أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ما بين الثقة بالنفس وبين الغرور شَعْرَة

بقلم : د . أمجد الرحامنة
11-07-2019 11:57 AM

الغرور في الغالب يكون سكرة ناجمة عن جرعة زائدة من الإعجاب بالنفس حجبت عن عقل صاحبها حقَّ ربه وحقَّ نفسه وحقَّ الآخرين، حتى تُفضي به إلى تفخيم نفسه وإسباغه عليها هالة من الكمال الزائف والإعجاب بالذات، إلى درجة يفقد بها القدرةَ على رؤية الأمور من وجهات نظَر الآخرينَ من حوله، فلا يرى إلا نفسه ولا يقبل إرشادا أو تنبيها، بل إنه يُلْبِس غرورَه اسم الثقة والاعتزاز بالنفس، ويُلبس إرشادَ الآخرين له وتنبيههم إياه اسمَ الحسد والغَيْرة؛ فيُكثر التبريرَ لأخطائه وعثراته، ويشكِّك في كفاءات الآخرين، وينظر إليهم نظرةَ احتقار لا تنفَكُّ عنه.

فأحبُّ الناسِ إليه مَنْ يكون رجعُ صدى لقوله ورأيه، فتكون سِماتُه -بمجموعها- سمات طاردة لا سمات جاذبة، وتلك غائلة المغرور ومقبرة فَلاحِه؛ لأنه يخطئ على نفسه وعلى الآخرين، فخطؤه على نفسه أنه قيَّمَها بأكبر من حقيقتها، وأَلْبَسَها ما ليس لها، وخطؤه على الآخرين أنه قيَّمَهم بأقلَّ من حقيقتهم فكَالَ بمكيالينِ حتى وقع في التطفيف الأخلاقي.

إنه لن يسلم المغرورُ من غروره إلا إذا أنصف من نظرته إلى نفسه ونظرته إلى الآخرين ونظرته إلى الدنيا.

ففي نظرته إلى نفسه يُدرك أنه خُلِقَ من طين لازب، لم يكتسب الفضلَ من لونه ولا نَسَبه ولا جاهه ولا وظيفته، وفي نظرته للآخرين يُدرك أن جميعهم لآدم، وآدم من تراب، وأن الله فضَّل بعضَهم على بعض، ورفَع بعضَهم فوقَ بعض درجات ليتخذَ بعضُهم بعضًا سخريًّا ويبلغهم فيما آتاهم، وأن المعيار الجامع بينهم هو تقوى الله جل َّ شأنُه.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012