أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


احمد ذيبان يكتب : حاميها.. حراميها!

بقلم : أحمد ذيبان
16-07-2019 06:21 AM


تكشفُ بعضُ تداعيات ثورتَي الجزائرِ والسّودانِ، الحجمَ الهائلَ منَ الفسادِ الّذي يُعشعشُ فِي كواليسِ السّلطةِ بالدّولِ العربيّةِ، وغيابَ الرّقابةِ الشّعبيّةِ والقضائيّةِ والبرلمانيّةِ، وهُوَ مَا يؤكّدُ المقولةَ السّائدةَ «السّلطة مفسدة»! وأنَّ كلَّ ما تردّدُه الأنظمةُ وتثيرُه وسائلُ إعلامِها من ضجيجٍ، عَنْ مُكافحةِ الفسادِ مجرّدُ عملياتِ تجميلٍ لتضليلِ الرأيِ العامِّ!

كانتْ ثنائيةُ «الفساد والاستبداد»، أهمَّ العناصرِ فِي إطلاقِ ثوراتِ الربيعِ العربيِّ عامَ 2011، الّتي لا تزالُ مُستمرّةً وأحدثُ وأنضجُ تجلياتِها، ما تشهدُه الجزائرُ والسودانُ مِنْ حراكٍ منذُ عدّةِ أشهرٍ، ويبدُو واضحاً أنّهما استفادَتا مِنْ أخطاءِ التجاربِ السّابقةِ، فِي تونسَ ومِصرَ واليمنِ وسوريا وليبيا، حيثُ انتهجَ شبابُ الثّوراتِ ونشطاؤُها فِي الجزائرِ والسّودانِ، سياسةَ النّفسِ الطويلِ والصّمودِ فِي الميادينِ، وتحديدِ الأهدافِ والتمسُّكِ بِها حتّى بعدَ سقوطِ رموزِ نظامَي بوتفليقةَ والبشيرِ، وبدتِ الثّقةُ مفقودةً بما يقولُهُ الجنرالاتُ الّذينَ ساهمُوا بشكلٍ أو آخرَ، في إزاحةِ بوتفليقةَ والبشيرِ عَنْ كرسيِّ رئاسةِ الجمهوريّة!

العديدُ مِنْ رؤوسِ السّلطةِ فِي البلدَينِ، تمَّ إيداعُهم السِّجنَ وتقديمُهم للمحاكمةِ بتهمِ الفسادِ، وفِي الجزائرِ تمَّ سَجنُ رئيسَي وزراءَ سابقينَ، هما «أحمد أويحيى» و»عبد المالك سلال»، والمُديرِ العامِّ السّابقِ للأمنِ الوطنيِّ عبد الغني هامل واثنيَنِ منْ أبنائِه، كَمَا تمّ التحقيقُ أو توقيفُ العديدِ مِنَ الوزراءِ وكبارِ المسؤولينَ السّابقينَ وقادةِ أجهزةٍ أمنيّةٍ، أو منعُهم منَ السّفرِ والحجزِ على أموالِهم.

وفِي السّودانِ تمَّ اتخاذُ إجراءاتٍ مُشابهةٍ منْ قبلِ المجلسِ العسكريِّ الانتقاليِّ بضغطٍ مِنَ الثّوارِ، وكانَ علَى رأسِ الفاسدينَ الرئيسُ المعزولُ عمرُ البشير، الّذي تمّ ضبطُ ملايينِ الدولاراتِ فِي منزلِهِ، وتبيّنَ أنَّ بضمنِ كبارِ الفاسدينَ ضباطٌ كبارٌ وقادةُ أجهزةٍ أمنيّةٍ، هؤلاءِ جميعاً كانُوا يصولُونَ ويجولُونَ ويملكونَ سلطةً مُطلقةً، و»ينظرونَ» علَى النّاسِ بالمواعظِ والحديثِ عنِ النّزاهةِ والشّفافيةِ!

ومِنْ سخرياتِ القدرِ أنَّ قادةَ وكبارَ ضبّاطِ الأجهزةِ الأمنيّة، يتصرّفُون وهُمْ فِي مواقعِهم كملائكةٍ، يعتقلونَ ويحقّقونَ ويحيلونَ إلى المحاكمةِ ويمنعونَ منَ السّفرِ، الكثيرَ مِنَ المُعارضينَ والنّشطاءِ بذريعةِ الحفاظِ علَى أمنِ الوطنِ والمُواطنِ، لكنْ في خلفيّةِ المشهدِ يرتكبُ بعضُ هؤلاءِ الموبقاتِ، ويعْبثونَ بمصالحِ الوطنِ ويُمارسونَ الفسادَ بدونِ حسيبٍ أو رقيبٍ!

هؤلاءِ مكثُوا فِي السّلطةِ فترةً طويلةً، وبالإمكانِ تخيّلُ حجمِ الفسادِ الّذي اقترفُوه، والثرواتِ الّتي راكمُوها بغيرِ وجهِ حقٍّ، مِنْ جيوبِ النّاسِ دافعِي الضّرائبِ، ولمْ يكنْ بالإمكانِ كشفُ تفاصيلِ هَذَا الفسادِ، لولَا وقوعُ الثوراتِ فِي بعضِ الدّولِ العربيّةِ.

وكمْ مِنَ النّماذجِ والأسماءِ يتداولُها الرأيُ العامُّ، كنماذجَ علَى فسادِ أشخاصٍ دخلُوا بيتَ السّلطةِ، وهُم يملكونَ القليلَ منَ الْمالِ، لكنّهم خرجُوا منها أصحابَ ثرواتٍ هائلةٍ وقصورٍ وعقاراتٍ وشركاتٍ وغيرُ ذلكَ كثيرٌ.. !

ولَا أحدَ مِنَ الْمسؤولينَ العربِ الّذينَ خرجُوا من مواقعِهم، قُدِّم للمُحاكمةِ أو للتّحقيقِ بتهمِ فسادٍ باستثناءِ « قلّةٍ قليلةٍ»، رغمَ الخرابِ الهائلِ الّذي سببّته سياساتُهم وقراراتُهم الخاطئةُ لدولِهم وشعوبِهم، والمُؤشراتُ واضحةٌ علَى ذلكَ، مِنْ إفقارٍ وأزماتٍ اقتصاديّةٍ وتعطيلِ المسارِ السّياسيِّ، وعدمِ مُشاركةِ المُواطنينَ بصنعِ القرارِ وَفقَ آلياتٍ ديمقراطيّةٍ حقيقيّةٍ، وليسَ بإجراءِ انتخاباتٍ صوريّةٍ محسوبةٍ نتائجُها مُسبقاً!

ويُمكن الإشارةُ إلى ما ذكرتْه صحيفةُ ديلي تليغراف البريطانيةُ مُؤخّراً، أنّ حاكمَ إمارة دبي الشّيخ «مُحمّد بن راشد»، يمتلكُ إحدَى أكبرِ مزارعِ الخيولِ فِي بريطانيا، وتقدّرُ قيمةُ استثماراتِهِ فِي هَذَا المجالِ بعدّةِ ملياراتٍ مِنَ الْجنيهاتِ الإسترالينيّةِ!

دونَ أنْ يتمَّ مراجعةُ المرحلةِ الماضيةِ، وكشفُ مِنَ الْمسؤولِ عَنِ الْوضعِ الكارثيِّ! وفِي صددِ مُكافحةِ الفسادِ لا يضيرُنا الاستشهادُ بالعدوِّ، حيثُ تمَّ إخضاعُ رئيسِ الوزراءِ نتنياهو وهُوَ فِي السّلطةِ وكذلك زوجتِهِ «سارةَ»، للتحقيقِ والمُحاكمةِ بتهمِ فسادٍ!

الفسادُ يحتاجُ إلَى بيئةٍ سياسيّةٍ وإداريّةٍ، وهِيَ مُتوفّرةٌ وخصبةٌ فِي بلادِنا العربيّةِ، ومِنَ الْمُفارقاتِ أنَّ المُؤسّساتِ العسكريةَ والأمنيّةَ المُكلفةَ بحمايةِ الوطنِ والمُواطنِ، تحوّلتْ إلى مرتعٍ للفسادِ و»البزنس» ! الراية القطرية

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-07-2019 09:58 AM

اشكرك ،مقال يلخص الوضع ويمكن إسقاطه أينما وليت وجهك

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012