أضف إلى المفضلة
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ماكرون أخطر وبوتين أقوى وأبو مازن أضعف ومايك بينيس مغفل القرن

بقلم : د . ناصر اللحام
24-01-2020 06:53 AM

مع وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، لم تعد إسرائيل قادرة على كبح مشاعرها ، فإنهارت أمامه كما تنهار عاشقة في أحضان الخطيئة . وقد بدت إسرائيل في هذا الموقف مثل عاهرة مبتدئة ( تزوجت من ترامب وإرتمت في أحضان بوتين ) . حاولت حكومة نتانياهو الإحتفاظ بحمرة الخجل لبرهة ، وسرعان ما طارت عفتها كما طار عقلها مع قدوم بوتين . حتى أن الجمهور الاسرائيلي لم يلحظ ان مايك بينيس نائب الرئيس الامريكي موجود في هذه القمة .

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إحتل العناوين وأقلق المراقبين وسرق الاضواء كلها في حادثة توبيخه لضباط الاحتلال في باب الاسباط بالقدس المحتلة . وحاولت وزارة الخارجية الاسرائيلية فعل كل حيلة لتغيير الصورة دون جدوى . وقبل أن تصحو تل أبيب من صفعة ماركون وصل بوتين على متن قافلة جوية مكوّنة من خمس طائرات و200 مرافق . فنزل على مطار اللد كما ينزل الملوك على ' الصعاليك' .

حاول بعض المحللين أن يخففوا من هستيريا نتانياهو أمامه ، وقالوا ان الاتحاد السوفييتي تعاون مع النازية ومع هتلر في فترة الحرب العالمية الثانية ، لكن سرعان ما خفت صوتهم أمام الإنجراف الاسرائيلي للاعجاب بهذا القيصر ' القوي ' والأهم في الشرق الاوسط . لدرجة ان سيدة من ضيوف الاستوديو قالت : انا لا أستطيع ان أمنع نفسي من الوقوع في حب بوتين وهو الذي يحمي إسرائيل وهو الذي يقرر من ينتصر ومن يسقط في هذا الجزء من العالم . حاول جنرالات التدخل في النقاش والقول ان لإسرائيل الاّن جيشا قويا وهو الذي يحمي تل ابيب وليس بوتين ، ولكن كلامهم طار كما تطير الفراشة فوق الحقول المشتعلة في استراليا .

محاولة الاحتلال تحويل ' قمة المنافقين ' الى درس تاريخي باءت بالفشل , وكان إصرار الرئيس الفرنسي على زيارة رام الله ، وإصرار الرئيس بوتين والأمير الانجليزي تشارلز على زيارة بيت لحم وقعا مختلفا عما خطط له نتانياهو .

البث المباشر طوال ثلاثة أيام ، ومحاولة الاهتمام بملك إسبانيا وباقي الزعماء لم تنجح في إقناع المصورين إبعاد كاميراتهم عن بوتين وماكرون وتشارلز ورام الله وبيت لحم .

في الحرب العالمية الثانية قتل عشرات الملايين في معارك لا فائدة منها وتحطمت جيوش وهدمت الطائرات والمدافع عواصم بكاملها وتشرّد نحو مئة مليون إنسان ومات عدد كبير من الجوع والبرد والأمراض ، ومعظم الضحايا من الشعوب الأوروبية حين تقاتلت الكنائس الغربية مع بعضها البعض بشكل همجي . وقد خسرت روسيا لوحدها 22 مليون شاب في مقتبل العمر . ومع ذلك ياتي زعماء أوروبا لمنافقة الحركة الصهيونية التي لم تكن سوى حركة استعمارية انتهازية في كل أحداث العالم .

ويؤكد المؤرخون ، اليهود قبل غيرهم . أن العالم كله ضاق على اليهود ، وطردوا من كل العواصم وضربوا بالحذاء في بولندا ، وهرب 6 مليون من اصل 8 مليون يهودي روسي الى الشتات ، وجردوا جردا في مطارات أوروبا وشربوا من مياه مزارع الخنازير في المانيا وحوصروا في ' غيتو ' في انحاء فرنسا . ولكن في العواصم العربية كانوا في أفضل حال من النواحي الاقتصادية والامنية والاجتماعية . جاءوا خائفين يبكون من الجوع والخوف والمرض والجرب والسل . وقد استقبلهم أهل فلسطين ( اولاد العم ) وأطعمناهم البرتقال وأسقيناهم الماء الزلال .ولكننا منذ 75 عاما لم نسمع أي قائد صهيوني يشكر العرب على حسن الضيافة وعلى الحماية التي حصلوا عليها . بل نرى قادة الصهيونية يشكرون ويقبلون أيادي احفاد من أحرقوهم ومن رموهم فوق كتل الجليد والصقيع ,

مصادر اسرائيلية تؤكد ان نتانياهو لم يوجه أية دعوة للزعماء العرب ( الحمد لله انهم لم يوجهوا لهم دعوات ) . ولذلك لم يحضروا هذه القمة . كما أن حكومة الاحتلال قررت عدم توجيه دعوة للرئيس المسلم رجب أردوغان لانه سيرفضها بخشونة وانهم قرروا توفير هذا الرفض على انفسهم بدلا من الاهانة التي سيتعرضون لها .
يحتفل زعماء العالم على أرض فلسطين الحزينة ، بذكرى جرائم ارتكبها أجدادهم وقعت قبل 75 عاما في أرض بعيدة وباردة .

هناك من غابوا عن قمة النفاق . ومنهم رئيس بولندا أنجي دودا الذي رفض الحضور ، والقادة العرب الذين لم يدعهم أحد , ورجب أردوغان الذي يرفض الحضور ، وترامب الذي ينشغل بملف عزله عن الحكم ، وأبو مازن ' المحاصر ' الذي يندم على توقيع اوسلو .
قد يبدو أبو مازن منفردا وضعيفا ومحاصرا ووحيدا في هذه الايام .. ولكن عليه أن يعرف أن هؤلاء الزعماء الذين يجلسون في ' قمة يد فشيم' مجرد طيور مهاجرة ، ستعود الى بلادها بعد ساعات . وان فلسطين هي الباقية وأن قضيتها هي الأهم ، وأن الصهيونية حركة عنصرية إستعمارية تقوم بأداء دور وظيفي رسمته لها الدول الاستعمارية وشركات النهب العالمية .'معا'

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-01-2020 05:52 PM

مقال و لا أروع . لقد استمتعت كثيرا باسلوب الدكتور محمد ملحم في الكنابة فلم اترك كلمة واحدة في المقال الجميل الا و قرأته . اعجبني بوصف دولة العدو الصهيوني بالعاهرة التي تتنقل بين احضان الدول العظمى و هي دولة عاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى . ترى لو وجهات دعوات لدول عربية هل كانت ستحضر هذا التجمع ؟؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012