|
الأربعاء , 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
ليتوانيا تتخلى عن النووي
بقلم : د.أيوب أبو دية 20-08-2019 11:04 AM ورثت الدولة الليثوانية عن الاتحاد السوفياتي مفاعلين نوويين وكانت تعتمد اعتماداً أساسياً على الطاقة النووية في توليد الكهرباء حيث تربعت على عرش العالم في نسبة مساهمة الكهرباء النووية من حاجتها إلى الكهرباء والتي بلغت نحو 80%. وبذلك تكون قد تجاوزت فرنسا التي كانت تسهم الكهرباء النووية فيها بـ 75% من حاجتها إلى الكهرباء، ولكن في عام 2004 دخلت ليثوانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي وكان احد شروط العضوية التخلي عن الطاقة النووية، وقد فعلت ذلك في عام 2009 بوقف المفاعلين والشروع في تفكيكهما وإعادة تأهيل المنطقة المحيطة بهما ومعالجة النفايات والإشعاعات في المنطقة. وبحكم الاعتماد الكبير على الكهرباء النووية وصعوبة التخلي عن الكهرباء النووية دفعة واحدة طرحت فكرة بناء مفاعل واحد جديد، ولكن شروط الاتحاد الأوروبي كانت أن يتم عمل استفتاء شعبي بهذا الخصوص؛ وكانت نتيجة الاستفتاء في عام 2012 أن الشعب الليثواني الذي لا يتجاوز عدد سكانه الثلاثة ملايين نسمة قد رفض بنسبة 65% العودة إلى المشاريع النووية، وبذلك انطوت الصفحة إلى الأبد كحال ألمانيا وسويسرا وإيطاليا والسويد وإسبانيا وغيرها من الدول. وبدأت الحكومة في إعداد خطة وطنية لسد احتياجاتها من الطاقة. فكيف تم ذلك؟ بدأت هذه الخطة على قاعدة تخفيض اعتماد ليثوانيا على الغاز من روسيا والاعتماد على ذاتها، فقامت ببناء ميناء عائم للغاز المسال LNG خلال عام 2014 في مدينة كلايبيدا Klaipeda الواقعة على بحر البلطيق، وهذا الأسلوب في السيطرة على استيراد الغاز وتخزينه ساعد الأردن أيضاً لتجاوز أزمته ويعتبر إنجازاً كبيراً في مجال الطاقة وحبذا لو انجز هذا المشروع الأردني مبكراً أكثر، أي مباشرة بعد انقطاع الغاز المصري عام 2011، فلو أنجز بسرعة عام 2012 لوفّر على الدولة مليارات من الدنانير. كذلك انطلقت مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كما انطلقت عندنا بقوة في البداية (2014 – 2018) قبل ان تترنح بفعل اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني وسوء التخطيط الذي أوصلنا الى قدرة على الانتاج تفوق حاجتنا بكثير، حيث غدوت ترى في الريف الليثواني مراوح هائلة للرياح والتي خلقت فرص عمل عديدة في الأطراف خلال فترة بناء هذه المشروعات وكذلك خلقت وظائف مستدامة لمتابعة الصيانة وما إلى ذلك. أيضاً تعتمد ليثوانيا على مشروعات كهرومائية وغيرها من مصادر الطاقة المحلية ووضعت نصب عينيها هدف 100% طاقة متجددة بحلول عام 2050 لتغطية كافة احتياجاتها من الكهرباء والطاقة الضرورية لتدفئة المنازل وتشغيل المصانع. وتعتبر دول البلطيق الثلاث: ليثوانيا واستونيا ولاتفليا في يومنا هذا مثالاً يحتذى حيث وصلت في فترة عقد واحد من الزمان فقط إلى إنتاج 71% من كهربائها بالاعتماد على الذات من الطاقة المتجددة مع الاعتماد على الكهرباء الأوروبية في هذه المرحلة الانتقالية، وبخاصة من السويد، كذلك كانت الخطط مدعمة بمشاريع توفير وترشيد في الاستهلاك وزيادة كفاءة الأنظمة الحرارية في مختلف أصقاع البلاد. وأخيراً لابد من القول إن الاتحاد الأوروبي اليوم يشن حملة على دولة بيلاروس الواقعة جنوب ليثوانيا لأنها تقوم ببناء مفاعل نووي على حدود ليثوانيا الجنوبية، ويشكل هذا المفاعل خطراً على أوروبا والعالم بمجمله مهما كانت احتمالات الخطر ضئيلة، فلم تعد الشعوب الأوروبية مقتنعة بالطاقة النووية بل غدت تحاربها بشدة على قواعد أخلاقية بالدرجة الأولى تجاه شعوبها وحماية للأجيال القادمة والبيئة، فضلاً عن الشعور بالمسؤولية تجاه هذا الكوكب وحمايته من المخاطر الإشعاعية التي يمكن أن يتعرض لها لملايين السنين، فلماذا المجازفة بمستقبل الشعوب وصحتهم ومصادر رزقهم طالما هناك بدائل متوافرة ومستدامة ووطنية وقليلة التكلفة وأكثر أمناً بكثير؟
التعليقات
1) تعليق بواسطة :
20-08-2019 11:04 PM
 انت نسيت يادكتور ان تشير الى كلفة الطاقة النووية. الغاز الان يكلف قرشين الى ثلاثة قروش مضاف عليه ربح "التوليد والتوزيع". والنووي يكلف ١٠ ال ١٥ قرش للكيلوواط فيكون حاليا اغلى مصدر للكهرباء.
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
الرد على تعليق