أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الحال الفلسطيني المائل

بقلم : نادية عصام حرحش
10-01-2020 03:38 AM

بينما يتزايد الاحتلال في بطشه كل يوم. منطقة تُضمُّ عنوة، مستوطنة أخرى يُقرّ بناؤها، أو بيت يُهدم، او عائلة تُشرّد، او ابن يستشهد، او أخ يُصاب، أو زوج ابنأخ أب يُعتقل.
مشاهد قمع لا تتوقف، بل يتم ابتكارها علينا ومن خلالنا، باتت يومية ولا نكترث حتى لحصولها. فسياسة الضم والعزل والفصل والتهجير القسري تسير على أحسن وجه. ما من معترض إلا من يناله المصاب.
تعنّت إسرائيلي يُحاصرنا ويُكبّلنا بين معاملة خانقة وحواجز وجدار يلتف حولنا يكاد يكتم علينا أنفاسنا. يحدّ في كل يوم من إنسانيتنا ويُحجّم من طموحنا وآمالنا.
القدس تتهوّد على مرأى العين. كم صرخنا، وظنّنا أنّا انتصرنا في منع البوابات الالكترونية عن مداخل المسجد الأقصى، وكم ننظر اليوم إلى ما يحصل من فتح لجسر معلق يؤدي مباشرة الى باحات الأقصى يعجّ بالمستوطنين المتطرفين؟ كم ننظر الى ما يجري بباب الرحمة ونتساءل بلا أجوبة تمكّن أحدا من الفهم لما يتم تحضيره لاستياء ربما لما تبقّى من رمزية لقدسيّة المدينة بطابعها العربي. صراخ بلا صوت. وشكوى بلا مجيب. وحياة من اجل الصراع على البقاء تستمر بلا حساب ليوم أشد سوادا قادم.
بين مآس لا تنتهي، وطغيان يمتد كالسرطان في أحشائنا ….
يتزايد اهتراء قيادتنا السياسية ويمتد العت فيها الى نسيجنا المجتمعيّ.
. فالأفق لا تزال تضيق في سمائنا، لدرجة لم يعد هناك امل في اصلاح او تغيير. نسمع نفس التصريحات المترددة من نفس الاشخاص الذين هرموا وهم يرددون نفس الشعارات التي لم تعد تصلح حتى للواقع، ليس فقط للزمن.
وتتردد التهديدات الجوفاء نحو مقاطعة او الذهاب الى محكمة الجنايات او وقف تنسيق أمني، ولا يصدقها من يرددها ولا من يسمعها.
والوعود المستمرة المتجددة بانتخابات لن تحصل. وحملات انتخابية يشتد وطيدها لكل متأمل بمركز أبدي محتمل قادم.
وتستمر التنديدات الخرقاء “احيانا” مع كل خرق اسرائيلي يطال الارض والانسان. وتقِلّ مطالبنا ويسقط سقف توقعاتنا مع كل لحظة عابرة …
الا عند النزاعات الداخلية التي تزداد وكأنها حفرة رملية زاحفة تلتهم كل ما يلامس أطرافها. فعداوتنا لبعض بين فتح وحماس باتت أشد من عداوتنا لإسرائيل. يتلصص كل صاحب غرمه لغريمه ينتظر أي هفوة. مع إيران أو ضدها، يعتمد على الفصيل الواقف على طرف الموالاة او الانشقاق.
وبين سباق لمن يتفاوض مع إسرائيل سراً أو علانية من كلا الحزبين المتناحرين. والتلويح بالوطن كالثوب المخروق المهترئ. يبيع كل حزب ما طاب له مما تبقى من وطن. حرفا وكلمة. أرضا أو خارطة.ويتسابق كلٌّ للبكاء والعويل ومدّ اليد في طلب عون على شهيد سقط وبيت دمر … ويستمر الشعب على حافتي ما كان وطنا تشقه أحزاب تبيع الدين مرة وتبيع التحرر مرة اخرى. وامتلأت صرخاتهم واكاذيبهم والاعيبهم أرضنا وفضاءنا، وخنقتنا وأغرقتنا …
ونخرج في “انطلاقات” مليونيه لهذا الفصيل وذاك لنتسابق للتلويح بأعلام حزبية ليكون علم الفصيل هو الأبقى لمرحلة يُراد لها ان تُشكل حالنا.
نستغل فواجع الآباء والأمهات على فلذات أكبادهم ليتناحر الغرماء لرفع علم أصفر أو أخضر..
ويستمر الاحتلال في عربدته …
ويستمر الفلسطينيون في بث سمومهم على بعضهم البعض…
فدعوات في المساجد تدعو للحرب على الآخر..
نكمل من الداخل تحطيم ما لم يحطمه الاحتلال، ويتجمع المتناحرون من الفصائل بالسياسة على “سيداو” لتصير لسان حال كل غيّور على شرفه الذي يشكّله حجاب امرأة أو حرية تمكنها منها سيداو. او بالأحرى، تسلبه حريته في تسلطه بلا رادع ولا حسيب ضد المرأة. وكأن المرأة في المجتمع الفلسطيني صارت مجرد كائن ناقص لم تحارب ولم تناضل ولم تعتقل ولم تستشهد. كأن المرأة في المجتمع الفلسطيني مجرد أداة للإنجاب ولم تربِّ ولم تتعلم ولم تشتغل ولم تقف جنبا إلى جنب في معترك الحياة مع الرجل كان ابنها أو زوجها أو أخيها أو أبيها.
ونزيد من نكبتنا نكبة..
ونفكك ما لم يستطع الاحتلال بسنواته الطويلة تفكيكه من وحدة واخوة لنصبح يوما تلو اليوم أضحوكة العالم.
تمر أزمات المشرق امامنا ولا يعنينا منها الا انتصارنا لآخر ما على شقي النزاع في المكان الاخر. تدق اوزار حرب عالمية أخرى ولا شأن لنا الا خياراتنا الخاصة. أصبحنا متفرجين خلف الشاشات، ولم نعد حتى جنود في لعبة الشطرنج الدائرة.
يصبح النزاع الفلسطيني أكبر من القضية الفلسطينية.
تصبح “سيداو” أكثر عداوة للمجتمع الفلسطيني من ضم الأغوار ومما يجري من تربص لا يرحم بباب الرحمة.
يصبح ابن حماس اشد عداوة من جندي الاحتلال
ويصبح ابن فتح منشق مرتد يستحق رجمه
ويستمر الاحتلال بشد الخناق بين حاجز وشارع وجدار
وينجز الفلسطيني بين حال مائل وخنوع ونعرة قبلية هوجاء جوفاء ما لم يستطع انجازه الاحتلال.
كاتبة من القدس..'رأي اليوم '



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012