أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


التطبيع هو الأخطر في "صفقة القرن"

بقلم : ماجد توبة
10-02-2020 06:07 AM

ليس الأسوأ أن تخسر المعركة مع عدوك، بل الأخطر والكارثي أن تستسلم له وتقر بهزيمتك وتتشربها كقدر محتوم لا فكاك منه. ينطبق هذا الحال على 'صفقة القرن' الأميركية الصهيونية، التي لا يسعى عرابوها فقط لترسيخ الإحتلال ومصادرة الحقوق الوطنية العربية والفلسطينية بل وإلى أن يتم بموازاة ذلك فتح باب التطبيع العربي مع كيان الإحتلال على مصراعيه ودمجه بالكتلة العربية والإقليمية المحيطة رغم كل ما ترتكبه يداه من جرائم وسطو على حقوق الأمة في قضيتها المركزية.
على هذا الصعيد، يحقق الإرهابي المتحجر نتنياهو وكيانه السرطاني وبدعم أميركي مطلق، الاختراقات تلو الإختراقات في ملف التطبيع ونسج اللقاءات والعلاقات مع مسؤولين وحكومات عربية؛ الكثير منها يجري تحت الطاولة وبعضها تفوح رائحته ويظهر على السطح متحديا مشاعر ومباديء ومصالح هذه الأمة المكلومة بحكوماتها، كما جرى في لقاء نتنياهو مع رئيس المجلس الانتقالي السوداني وغيرها من شواهد فاقعة وسوداء.
يستطيع كيان الإحتلال الاسرائيلي وبالدعم المطلق من إدارة ترامب المتصهينة وفي ظل حالة الهوان والضعف العربي فرض شروط 'صفقة القرن' التصفوية على الأرض من ضم للأراضي المحتلة والمستوطنات والتهرب من استحقاق إقامة الدولة الفلسطينية، لكن من غير المقبول ولا المعقول أن يجد هذا الاحتلال من يوقع له على مثل هذا الاستسلام والتصفية للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ناهيك عن أن يجد من الفلسطينيين والعرب من يكافئه ويخدم مصالحه عبر التطبيع معه وإقامة العلاقات والصفقات وكسر الحواجز والسماح له بالتسلل لمسامات هذه الأمة!
الخطير في قضية التطبيع مع كيان الاحتلال اليوم هو في تجنيد قوة وإمكانات الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب المتصهينة لخدمة الهدف الإسرائيلي باختراق المنظومة العربية الرسمية على أوسع نطاق، وهو ما بدا واضحا في الاختراق الذي مثله اللقاء بالمسؤول السوداني الأول أخيرا، والوعد الإسرائيلي له بالدفع لدى الإدارة الأميركية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب. كذلك بدا واضحا فيما تسرب من أنباء من وعود إسرائيلية للمغرب بدعم أميركي لموقف المغرب من قضية الصحراء والبوليساريو.
التجنيد الصهيوني للإدارة الأميركية لتحقيق الاختراقات الواسعة في ملف التطبيع مع العرب بدا واضحا وفاقعا أكثر وبصورة مبكرة في الضغوط الأميركية على بعض دول الخليج لكسر الحواجز مع اسرائيل وفتح خطوط الاتصال والتفاهمات معها، وكل ذلك عبر ابتزاز أميركي لأنظمة عربية بدعم استقرارها وبقائها بالسلطة مقابل التلويح بالمس بهذا الاستقرار وشرعيته إن رفضت التطبيع مع كيان الاحتلال!
مثل هذا الابتزاز الاسرائيلي لأنظمة عربية ليس جديدا فلطالما لجأ كيان الاحتلال عبر العقود الماضية إلى إشاعة مثل هذه الأوهام والوعود السرابية بتأمين الدعم الأميركي مقابل التطبيع وعقد الصفقات مع إسرائيل، لكنها كانت كلها سرابا وأوهاما لم ترتد على من صدقها إلا وبالاً وخسرانا. حدث ذلك مع الرئيس المصري السادات الذي لم تجن بلاده من كامب ديفيد إلا المزيد من الفقر والعجز والضعف، وكذلك الأمر مع الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري الذي عقد صفقة تسهيل ترحيل يهود الفلاشا لإسرائيل قبل أن يطيح به انقلاب عسكري لم تحمه منه لا إسرائيل ولا أميركا.
نثق بأن الشعوب العربية لا يمكن اختراقها بالتطبيع، فسيبقى هذا الفعل مرفوضا ومدانا شعبيا وقوميا ودينيا وإنسانيا طال الزمن أو قصر. والأنظمة العربية التي ستتورط بالتطبيع مع هذا العدو ستخسر نفسها أمام شعوبها فيما لن تنفعها علاقة مع عدو لا يؤمن إلا بحقه بتعظيم قوته ونفوذه وأطماعه حتى لو على حساب أقرب المقربين إليه!. الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012