أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ادلب…. مأزق تركيا المؤجل وعنوان خساراتها الجديدة في سوريا

بقلم : د . عمر الرداد
23-02-2020 02:59 AM

لم يكن التصعيد الذي تشهده محافظة ادلب السورية، تحت عناوين الاشتباكات العسكرية بين الجيش التركي من جهة والجيش السوري وحلفائه من المليشيات الإيرانية والمدعوم بغطاء جوي واسع من روسيا مفاجئا، اذ كان مفهوما ان تلك المواجهة قادمة لا محالة، رغم اتفاقات خفض التوتر في ادلب التي أبرمت في جولات استانا وسوتشي، وتم خلالها تجميع عناصر وعائلات كوادر وعناصر مسلحة في ادلب لدرجة أصبحت معها ادلب مركزا للفصائل المعارضة بما فيها الفصائل الجهادية، وتحولت المحافظة الى مركز للفعل الجهادي،بدلالة انه وخلافا لكل التوقعات تم تصفية زعيم داعش”ابو بكر البغدادي” في ادلب وليس في حاضنة داعش”بمناطق البادية السورية،وشرق الفرات.
غياب عنصر المفاجأة حول ما يجري في ادلب اليوم من تصعيد مرتبط بالتناقض العميق بين الرؤى الإستراتيجية لحلفاء استانا،هذا التحالف الهش والمؤقت ،والذي فرضته مصالح كافة الأطراف في مرحلة سابقة من عمر الأزمة السورية ،والقائم على عدم الثقة بين أطرافه،وتحديدا عدم الثقة بأهداف تركيا،وجوهرها الحيلولة دون إقامة كيان كردي على حدود تركيا الجنوبية، لأسباب مرتبطة بالأمن القومي التركي، انعكست على المفهوم التركي للإرهاب، والاحتفاظ بدور تركي مركزي بالأزمة السورية،بما في ذلك الحصول على حصة من الكعكة السورية عند إعادة الأعمار،بعد انجاز الدستور الجديد، فيما الإستراتيجية الروسية والسورية تقوم على ان من حق الحكومة السورية بسط سيطرتها على كافة أراضيها، وان تركيا لم تلتزم بتعهداتها بخصوص الفصائل الجهادية التي تدعمها أنقرة، وان ما يجري في ادلب يستهدف الفصائل المسلحة والإرهابية.
واضح ان التصعيد العسكري الذي تشهده ادلب اليوم مرتبط بكون معارك ادلب ربما تكون الأخيرة على الأقل من وجهة نظر روسيا والحكومة السورية، وهو ما تدركه تركيا أيضا،ورغم ما يبدو من تصعيد بين تركيا وروسيا، فان احتمالات مواجهة شاملة بين الجانبين التركي والروسي تبدو محدودة جدا، وان ما يجري اليوم على الأرض في ادلب لا يتجاوز عناوين تحسين شروط التفاوض، رغم ان كل طرف أصبح يخرج ما لديه من أوراق، حيث ذهبت القيادة التركية لطلب المساعدة من أمريكا “باتريوت” وحلف الناتو،وهو مالا يتوقع ان يلقى استجابة لا من أمريكا ولا من الناتو،وفي الوقت الذي رفضت فيه تركيا السماح لطائرات روسية باستخدام المجال الجوي التركي مرورا الى سوريا،طلبت من روسيا السماح لسلاحها الجوي باستخدام أجواء ادلب، وبالتزامن يستقبل الرئيس اردوغان في تركيا فايز السراج رئيس الحكومة الليبية،في الوقت الذي تستضيف فيه موسكو المشير خليفة حفتر،ويعلن قبوله بوقف إطلاق النار شريطة خروج القوات التركية من ليبيا.
ان الحقيقة التي لا يمكن تغييبها ان روسيا ومعها الجيش السوري تحقق المزيد من المكاسب على الأرض في ادلب،خاصة بالنسبة لروسيا التي يشكل الضغط التركي ورقة لصالحها أمام الإيرانيين والحكومة السورية، خاصة وان روسيا تستند لدعم دولي لم يتحقق للقيادة التركية التي تطرح تساؤلات حول سياساتها وتحالفاتها في ظل خلافات عميقة مع عدة أحلاف دولية وإقليمية” الاتحاد الأوروبي، روسيا وإيران وسوريا، السعودية والإمارات ومصر، والتحالف الأمريكي الإسرائيلي”،وفيما اذا كانت تستطيع اللعب على التناقضات بين هذه الأحلاف وهو ما لم يتحقق حتى الان، رغم انه أصبح مقبولا ان تقيم قوى اقليمية تفاهمات متزامنة مع واشنطن وموسكو.
ملف ادلب ورغم تشعباته،وتعدد سيناريوهاته بما فيها المزيد من التصعيد المحسوب، سينتهي بتوافقات جديدة بين القيادتين التركية والروسية، وستحقق تركيا بعض أهدافها ومطالبها، ،وبحدها الأقصى منطقة آمنة في ادلب بعمق لا يزيد عن ثلاثين كيلو مترا ولمدة مؤقتة متفق عليها، كالتي تقررت بعد عملية نبع السلام شرق الفرات مع الولايات المتحدة،لكن هذه المرة سيكون مطلوبا من تركيا تنفيذ التزامات سيتم إبرامها حول موقفها الحقيقي من الفصائل الجهادية،وباتجاه وقف دعمها لتلك الفصائل، ولن تفيد تركيا اليوم ان دعم تلك الفصائل كان بتوافق دولي في مراحل سابقة من الأزمة السورية.
خبير امن استراتيجي / مدير عام الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية
رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012