أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


هل ارتكب الرزاز خطيئة بطرح مقاربة الدولة الواحدة؟!

بقلم : د . عمر الرداد
23-07-2020 06:32 AM

أثارت تصريحات دولة الدكتور الرزاز لصحيفة 'الغارديان' البريطانية حول حل 'الدولة الواحدة الديمقراطية ثنائية القومية ،دولة الحقوق المتساوية للجميع' نقاشات في الأردن وخارجه وطرحت جملة من التساؤلات 'غير البريئة'حول مغزاها وتوقيتها، ويبدو ان الرزاز لم يرتكب خطيئة،خاصة إذا تم التعاطي مع مقاربة الدولة الواحدة في سياقاتها الحقيقية وهي: أنها جاءت مشروطة بان إسرائيل ما دامت لا تقبل بحل الدولتين فلتقبل بالدولة الواحدة، ثم إن هذه المقاربة ليست 'بدعة' ولا اختراعا من الرزاز ،بل هي مطروحة منذ أواخر الستينات وشكلت قاسما مشتركا بين فصائل اليسار الفلسطيني مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي وتيارات علمانية إسرائيلية، وربما الأهم من هذا وذاك أن نتائج استطلاعات' ذات مصداقية' حديثة في الضفة الغربية تشير إلى أن هناك تزايدا في نسبة الفلسطينيين الذين يؤيدون حل الدولة الواحدة في ظل عدم قدرة السلطة الفلسطينية على تحقيق الحلم الفلسطيني بالدولة الوطنية المستقلة.

تصريحات الدكتور الرزاز تنسجم وبشكل كامل مع الموقف الأردني الرسمي الذي يعبر عنه جلالة الملك باستمرار بالتزام الأردن بحل الدولتين،وهو ما أكد عليه الرزاز قبل مقولة حل الدولة الواحدة، ومؤكد أن دولته يدرك ان الدولة الواحدة ليس قرارا أردنيا ولا عربيا ولا فلسطينيا،فقد أفشلت إسرائيل مبادرة السلام العربية 'الأرض مقابل السلام' كما يدرك ان إسرائيل ويمينها المتطرف الذي يعمل جاهدا لدولة يهودية خالصة ويقيم جدران الفصل، ويشكل العامل الديمغرافي احد الهواجس الإسرائيلية الإستراتيجية لم ولن يقبل بالدولة الواحدة،وإذا كان جلالة الملك قال قبل أشهر لمجلة 'ديرشبيغل' الألمانية ان ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن سيؤدي الى صدام كبير، فان التذكير بان البدائل لرفض حل الدولتين هو الدولة الواحدة، يأتي في السياق نفسه،خاصة وان مقولة الحقوق المتساوية تلقى آذانا صاغية لدى الرأي العام الغربي وهو المتلقي لخطاب الرزاز.

لعل مرجعية الغرابة في تصريحات الدكتور الرزاز أنها صدرت 'على غير العادة' من قبل رئيس الحكومة الأردنية ،وربما اوحت برسائل غير مقصودة لمنطوق التصريحات ذهبت لتفسيرات بان الأردن يقدم موقفا جديدا يتساوق فيه مع طروحات أمريكية وإسرائيلية ،رغم ان واقع السياسة والمواقف الأردنية تنفي ذلك ،اذ ان خيار الدولة الواحدة ليس خيارا اردنيا،وليس للأردن مصلحة بهكذا دولة بافتراض أنها ستكون مقبولة من إسرائيل، لانها تتعارض مع المصالح الأردنية المرتبطة بقضايا الحل النهائي وخاصة قضية عودة اللاجئين والتي لن تكون مطروحة على طاولة البحث في صيغة الدولة الواحدة،إضافة لقضايا أخرى كالحدود والمياه والأمن وغيرها،ثم ان أمريكا وإسرائيل ربما تقبل التعاطي مع اية حلول مقترحة باستثناء حل الدولة الواحدة. ومن هنا فلا يمكن تحميل التصريحات أكثر مما تحتمل وهي لا تعدو ان تكون محطة من محطات المواجهة الدبلوماسية مع إسرائيل.

من جانبها تعاملت غالبية النخب السياسية في الأردن وأوساط إعلامية مع تصريحات الدكتور الرزاز بسياقات لا علاقة لها بالتصريحات ولا القضية الفلسطينية،وتحت عنوانين وهما:قرار القضاء باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منحلة وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية،وهو القرار الذي قوبل باتهامات للحكومة بأنها تنفذ أجندات عواصم تتخذ مواقف من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ،رغم ان القرار صادر عن القضاء الأردني المشهود له بالنزاهة، وهو نفسه القضاء الذي اصدر حكم البراءة بقضية محاولة اغتيال المغفور له الملك الحسين عام 1994 في جامعة مؤتة، أما العنوان الثاني فيرتبط بسياقات الإجراءات الحكومية بمكافحة الفساد وطرح قضايا تطال أسماء ذات وزن سياسي وجماهيري، تتفق غالبية الرأي العام على ضرورة تقديمها للقضاء على الأقل، رغم أن تلك القضايا لم تحقق حتى الآن كل ما يتطلع إليه الرأي العام.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012