أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


سايكس بيكو جديد… أردن بلا أردنيين وفلسطين بلا فلسطينيين وسوريا بلا سوريين

بقلم : د. شهاب المكاحلة
30-08-2019 12:11 AM

منذ مدة، بدأ الحديث عن سايكس – بيكو القرن الواحد والعشرين. ويعني ذلك تفريغ الأردن من الأردنيين وفلسطين من الفلسطينيين وسوريا من السوريين بطرق شتى بصراعات داخلية مثلما يحدث في سوريا اليوم، أو عبر مخططات سياسية خبيثة تلعب بديمغرافيا الدول المفتاحية في الصراع العربي الإسرائيلي بشرخ العلاقة بين الشعب ونظام الحكم عبر الضغط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والإعلامي والثقافي والعسكري.
بدأت سلسلة سايكس- بيكو الجديدة على أيدي ضباط استخبارات غربيين يساندهم الموساد الإسرائيلي بتدمير العراق أولاً وتهجير سكانه والتلاعب بديمغرافيته لأن العراق كان العدو الأول لإسرائيل. وبعد زوال الخطر العراقي، جاء الدور على سوريا التي رغم الحرب والصراع المستمر منذ أكثر من ٨ سنوات لا زالت رواتب الموظفين فيها تُدفع وأسعار السلع أرخص من دول مجاورة. لذا كانت المحاولة لإضعاف القوات المسلحة السورية بإشعالها بصراع داخلي وحرب شوارع ومن ثم تفريغ سوريا من أهلها عبر التهجير والترانسفير إلى دول الجوار السوري وإلى دول أوروبية وأميركية.
وبممارسة المزيد من الضغط على الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية من كافة أطراف المعادلة، تبدأ السلسلة الثالثة من سايسك-بيكو الجديد بالتلاعب بالتركيبة السكانية في كلا الدولتين عن طريق بعض تجار السياسة ممن لا تربطهم بالأردن أو بالسلطة سوى جوازات سفر لتسهيل مهماتهم. اليوم، يمر الأردن والأردنيون وفلسطين والفلسطينيون بحالة اجتماعية واقتصادية وسياسية غريبة بتغريب ممنهج للمجتمع والشعب.
بدأت القصة بمنهجة الفساد وسرقة مقدرات الوطن واستنزاف جيب المواطن لمصلحة حفنة لا تراعي وطناً وشعباً. حفنة عاثت بالبلاد والعباد فساداً طولاً وعرضاً وانتهكت كل المحرمات مستندة إلى دعم إقليمي ودولي وتخطيط عالي المستوى لإضعاف معنوية الشعب من أجل إنهاك الدولتين والضغط على الأنظمة الحاكمة بالقبول بما تريده مطابخ صنع القرار العالمي بدءاً بصفقة القرن إلى فك شيفرة الوطن وإنهاء الحديث عن حلم الدولة الفلسطينية عبر تغيير الديمغرافيا والحدود.
نعم، يراد لنا أن نكون في الأردن وفلسطين وسوريا والعراق ولبنان وقوداً لصراع إقليمي ومصالح دولية في لعبة شد الحبل إذ تبدأ الحلول الدولية لمعاناة إسرائيل عبر خلق أزمات في دول الجوار الإسرائيلي فقط للتكيف وقبول ما تريده الحكومات الإسرائيلية المتطرفة. وهذا واضح عبر سياسات إقليمية ودولية وسياسة العصا والجزرة مع كل من الأردن والسلطة الفلسطينية بعد أن فقد كل منهما الدعم اللوجستي الحقيقي من قطبين منهكين بعد أعوام من الإرهاب: سوريا والعراق.
تكمن المشكلة فيما يبدو بالهوية الوطنية الأردنية ومدى قدرتها على البقاء في المستقبل في ضوء المزيد من المساعدات المالية والاقتصادية والعسكرية التي تقدم للمساومة على مواقف ثابتة دون التفريط بالقدس والمقدسات والتمسك باللاءات الثلاث. فالأردنيون اليوم يخشون أن وطنهم سيكون وطناً بديلاً لغيرهم وليس للفلسطينيين وحدهم وما تلك التغريبة الديموغرافية والتوليفة السكانية العجيبة في الأردن إلا باكورة لتشكيل دولة جديدة بتركيبة سكانية فريدة من نوعها. هذا باختصار فكرة اليمين الإسرائيلي الأميركي منذ ثمانينات القرن الماضي وهذا ما يجري العمل على تحقيقه ضمن سايكس-بيكو جديد يتماهى مع الواقع العربي الجديد.
كاتب اردني مقيم في واشنطن - رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012