أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مقترحات حول كيفية مواجهة ضم أراض فلسطينية

بقلم : المحامي مازن الحديد
22-05-2020 04:31 AM

اوتو فون بسمارك، وهو أحد أبرز الاستراتيجيين في التاريخ، أكد على ضرورة ان لا تبنى السياسة على المشاعر او الشرعية وانما على تقييم صحيح للقوة.
ضمن المعادلة الجيوسياسية الراهنة في المنطقة فان خيار السلام مع إسرائيل بالنسبة للأردن يعتبر استراتيجية ضرورية بحيث لا ينبغي ان يكون الخيار العسكري مطروحاً طالما انه لا يوجد تهديد وجودي وسيادي مباشر وحتمي على الأردن. وبالوقت ذاته يعتبر نهجاً الزامياً التمسك برفض اي قرار إسرائيلي بضم اراضي فلسطينية محتلة سواء في غور نهر الاردن ومنطقة شمال البحر الميت اوغيرها من الأراضي العربية المحتلة ومواجهته، والذي قطعاً أنه يشكل خرقاً فادحاً للقوانين الدولية وبالأخص القانون الدولي الإنساني، وحتماً ينهي فرص انشاء دولة فلسطينية مستقلة على ترابها الوطني وبحدود ما قبل حزيران ١٩٦٧ عاصمتها القدس الشرقية ومتصلة جغرافيا وقابلة للحياة، والذي بدوره يعتبر تهديداً لمصالح الأردن العليا عبر احتمالية ان يتحمل الأردن ثمن ذلك.
ونتيجة لفهم عميق ونظرة ثاقبة للقيادة السياسية الأردنية فان الأردن يقود (ويكاد ان يكون منفرداً) حملة سياسية عالمية مستمرة وفعالة في كافة مراكز صنع القرار والتأثير الدولي وعلى مختلف الأصعدة، تخاطب النخب والرأي العام، ركيزتها الحق والعدل والشرعية الدولية، ومنهجيتها السلم وحسن الجوار والاستقرار الدولي، وهدفها حلاً لدولتين تكون فيها دولة فلسطين مستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشرقية بموجب القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة.
الا ان هذا الضغط السياسي يتطلب تحفيزاً متصاعداً وذلك عبر تزويده بمخالب قانونية يتمثل ذلك بأنه طالما ان قرار الضم الإسرائيلي في حال تبنيه يشكل خرقاً قانونياً صريحاً للفقرة الثانية من المادة الثالثة من اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية المعنية بتحديد الحدود الدولية بينهما، والتي تؤكد بصريح العبارة على 'عدم المساس بالأراضي التي دخلت تحت سيطرة الحكم الإسرائيلي عام ١٩٦٧'(والذي يعتبر إقراراً إسرائيلياً صريحاً بصفتها القانونية كقوة احتلال)، فعلى الأردن الاستعداد لشن معركة قانونية تترافق مع تغطية إعلامية عالمية تتثمل برفع دعوى قضائية امام محكمة العدل الدولية، احد الوكالات الرئيسية للأمم المتحدة، ضد إسرائيل وذلك بموجب المادة ٣٦ من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وفي حال رفضت اسرائيل ولاية المحكمة على هذه المسألة، فانه يتم الاستعاضة عن ذلك بطلب الاستفتاء بتفسير اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية وذلك بموجب المادة ٦٥ من ذات النظام الأساسي للمحكمة، و بالتوازي يتم الدعوة لانعقاد مؤتمر للأطراف السامية لاتفاقية جنيف الرابعة ليؤكد على ان الاجراء الإسرائيلي بضم الأراضي يعتبر خرقاً للقانون الدولي الإنساني والزامها كقوة احتلال باحترام نصوص اتفاقية جنيف الرابعة في الاراضي الفلسطينية المحتلة وعدم شرعية إجراءاتها. وفي حال استمر التعنت الإسرائيلي وإصراره على الضم، واذا غاب عن مجلس الامن الدولي الاجماع الذي يتيح كبح المطامع الإسرائيلية وخاصة بتمتع الولايات المتحدة بحق النقض الذي سيحول دون تحقق اجماع كافي بالمجلس ، يتم اللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب ما يتيحه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ٣٧٧ والذي يعرف بقرار 'الاتحاد من اجل السلام'، والذي يتيح للجمعية العامة في حال فشل مجلس الامن بسبب عدم توفر توافق بين الأعضاء دائمي العضوية ان تبحث مسألة الضم وإصدار توصيات تراها ضرورية من اجل استعادة السلم والامن الدوليين.
وسيتم تعزيز هذا التحرك الاردني في حال تم التنسيق مع الجانب الفلسطيني خاصة وان الأخير ينوي شن حملة قانونية تسعى الى التمتع بمزيد من الاعتراف الدولي واضفاء الشرعية كعضو في المجتمع الدولي وذلك عبر استكمال توقيع طلبات الانضمام الى المنظمات والمعاهدات الدولية، والتي من شأنها ان يضع ضغوطاً إضافية على الجانب الإسرائيلي والذي مازال مصدوماً بفعل الازمة التي يعيشها نتيجة اعلان المدعية العامة لدى المحكمة الجنائية الدولية بحق وتمتع فلسطين بجميع المعايير القانونية التي ينص عليها النظام الأساسي لمحكمة الجنائية الدولية بما يمكنها بالتوجه الى المحكمة لمقاضاة إسرائيل على جرائم حرب ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
هذه المقترحات تعتبر أوراق ضغط إضافية ستزيد فاعليتها في حال تسنى لها ان تؤثر على ديناميكية العلاقة ما بين الأطراف السياسية المتنافسة والمختلفة في إسرائيل، وعلى ديناميكية المعركة الانتخابية المقبلة ما بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، وستعزز من الموقف الاستراتيجي والاخلاقي للدول الصديقة والمتقاربة التفكير بالأخص في الاتحاد الأوروبي، وسيكون لها فاعلية لدى بعض الدول العربية اذا خاطبت الرأي العام العربي مباشرة ولفتت انتباههم المنشغل بهموم الحياة اليومية، اما اقتراح عقد قمة عربية طارئة سواء كانت عبر البث المرئي او بالحضور هو اخر ما يمكن الاتكال عليه في مواجهة تحدي قرار الضم الاسرائيلي، فقد تعودنا في العقود المنصرمة على هذه القمم التي عجزت عن مواجهة تحديات الامة بل تم توظيفها من قبل بعض الحكومات العربية كقناع لتغطية غياب الإرادة سياسية لديها بالعمل وتم توظيفها كألية امتصاص صدمات بل وألقوا اللوم عليها بانها السبب في العجزعن الفعل وتنفيذ أي عمل عربي مشترك فعال.





التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012