أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الزعتر والمعقود ... بقلم عاكف حجازي

بقلم : عاكف حجازي
23-03-2020 11:29 PM

في ساعات الكرب لا أتذكر أكثر من الثلوج التي كانت تقطع علينا السبل وتمنعنا من الخروج من المنزل إلى أبعد من بيت الجيران حيث لم تكن هاك جرافات ولا كاسحات ثلوج .. ولا مخابز.
كنا نحب البقاء في البيت ونمضي أيام الحصار بالإستمتاع بأطعمة زمان..شوربة العدس والمجدّرة وميِّة النار والفول النابت والبليلة والبرغل ببندورة والسمن والعسل أو السكر والزيت والزعتر والمقدوس والجبنة البيضاء واللبنة والزيتون والمخلل والجوز والقطّين والزبيب والخبيصة والحلاوة الطحينية ... ومأكولات كثيرة لا أستطيع عدّها.
كنا جيئة وذهابا نصعد إلى بيت المونة الذي كان جزءاً من كل بيت في الشمال نتناول ما نسلّي به أنفسنا.

تخرَّجت المرحومة والدتي من أعلى صف مدرسي كان مسموحا ً به في مدارس البنات وقتها، وتلبس موضة أيام زمان والكعب العالي وتضع على رأسها منديل 'جورجيت' وتضع أحمر الشفاه والبودرة وتتعطر وتذهب إلى الجمعات النسائية
' الإستقبالات '.
... وعندما تعود إلى البيت تحضِّر العجين لخبز الصباح ولوازم طعام الغد مما تجود به غرفة 'المونة' المليئة بكل الإحتياجات من زيت وسمن وبرغل وحمص وفريكة وعدس وكل ما هو معروف في تلك الأيام والتي كنّا نسميها ' السدة '.

نساء تلك الأيام كنَّ ينشِّفن الملوخية والنعنع والبامية ويجففن البندورة ويخللن ورق العنب والخيار والقثاء والمقدوس ، ويعقدْن الفواكه من مشمش وخوخ وبرتقال ويغلين الجبنة ويقشدْن السمن ويحضِّرن الزعتر ويدحبرن اللبنة ويعملن أشياء كثيرة لم أعد أتذكرها .. حتى أنهن كنَّ يصنعن من الخبز ' اليابس' مع البصل والسمن طعاما شهيا ولذيذا يزيد متعتنا.لقد كنّ ربات بيوت بما تعنيه
الكلمة.
....في زمن الكورونا تتذمر ' ربّات البيوت' ..لأن الحكومة لا تستطيع 'لأيام ' أكثر من توصيل الخبز والدواء .رحم الله أمهاتنا .
عاكف حجازي : من مؤسسي وكالة الأنباء الأردنية 1969، وصحيفة الشعب '1976'.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012