أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ما إلنا حدا ..

بقلم : علاء مصلح الكايد
26-07-2020 05:13 AM

تتكرر هذه العبارة على مسامعنا بين فترة وأُخرى ، حيث تكون حاجة صاحبها إمّا معاملة رسميّة متأخّرة أو مُعطَّلة ، تعليم ، علاج ، ترقية ، نقل ، إحالة إلى التقاعد وإلى آخر القائمة ، ولعلّ قرارات القضاء الإداريّ تثبت إستمرار وجود تعسّف نوعيٍّ لا كَمّيّ .

وبأمانة ، فإن معظم الأمور تسير بالشكل الطبيعي لكنها قد تصطدم ببيروقراطية ما زال مزاج الموظف - بصرف النظر عن مرتبته - يلعب دوراً في تأزيمها ببعض الأحيان ، وما زالت المحسوبية عاملاً رئيسيّاً في تسهيل قضاء الحاجات وتحصيل الحقوق أو تعقيدها .

ومن باب الأمانة كذلك ، فإنّ معظم المسائل تُحَلّ إذا وصلت إلى طاولة المسؤول/ة الأوّل في الوزارة أو المؤسسة ، وتكون مسيرتها أكثر يسراً وعدالة في المواقع التي يستشعر موظفوها بمتابعة ورقابة المسؤول الأعلى .

لكن ، لا يمكن أن يستمرّ الوضع بهذه الصورة ، فعامل الوقت مهمّ لدى الجميع ولا يجوز أن نرتضي بالسرعة في إنجاز أمر لمواطن وخضوع آخر للبيروقراطية وفقاً للمعارف الشخصية والروابط أو غير ذلك من العوامل ، ولا يمكن تصوّر إستمرار تحكّم العوامل المكرّسة للمحسوبية بمصائر وحقوق العامّة .

ولعلً السبب أعلاه هو الدّافع الأكثر تأثيراً لدى إختيار النائب عند صندوق الإقتراع حيث يرغب الجميع بوجود نائب سياسيٍّ قادر على الإضطلاع بمهمته الدستورية صيانة لمصالح وحقوق الأمّة بينما نتنازل عن هذا التوجه في سبيل تأمين ( واسطة ) عند الحاجة ، وهذا ما يقزّم الوظيفة التشريعية وينقلها إلى خدماتيّة هدفها تسيير الأعمال الخاصة للقواعد بدلاً من مظلتها الواسعة صاحبة الأثر في مسيرة الأمّة .

ناهيك عمّا يجرح الشعور الوطنيّ الذي يستهلك من منسوب الإنتماء لدى الفرد كلّما إستعصى عليه قضاء حاجة بمقابل قدرة غيره على قضائها بكلّ يُسر ، وما لهذا من نتيجة طبيعية تمكّن فئة من الإستئثار بالحقوق والحظوظ في التوظيف والعلاج والتعليم على حساب أُخرى - وشواهد هذا كثيرة على مستوى التوظيف بوجه خاصّ - ، وما تراكمه هذه العمليّة من شعورٍ بوجود تصنيفات للمواطنين ودرجات تنزع فكرة الإرتباط الواقعي والفعليّ بين المواطن ودولته أو ما يسمّى بالـ' رابطة السياسيّة ' وفقاً للفقه القانوني .

وقد أسهمت المنصات الحكومية بعلاج جزء من المشكلة وستعالج الأتمتة هذه الفوارق حتماً على مستوى الخدمات لدى إكتمالها لكن الطريق نحو مسيرة رسمية مؤتمتة بالكامل ليس قريباً جدّاً ، ولا بدّ من الإلتفات لهذه المسألة صوناً لدولة القانون وتعظيماً للشعور القوميّ الذي يمثّل ( اللّاصق ) الذي يربط الفرد بدولته وينعكس على ثقته وإيمانه بها خصوصاً فيما لا تستطيع الأتمتة علاجه من مسائل مرتبطة بالأمان الوظيفيّ والثواب والعقاب التي يشكل العنصر البشري أساسها .

لقد ساوى الدستور بين الأردنيين في الحقوق والواجبات ، ومنح هذا البند مكاناً متقدّماً في فصله الأوّل نظراً لقدسيّته ، مقدّماً الحقّ على الواجب .

لهذه المسألة وجوه وآثارٌ عدّة ، إنسانيّة وسياسيّة وإجتماعيّة وحتّى قانونية ، وهي ركن إنطلاق الإصلاحات جميعاً وشرطٌ لتمتين الوحدة الوطنيّة وسيادة القانون والعدالة الإجتماعية .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012