أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


عاكف حجازي يكتب : ليس وصفا للبيت وإنما للطفرة الحياتية!

بقلم : عاكف حجازي
14-04-2020 12:09 AM

وُلدت في بيت جدي في اربد القديمة مقابل ساحة الأفراح
كان البيت مبنيا من الحجر الأسود وسقفه من الخشب والقصّيب والجير والطين وجدرانه مطلية بالشيد
حيث جدي وجدتي في غرفة وعمّي وعائلته في الثانية. والثالثة والرابعة لوالدي ووالدتي وانا وإخوتي ..وسبب هذا الازدحام إضافة للعادات هو ان ليس هناك مساحة من الأرض ..وليس مسموحا لابناء عائلة بالسكن في حارة عائلة أخرى...
فقرر والدي ان يبني في ارض له خارج التنظيم واستدعى واحدًا من مشاهير البنائين في الشام فأتى مع عماله مستعينًا بنقاشي حجر من نابلس ..وقام مسّاح قريب بالتخطيط لبيت عصري حديث يتماشى مع المتطلبات الحضارية ' حمّام ومرحاض' داخل المنزل وحديقة خارجية وصالة على طول البيت عرضها ستة أمتار وسقف عال ارتفاعه خمسة أمتار ومطبخ واسع محاط بخزائن موازييك وفراغ للنملية وحنفية ماء ومجلى وخزان ماء فوق السطح وساحة أمامية ممهدة ...
جاءوا بالأسمنت من سوريا والبلاط من إيطاليا والحجر الأبيض من قباطية في فلسطين والحجر الأسود من مقالع الصحراء الشرقية ... وكانت كلفة كل ذلك 4250 جنيها فلسطينيا
ثم قام بإستبدال سيارته بسيارة جديدة ب800 جنيه ..
زرعوا شجرة توت وأشجار كينا لحجب البيت عن الشارع وزرعوا الحاكورة الخلفية بالورقيات والبصل والفجل والبندورة .. والجنينة 'الحديقة' زُرعت فيها أشجار الليمون الشهري والتين واللوز .. وأحيط البيت بسياج شائك وأصبح داخله إنارة حديثة وطاولة سفرة وأسرّة خشبية وشراشف مزخرفة وحرامات عراقية وبرادي وكنبات على الموضة وسجاد .. إضافة إلى برندة تتسع لجلسات المساء..
انتقلنا الى البيت في أواخر سنة 1947
ولم اكُ أعِ القفزة الحضارية التي مررنا بها إلّا بعد مرور السنين
حيث أصبح البيت مزارا وصالة البيت صالة أفراح لكل من يتزوج من العائلة او من الجيران ومضافة لاستقبال المعزّين في حال وفاة احد من العائلة وإقامة مآدب الطعام
وفيما بعد وعندما دخل التلفزيون أصبحت الصالة هي المكان الوحيد الذي يجمع الجيران كل مساء.
...بُني البيت على الضفة الغربية لشارع الحصن وكان عرضه 6 أمتار .. ومع النمو العمراني وتنظيم المدينة قامت البلدية بتوسعة الشارع ليصبح مسربين فإقتطعت من الأرض حوالي ال200م دفعت ثمنها بعد اكثر من 40 سنة
..كان القادم إلينا يحمل فانوسًا ليستدل به على الطريق في العودة لعدم وجود إنارة والسيارات ما زالت في أدنى عددها وشارع الحصن هو الوحيد الذي يصلنا بالعالم مازال مرصوفا بالحجارة الملساء على طريقة المستعمر الإنجليزي
كانت صوبة الحطب دائمة الإشتعال شتاء والفحم جمرا في المنقل صيفا للحفاظ على القهوة السادة جاهزة لاستقبال الضيوف والأصدقاء.
... في الصيف يتسامرون وفي ليالي الشتاء يجتمعون للعب 'المنقلة' والخويتمة ويكون على المغلوبين احضار سدر هريسة من عند 'خيرو' بربع دينار
...بسيطة كانت هي الحياة تذوب فيها الفروق الطبقية والمذاهب والأصول والمراكز الوظيفية .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012