أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


معركة إدلب أولوية الدولة السورية في رسم التحولات الكبرى

بقلم : الدكتورة حسناء نصر الحسين
16-11-2019 03:37 AM

جملة من العراقيل وضعتها دول العدوان على سوريا(تركيا والولايات المتحدة الامريكية) في طريق الجيش العربي السوري لوقف زحفه باتجاه إدلب، مع ذلك استطاع الجيش السوري تحقيق انتصارات وتحرير مناطق عدة على محيط إدلب، ولم يقف عند حدود الاتفاق التركي الروسي بشأن إدلب والذي ادعت فيه تركيا رغبتها بمنحها فرصة أخرى للقضاء على هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة كما كانت تدعيه، بينما يظل هدفها في الحفاظ على هذه الجماعات وإحاطتها بالرعاية والاهتمام التركي المنقطع النظير وهذه في الحقيقة رغبة أمريكية قبل أن تكون تركية، بل ذهب الجيش السوري إلى تحرير مساحات واسعة في ريف حماه الشمالي ومناطق من ريف إدلب الجنوبي .
لم تتوقف مساعي التركي في الابقاء على إدلب بمنأى عن الصدام العسكري مع الجيش السوري وبعيدة عن استهدافها من قبل الروس، فذهب لعقد اتفاقات سوتشي واستانا وكلها لا تخرج عن الجهود الامريكية التركية في إبعاد إدلب عن أي استهداف، لتأتي تصرفات وسلوك الجماعات الارهابية عكس ما يخطط له التركي والامريكي تجاه الاتفاقات السابقة بالكثير من الخروقات والمزيد من عدم الالتزام بما جاء فيها، لتوضع كل تلك الاتفاقات في خانة الانهيار، وهذا ما يُفهم من حديث الروس وكذا الدولة السورية في كون هذه الاتفاقات لا تحمل صفة الديمومة وإنما وهي جراء مؤقت وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اكثر من تصريح، وهو ما ازعج كثيرا واشنطن ودفعها للتمركز في الشمال السوري والذي يهدف في جانب منه لتشتيت التوجه نحو إدلب خاصة مع تسارع عجلة الانتصارات التي يحققها الجيش السوري وفي أكثر من جبهة مواجهة وتماس مع الارهاب والاحتلال .
تركيا ذهبت في قلقها تجاه مصير إدلب إلى مديات وصلت لممارسة ضغوط على الاتحاد الاوروبي وتهديد الاوروبيين بورقة اللاجئين، وهو ما فشل فيه اردوغان، ولم يستطع وقف سير العمليات السورية الروسية في إدلب .
الدولة السورية أدركت طبيعة الحراك الامريكي الهادف لفرض أولويات أخرى للدولة السورية وصرفها عن أولوية إدلب، عبر تحريك التركي في الشمال وشنه للعدوان على الدولة السورية، لتبوء كل تلك الجهود العدوانية بفشل كبير يضاف الى سابقاته، ليجد الامربكي نفسه مرغما على إبقاء جزء من قواته المحتلة في جغرافيا النفط السوري في الشمال، والهدف هو فتح معركة من نوع آخر أسماها بعضهم بمعركة النفط، عبر سرقة الامريكان للنفط السوري وبذلك الشكل الفاضح والوقح، لكن يظل هنا الهدف هو حرف مسار الأولوية السورية في معركة التحرر عن معركة إدلب .
المثابرة التركية لإفشال المسعى الروسي في حسم ملف إدلب عسكريا يصطدم بإرادة سورية قوية في إنهاء هذا الملف، وهو تعبير عن قرار سيادي سوري في تطهير وتحرير كامل الأراضي السورية من الارهاب والاحتلال، لتدرك القيادة السورية لعبة تشتيت الأولويات وصناعة اجواء عدائية جديدة بغرض حرف مسار أولوية الدولة السورية والممثل بمعركة إدلب، وتأتي هنا زيارة الرئيس الأسد لجبهة إدلب خطوة تؤكد هذه الأولوية وتبثت قرار الحسم وتسقط كل جدليات هذا الملف عبر خطابه للجيش السوري لانتظار ساعة الصفر والأمر بالحسم من قيادة الدولة السورية .
هذه التقدمة تأكد موقع ومكان ملف إدلب لدى الامريكي والتركي وتصنيف هذا الملف في أجنداتهم تجاه سوريا ، وقناعاتهم بأن هذا الملف هو الورقة الأهم والأخيرة التي يجب الحفاظ عليها واللعب بها على المسارات العسكرية والسياسية والامنية ضد الدولة السورية، والابقاء على إدلب كمخزون استراتيجي للإرهاب وأكبر فقاسة للإرهابيين في العالم .
مع كل تعقيدات الشمال وخصوصية المعركة فيه، إلا أن إدلب تظل المعركة الأهم بالنسبة للدولة السورية، فحسم هذا الملف يعني حسما للعديد من الملفات الأخرى في مقدمها الارهاب وقطع يد التدخل الخارجية عبر توظيف ورقة الارهاب سواء في المحافل السياسية او الانسانية والأهم في الميدان .
تدرك القيادة السورية أن حسم معركة إدلب عسكريا يمثل محطة استراتيجية ستصنع تحولات كبرى ليس على صعيد المشهد السوري وإنما على الصعيد العالمي، وبقدر رهانات الامريكي والتركي على ملف إدلب وإمساكهم هذا الملف بكلتا يديهم، بقدر حجم الانتصارات ونوع التحولات التي سيسجلها الانتصار السوري في حسمه وإنهاءه لمعركة إدلب .
كل هذا سيدخل التركي ومن وراءه الامريكي في دوائر القلق المتزايد تجاه مصير ملف إدلب والجماعات الارهابية مع كل ما يحمله هذا الملف من خبايا وخفايا متعلقة بماهية وحجم الاهاربيين والذي بذل في سبيل إنشائهم وتشكيلهم الكثير والكثير من الاموال والسلاح والجهود والسياسات العدائية تجاه الدولة السورية .
يمكن القول بأن العد العكسي لمعركة إدلب بدأ رغم كل التعقيدات التي تلف هذه المعركة، ولم يعد تجميد هذا الملف واردا في المرحلة المقبلة وغير قابل للتفاوض مع أي طرف كان، ولم يعد لأم المعارك بعد الجهوزية العالية للجيش السوري سوى الانتظار للإشارة من قيادته الوطنية والتي ترى في إدلب معركة لا تقبل المرحلية، وأنه ملف لن يستطيع أي طرف مهما كان نفوذه وقوته أن يُبقي هذا الملف مفتوحا، فالقرار حُسم بالتحرير والجاهزية العالية في معسكر الجيش السوري وحلفائه تؤكد بأن الملف في طريقه للإغلاق، لتبدأ مرحلة جديدة مليئة بتحولات كبرى، الراسم الأوحد لها هو هذا الانتصار السوري الكبير في أم المعارك .
لتأتي تصريحات الرئيس الأسد في لقائه المتلفز الأخير عنوانا واضحا لملف الحسم في إدلب عبر تأكيده على أن العملية العسكرية في إدلب ضرورية وحتمية، ولا يمكن المساومة مع الارهابيين، والذي سيتم التعامل معهم بنفس الطريقة السابقة، إما العودة إلى حضن الدولة السورية وتسوية أوضاعهم أو الحرب .
علاقات دولية – دمشق..رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012