08-01-2020 09:55 PM
كل الاردن -
منذ ايام والحديث في الوسط الاعلامي يتناول ما أشيع عن تشكيل لجنة من خلال الديوان الملكي لتطوير الاعلام في الاردن ، وكما تابع الجميع فان من حضروا اللقاء وذكرت اسماؤهم في اللجنة المقترحة هم مع كل الاحترام لشخوصهم لا يمثلون الاعلام الرسمي ولا نقابة الصحفيين ومعظمهم ليسوا من الاسماء ذات الخبرات الطويلة في الاعلام المحلي والوطني تحديدا ، وهذا لا يعني عدم قدرتهم على تقديم بعض الافكار ولكنها بالمطلق لا تمثل رؤية وطنية اردنية قادرة على تحويل الاعلام المحلي من اعلام حكومة الى اعلام دولة ذات عقيدة وتوجه وطني اردني .
منذ سنوات والجميع ينتقد الاعلام العام وحتى الخاص في الاردن ، والمتتبع للاعلام العام يجد انه في معظمه اعلام موجه من قبل حكومات وعاجز عن تقديم رؤية وطنية تنقل رسالة دولة ومجتمع قدره ان يحمل ارثا عربيا واسلاميا ويواجه مخاطر متعددة قد تؤثر على الدولة وثوابتها وحتى هويتها ، وللاسف ان الاعلام الخاص في معظمه اصبح ايضا محكوما بما يتناسب مع مصالحه الخاصة وان على حساب الوطن والشعب .
في كل دول العام يوجد اعلام ' دولة ' بشكل مباشر او غير مباشر ومن مهامه الرئيسة التعبئة الوطنية للشعب وبناء ثقافة تتناسب وطبيعة الدولة وتاريخها واهدافها المستقبلية ، وقد شاهدنا جميعا الاعلام الغربي كيف يتم توجيهه للتعبئة العامة قبل اي قرار سياسي او حتى امني ، وشاهدنا الاعلام الشرقي ' سابقا ' كيف حمل رسالة الاشتراكية سنوات طويلة ، واليوم نشاهد الاعلام الايراني والتعبئة العقدية للشعب ، واخيرا الاعلام الصهيوني وتزييف الحقائق لدعم المشروع الصهيوني .
في عالمنا العربي للاسف ونحن في الاردن جزء منه فقد معظم الاعلام الرسمي الثقة بينه وبين المواطن ، لا بل اصبح المواطن يبحث عن اي مصدر للاخبار بعيدا عن العالم العربي ليؤكد او ينفي خبرا ما ، او من اجل البحث عن المعلومة والتحليل ، ولا ابالغ ان قلت ان الاعلام الرسمي العربي في معظمه اصبح مصدرا للتندر والفكاهة لدى الشعب وهو يتابع ما يبث من اكاذيب وتزيف للواقع .
الاخطر من كل ذلك ان معظم الاعلام العربي اليوم يمارس مهمة خطيرة من خلال بث سمومه المستوردة والموجهة من الخارج ، مما يؤدي الى هدم اجيال شابة كاملة من العرب وتغيير ثقافتهم وتطلعاتهم واهتماماتهم ، لا بل حتى التأثير على مفهومهم الاخلاقي حتى وصل الامر الى التحريض على المتدين او صاحب الاخلاق ، وتقديم اصحاب الافكار العدمية تحت عنوان ' التحرر والمدنية ' .
الاصل قبل ان نتحدث عن تطوير الاعلام يجب ان نبحث عن اسباب انهيار الاعلام وتخلفه ، ثم يجب ان نعترف بأن الاعلام اليوم ما زال اعلاما حكوميا وليس اعلام دولة ، وايضا علينا التمييز بين اعلام مأمور وبين اعلام مستقل حامل رسالة محددة يدافع عنها ، وبعد ذلك نتحدث عن تطوير الاعلام من حيث الشكل والمضمون .
اذا اردنا اعلاما حقيقيا لا بد من خطوة اولى تحدد اهدافنا الوطنية ورسالتنا ثم نبدأ باختيار القيادات والوسائل المناسبة لحمل رسالة اعلامية وطنية ،غير ذلك فأن كل ما يحدث هو مضيعة للوقت ومزيد من التراجع كما هو حاصل في ملفات الاصلاح السياسي ومحاربة الفقر والبطالة وغيره من المواضيع التي ننادي بها منذ سنوات طويلة .