|
|
شحادة أبو بقر يكتب : الصمت جلاب " الخوارق "
بقلم : شحادة أبو بقر العبادي
29-08-2020 05:49 AM
مشكلتنا في هذه الحياة الدنيا الغرور , أن منا من هو على يقين تام من أن الله جلت قدرته موجود وهو خالق الوجود الذي سيعود كل منا إليه يوما لا محالة ليرى موقعه في الآخرة , ومنا من هو غافل ' جرفته ' الدنيا ومغانمها وزينتها الزائلة حتما فنسي أو هو متناس أن عجائب قدرته سبحانه أعظم من كل قدرة هو خالقها .
بين الصنفين الأول والثاني فروق هائلة جدا , فالأول منه من يعتقد خطأ حتى وهو مؤمن , بأنه وأستغفر الله سلفا , وكيل موكل بأمر البشر يكفر من يشاء ويعاقب من يشاء , ومنه من عرف قدره في كون لا يعادل عند الله جل جلاله جناح بعوضه , فتوجه إلى الله كما يجب وأراح وارتاح وفوض أمره كله إليه لا إله إلا هو تبارك وتعالى . أفضل ما يمكن أن يقاربه المرء في حياته وأيا كان موقعه وزمانه وأحواله , هو ' الصمت ' في خلوة ولو لساعة أو أقل بين كل فينة وسواها , والدخول في مناجاة مع الله الخالق المصور حول واقع هذا المرء وعلاقته مع العامة وهل في هذا مرضاة الله أم سخطه والعياذ به سبحانه .
الجلوس مع النفس فقط , فيه أصدق حديث بين النفس الأمارة بالسوء , وذاتها , فلا رتوش ولا أقنعة من تلك التي نرتديها عند لقاء الآخرين ونتحلل منها عند الخلوة بالنفس وحسب حيث لا رقيب ولا حسيب من بشر , والله هو الرقيب والحسيب يسمع ويرى ويمهل ولا يهمل .
الصمت عن كل كلام خلا مناجاة الله العلي العظيم الذي تقول الحكمة في شأنه ' إفعل ما شئت فإنك حتما ستكون يوما في لقاء مع الله بمفردك ' , هوجلاب الخوارق ومطهر النفوس من كل أدرانها حيث لا نفاق ولا تزلف ولا رياء ولا إستئثار إلا بالفوز بمرضاة الله , وفي هذا الفوز العظيم الذي لا قبله ولا بعده أو مثله فوز . نقول هذا ليس موعظة ولا تنظيرا على أي كان من خلق الله , وإنما هو مقترح لأن نجرب الخلوة مع الله خالقنا بتجرد كامل ونبتهل إليه جل جلاله , أن يهدينا سواء السبيل كي نلقاه سبحانه بقلوب سليمة يوم لا شفيع ولا ونيس ولا نصير سواه . في لحظة لا أحد منا يدري متى هيه .
خلاصة القول : نحن اليوم في جدال عقيم وعراك كبير على الدنيا ومكاسبها , يلوم منا الآخر ويشتمه ويتهمه ولا يحلو لنا الجلوس ' ولا أعمم ' , إلا بنهش سمعة بعضنا بعضا , ولا يحمي أحدنا من سخط أحدنا الآخر إلا وجهه خوفا من مشكلة أو شجار , وأنا من هؤلاء ولا أزكي نفسي لا قدر الله .
نعم , الصمت بتحلل تام من كل الدنيا وأدرانها وكل ما فيها , يجلب الخوارق , ويقول للمرء , من هو , ورحم الله عبدا عرف نفسه وقدرها ومآلها ذات لحظة إلى بارئها جل جلاله ليجلس للحساب , فإما خير, وإما شر , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|