|
|
الغاء الشرعية وفرض قانون الغاب
بقلم : المحامية رحاب القدومي
03-02-2020 04:36 AM
يطل علينا الرئيس الامريكي ترامب قبل ايام ليعلن صفقة القرن متجاهلا ومتجاوزا للقانون الدولي وللمواثيق الدولية وفارضا علينا وعلى المجتمع الدولي ونحن بالقرن الحادي والعشرين قانون الغاب, وقد تم ذلك بصمت صادم من المجتمع الدولي الذي لم يعترض على انتهاكات الرئيس الامريكي لهذه الشرعية الدولية , فالقانون الدولي له قواعده وأعرافه التي تنظم الإطار القانوني لحكم المناطق المحتلة, ولحقوق المدنيين تحت الاحتلال, كذلك اتفاقيات لاهاي وجنيف.
فالقاعدة الأساسية للقانون الدولي بهذا الصدد هي مبدأ عدم جواز اكتساب الأراضي المحتلة بالقوة. وبالتالي فدولة الاحتلال لها صلاحيات محددة, وعليها التزامات دولية واجبه عليها منها ألا تمس بحقوق المدنيين الواقعين تحت الاحتلال , وكذلك الا تمس بمقدساتهم وبحقهم بتقرير مصيرهم ,الا ان الكيان الصهيوني اخترق جميع قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة واتفاقية لاهاي التي تؤكد على حقوق المدنيين بالنزاعات المسلحة وذلك بدعم من ادارة الولايات المتحدة, كماجاء بالقانون الدولي التاكيد على عدم ضم الاراضي المحتلة من قبل الجهه التي احتلتها , ويعني ذلك عدم ضم الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك عدم ضم اراضي مدينة القدس , ففي عام 1948قام الكيان الصهيوني بتوجيه رسالة للامين العام للأمم المتحدة أعلن قيها عن استعداده للتعاون مع هيئات وممثلي الأمم المتحدة في تنفيذ قرار التقسيم , أي أن إسرائيل اعترفت ضمنا بسلطة الأمم المتحدة على مدينة القدس ,كما أكدت إسرائيل بان الوضع القانوني للقدس يتحدد بشكل دولي أي أن التسوية النهائية لقضية القدس لا تتم إلا من خلال موافقة الأمم المتحدة عليها , كما اصدرمجلس الامن العديد من القرارات التي تتعلق بعدم السماح للدولة المحتله ان تضم الاراضي التي احتلتها لاراضيها ومنها اراضي مدينة القدس ومن اهم هذه القرارات :
1- قرار مجلس الأمن رقم 252 لعام 1968 :- حيث دعا السلطات الإسرائيلية إلى إلغاء جميع إجراءاتها في تغيير القدس, وعلى رفض الحصول على أراضي عن طريق الغزو المسلح , واعتبر جميع التدابير والإعمال الإدارية والتشريعية الإسرائيلية باطلة بما في ذلك نزع ملكية الأراضي والممتلكات القائمة عليها, وطالب السلطات الإسرائيلية بإلغاء جميع الإجراءات التي قامت بها بالقدس الشرقية, والعدول فورا عن اتخاذ أي عمل أخر يرمي إلى تغيير وضع القدس.
2- قرار مجلس الأمن رقم 267الذي صدر عام 1969 : الذي أكد على عدم جواز ضم الأراضي بالغزو العسكري وانتقد جميع الاجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير معالم القدس وطالبها بإلغاء جميع الاجراءات.
3- كذلك قرارمجلس الامن رقم 478 في عام 1980الذي انتقد فيه بشدة قرار الكيان الصهيوني بضم القدس واعتبر التصرف الإسرائيلي بأنه يخالف القرارات الدولية السابقة واتفاقية جنيف لعام 1949, , وبعد ضم الضفة الغربية للأردن عام 1950اصبح هناك واقعا جديدا للمدينة المقدسة فقد أصبحت القدس الشرقية جزءا من الاردن الذي اعترض على تدويل المدينة المقدسة, وبعد احتلال الضفة الغربية عام 1967 اصدرت الأمم المتحدة قراراتها التي أكدت فيها على اعتبار القدس الشريف تحت الاحتلال, وعلى عدم جواز احتلال الأراضي بالقوة وبطلان ضم القدس للكيان الصهيوني , وتحذير السلطات الإسرائيلية من اجراء أي تغيير في معالم المدينة المقدسة سياسيا أو قانونيا أو جغرافيا أو سكانيا, كما أشارت بعض القرارات إلى اعتبار الاجراءات التي نفذتها السلطات الإسرائيلية في الاراضي المحتلة وفي القدس الشرقية إعمال عدوانية وتعرض السلام بالشرق الأوسط للخطر , بعد ذلك تم التاكيد على الوصاية الأردنية على المقدسات في القدس وعلى المسجد الأقصى 'ان الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس تهدف إلى احترام المكانة الدينية للمقدسات في القدس والمحافظة عليها وتأكيد الهوية الإسلامية الصحيحة', لكن الكيان الصهيوني لم يلتزم بهذه القرارات عندما قام بنقل عاصمته من تل أبيب إلى القدس الشريف وفرض سياسة الأمر الواقع على المدينة بدعم من الادارة الامريكية التي قامت بدورها لاحقا بنقل سفارتها للمدينة المقدسة وفي الواقع أن معظم تلك القرارات تنطبق عليها المادة 103 من الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على انه ( إذا تعرضت الالتزامات التي ترتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقا لإحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به العبرة تكون بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق وهذا يعني أن قرارات مجلس الأمن تكون ملزمة لجميع الأعضاء وتكون التزاماتها أهم من التزامات الدول الخاصة , وبالنسبة لوضع القدس الشرقية فان التزامات السلطات الإسرائيلية تجاه ميثاق الأمم المتحدة وجب عليها أن تحترمها وتطبقها أكثر من التزاماتها المحلية خاصة , فالمادة 25 من الميثاق تقول( يعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق ) ولهذا فان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 القاضي بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة يجب ان يلتزم به الكيان الصهيوني , ومع أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 اعتبر من أهم قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي الذي دعا فيه السلطات الإسرائيلية إلى الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 بما في ذلك القدس الشريف بطبيعة الحال, كماجاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 الصادر عام 1973 لكي يدعم القرار الأول حيث طالب إسرائيل الانسحاب إلى حدود ما قبل حزيران 1967اضافة للعديد من القرارات الدولية , بالرغم من هذه القرارات الاممية والشرعية الدولية الا ان الرئيس الامريكي يعلن قبل ايام عن صفقة القرن التي تضمنت اعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني , والغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والعمل على توطينهم بالخارج , اضافة لضم الجولان واراضي الاغوار الاردنية للكيان الصهيوني , وغيرها من القرارات منتهكا بذلك الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن والقانون الدولي على بمسمع ومشاهدة المجتمع الدولي . والسؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه الانتهاكات للمنظومة الدولية وقرارات الامم المتحدة والمواثيق الدولية من قبل الكيان الصهيوني والادارة الامريكية, ما مدى الالتزام بهذه المنظومة الدولية والمواثيق الدولية ؟ وما قيمتها ؟ وما دور المجتمع الدولي والامم المتحدة بالتصدي للادارة الامريكية بعدما وقف الرئيس الامريكي ليعلن صفقة القرن ضاربا بعرض الحائط القرارات الاممية والقانون الدولي دون الاخذ بعين اعتبار او احترام هذه المنظومة الدوليه اوالقاون الدولي ؟؟ وما هي الاجراءات التي يجب ان تتخذ لتبقى للامم المتحدة لها هيبتها واحترامها وليبقى المجتمع الدولي ملتزما بالقانون الدولي والمواثيق الاتفاقيات الدولية التي ابرمتها ؟؟
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|