أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


في الذكرى الثالثة والستين لإنهاء المعاهدة الأردنية – البريطانية

بقلم : د . فيصل الغويين
14-03-2020 10:11 PM

مثّل القرار التاريخي الذي اتخذه الملك الحسين في الأول من آذار 1956، بالتنسيق مع حركة الضباط الأحرار الأردنيين، والقاضي بعزل الفريق جون باغوت كلوب، وتعريب قيادة الجيش العربي هزة كبيرة للنفوذ البريطاني في الأردن والمنطقة، ومما زاد هذا النفوذ تدهورا اشتراك بريطانيا في العدوان على مصر، وتشكيل حكومة سليمان النابلسي.

وكانت الدول العربية المناهضة لحلف بغداد، وهي مصر، سورية، والسعودية، قد تقدمت في كانون الأول 1955- وباقتراح من جمال عبد الناصر- بعرض معونة مالية لمساعدة الأردن على مقاومة الضغوط البريطانية الرامية لضم الأردن للحلف، وتمكينه من التخلي عن الضباط الانكليز في الجيش العربي، وانهاء المعاهدة الأردنية البريطانية، وتشجيع الأردن للانضمام لمعاهدة الدفاع المشترك المعقودة بين الدول الثلاث.

وكان سليمان النابلسي أمين عام الحزب الوطني الاشتراكي آنذاك، قد قدم في حزيران من عام 1956 مذكرة إلى رئيس الوزراء ابراهيم هاشم، ضمّنها آراء الحزب حول المعاهدة مع بريطانيا، ولكنه اشترط قبل الدخول في أي مفاوضات اجراء انتخابات نيابية، لانتخاب مجلس نيابي جديد، يكون قادرا على وضع مسار البلاد يتيح لها القدرة على رسم سياستها العربية والدولية، بشكل يستلهم ويستند إلى الإرادة الشعبية، ومصلحة الوطن.

وقد أسفرت الانتخابات النيابية للمجلس النيابي الخامس عن فوز قوى المعارضة بأغلبية مريحة، فكلف الملك الحسين سليمان النابلسي بتأليف الحكومة في 29 تشرين أول 1956، بعد حصول الحزب الوطني الاشتراكي الذي يرأسه النابلسي على (12) مقعدا من أصل (40).

تشكلت الحكومة من أثني عشر وزيرا بمن فيهم رئيس الوزراء، وجاءت ممثلة للتيارات السياسية والحزبية التي نجحت في الانتخابات، فكانت أول وآخر وزارة من نوعها في تاريخ الأردن، تتشكل على أسس حزبية، فقد ضمت الحكومة ستة وزراء من الحزب الوطني الاشتراكي، ووزيرا عن حزب البعث، ووزيرا عن ائتلاف الجبهة الوطنية، وأربعة مستقلين.

وفي 27 تشرين الثاني ألقى النابلسي بيان حكومته أمام مجلس النواب الجديد. وقد جاء في البيان أنّ الحكومة ستتخذ كل الاجراءات الدبلوماسية والدولية والمالية التي تكفل انهاء المعاهدة الأردنية البريطانية، وجلاء القوات البريطانية عن الأراضي الأردنية وتصفية قواعدها. وفي مقدمة هذه الخطوات تأمين المعونة العربية للجيش والحرس الوطني، وتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية السورية الأردنية. وأنّ الحكومة قررت من حيث المبدأ قبول المعونة العربية، والاستغناء عن المعونة البريطانية. وقد جاءت كلمات السادة النواب مؤيدة لما جاء في البيان الحكومي، حيث حصلت الحكومة على الثقة بأغلبية (39) نائبا مقابل حجب نائب حزب التحرير الاسلامي احمد الداعور.

وفي 13 نشرين الثاني 1956 حضر النابلسي برفقة الملك الحسين مؤتمر الملوك والرؤساء العرب الذي عقد في بيروت.، حيث نوقش موضوع المعونة العربية للأردن، فأعلن الملك الحسين عزمه على انهاء تحالفه مع بريطانيا شريطة تقديم الدول العربية معونة مالية للأردن.

ويقول هزاع المجالي في مذكراته أنه زار النابلسي في ذلك الحين 'ودار حديث عن المعونة العربية، فلمست مدى تمسك الرجل بمصلحة الأردن، وكان مما قاله في هذا الصدد أنه لن يترك المعونة البريطانية ما لم يطمئن إلى تصميم وقدرة الدول العربية على دفع المعونة العربية دون أية شروط'.
وفي 13 كانون الثاني 1957 وصل إلى القاهرة وفد أردني مؤلف من شفيق ارشيدات، وعبد الله الريماوي، وصلاح طوقان، واللواء علي أبو نوار، وتم عقد سلسلة اجتماعات مع الرئيس عبد الناصر وأركان الحكومة المصرية جرى غيها الاتفاق على الاستغناء عن المعونة البريطانية. وفي اليوم التالي وصل الوفد الأردني إلى الرياض واجتمع بالملك سعود الذي أكد استعداد السعودية لدفع حصتها من المعونة.

وفي 18 كانون الثاني 1957 اجتمع في قصر القبة في القاهرة الملك الحسين والملك سعود وشكري القوتلي والرئيس جمال عبد الناصر، حيث وقعت اتفاقية التضامن العربي في اليوم التالي وبحضور سليمان النابلسي والوفد الأردني. وفي 22 كانون الثاني 1957 أقر مجلس النواب الأردني بالإجماع اتفاقية التضامن العربي.

وفي 21 كانون الثاني تسلم السفير البريطاني في عمان (تشارلز جونستون) برقية من وزارة الخارجية في لندن تعرب فيها عن موافقتها على طلب الحكومة الأردنية الدخول في مفاوضات لإنهاء المعاهدة الموقعة بين البلدين عام 1948.

وبعد مفاوضات استمرت حتى 13 آذار 1957 تم التوقيع على الاتفاقية الخاصة بإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية. وقد نصت الاتفاقية على انهاء المعاهدة بعد تبادل المذكرات في مدة لا تتجاوز الأول من نبسان عام 1957، وجلاء القوات البريطانية عن الأردن خلال ستة أشهر من تاريخ انهاء المعاهدة، وسمح للجانب البريطاني باستخدام الأجواء الأردنية لغاية سحب آخر الجنود البريطانيين الذي أعطي مهلة ستة أشهر لاتمامه. وفي 13 آذار 1957 عقد مجلس الأمة جلستين للنواب والأعيان، حيث أقر بالإجماع انهاء المعاهدة.

وفي 14 آذار شهدت البلاد احتفالات رسمية وشعبية، وأقيم عرض عسكري في عمان حضره الملك الحسين، وسليمان النابلسي، قال فيه الملك الحسين:'لقد اجتزنا الخطوة الأولى التي ستقود شعبنا إلى الوحدة والحرية'. في حين صرح النابلسي قائلا :' هذه أسعد لحظات حياتي، فباستطاعة الأردن الآن أن يلحق بالقافلة العربية'. وبذلك انكسرت آخر أشكال الحلقات الاستعمارية المفروضة على الأردن، والتخلص من ارتباط أجنبي ظل يشد الأردن بعجلة السياسة البريطانية لمدة استمرت سبعة وثلاثين عاما (1921 – 1957).

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012