك أن متّي قبلي ، سأشتري مكنسة كهربائية ودفنها معك .
التعليقات
1) تعليق بواسطة :
23-06-2019 10:41 PM
 اسعد الله اوقاتك اخي الكريم المهندس هاشم العبادي من اجمل ما قرأت مبدع بكل ما تحمله الكلمة من معنى تحياتي لك
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
الرد على تعليق