أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


يا نجماً قومياً اوجعني رحيله!!

بقلم : عبدالسلام الطراونة
26-10-2020 05:57 AM

عليك منّي السلام يا خشم العقاب كلما لاح فجرٌ وتنفس صبحٌ!!

عليك منّي السلام يا أرضأ درجت على دروب عزّها .. وارتوى عطش روحي في رحابها حين اتقنت اللثغه القومية الأولى في ثنايا عباءتها الضافيه على أيدي ابناء العمومة مسلمين ومسيحيين على حدِ سواء وفي المقدمة منهم الرمز القومي والتربوي الكبير الأستاذ خليل الكركي.

عليك منّي السلام يا جوهرة الصحراء ودرتها.. يا من استوى على ارضك وبين ناسك الطيبين سوق عودي القومي فمشيت مرفوع الهامة على درب التنشئة القوميه وانا استظل بسطور مسلّة ميشع العظيم وهيبة دلالاتها الفخيمه!!

والتفت ذات اليمين حيث ارى إهاب وتمثال صلاح الدين الأيوبي وهو يمتطي جواده ويشير بشاهده وحسامه نحو الغرب حيث مهوى الفؤاد فلسطين العزيزه... وأرنو ببصرى وبصيرتي ذات اليسار نحو قلعة الكرك فاشاهد مصطبة القدس- التي تتربع في حضن العين- وهي تناجي شقيقتها التوأم مصطبة الكرك في القدس الشريف عبر فضاء وبوابة الكرامة والنصر التي سطرها جيشنا العربي الباسل لأمته العربيه دون منّه..وأكاد اسمع بوحهما الجهور يقول: فلسطين لنا..والاحتلال الى زوال!

عليك منّي السلام يا كرك المجد والتاريخ التي تحتضن المسجد والكنيسه جنباً الى جنب في وئام أخوّي قلّ نظيره..وتآخ يؤطره تعايش ايماني مشهود وتراحم دنيوي محمود!!

يا خشم العقاب..انت يا ذات المجد وأنا نستذكر الآن ونفتقد في كل حين القامة القوميه التي رحلت الى رحاب الباري عز وجل قبل نيف وأربعين يوماً.. نستذكر القومي الزّين الدكتور فايز الصياغ ونفتقد اهاب وحضور الشاعر المرهف الذي خطّ على الرمل كلاماً جميلاً عبر ديوانه الموسوم (كلمات على الرمل) .. ونستذكر كيف هجر الشاعر شعره على وقع وجع هزيمة حزيران عام (67) ..وانطوى الشاعر (فايز) ومعه الحرف نحو الحزن النبيل والصمت الممض- لان شبكة وجع الأمه كانت أكبر من سنارة الحرف وجذوة الشعر!!

ونستذكر ونفتقد القومي الصادق فايز الصياغ الذي يذكرنا بالعبقري العربي اللبناني جبران خليل جبران فقد كان حلمهما المشترك يحوم حول ميلاد امبراطورية عربية ماجدة من الماء الى الماء..امبراطوريه لا مكان فيها للجوع أو الوجع..ولا الاستبداد او الاستبعاد..يتساوى في ظلها الذين يملكون والذين لا يملكون..امبراطورية لحمتها الاسلام والعروبه وسداها العدل والديمقراطيه وأكرم بهذا الحلم القومي من هدف نبيل!!

استذكر المثقف والمفكر القومي الزين الذي كان أحد الاركان المهمة في بناء نهضة الاعلام والثقافه في دولة قطر الى جانب الرمز الاعلامي الكبير محمود الاسم والسيره المرحوم محمود الشريف عندما كان مديراً للاعلام في (الدوحه) في الستينات من القرن الماضي..

نستذكر الخبير المرموق والمستشار الدولي والاممي في قضايا التنمية والفقر والجوع في العالم.. نستذكر المدرس اللامع في جامعة تورنتو بكندا.

استذكر اخي في العروبة (فايز) أيام كنا طلاباً في المرحلة الثانوية بمدرسة الكرك حيث ماتزال صورته البهيه ماثلة أمامي وهو يمشي الهوينا من بيته المجاور للمسجد العمري متجهاً صوب منزل القومي الرائع الأستاذ محمد فارس الطراونه الذي يجاور الكنيسة في حارة الحباشنه بالكرك حيث تلتقي كوكبة من الشباب في أحايين كثيره بمنزله في تجمع على الخير والمباديء النبيله يضم القامة القومية الباسقه (ابو جاسم) والاخوة في العروبه اذكر منهم مع حفظ الالقاب: فايز الصياغ والشهيد محمد سليم الطراونه ونائل المصاروه وسبير الزريقات وعوض الطراونه وعبدالرزاق الحباشنه وهايل المصاروه وصالح الطراونه وأحمد ارشيد الهواري ورضوان المسنات وماجد المدانات ومحمد الخرشه والعبد الفقير لله كاتب السطور ..وكان محور الحديث خلال اللقاءات يدور حول المباديء القوميه النبيله والتعلق بعشاق ورواد الوحدة العربيه...أما بوصلة الحوار والعواطف فقد كانت فلسطين الغاليه.

وكان (ابو جاسم) يستهل الحديث بتسلسل مشوق ومنطق يبعث على الاعجاب مشفوعا بابتسامته الشفيفه وصوته الخفيض الذي سرعان ما تعلو نبرته بحيث يقف على تخوم الحدة والجدّيه حين يتعلق الامر بالشأن القومي والقضيه الفلسطينيه!!

وكنت اطرب لحديث الصديق فايز الصياغ حين يأتي دوره في الكلام وتستوقفني عباراته الجزله وكلماته المنتقاه والمغموسه بمداد الاخلاص للمباديء القومية والوحدة العربيه حيث كان يترغل كشاعر قومي تملكه الحماس واستبد به الشوق القومي فأخذ يستعرض أمجاد وتاريخ امتنا العربيه واسهاماتها الحضاريه تجاه جهات الكون الأربع!!

استذكر صورة المرحوم فايز الصياغ لاعب كرة السلّة المحترف أيام كنا طلاباً في ثانوية الكرك..واستذكر حركاته الرشيقه وقوامه الممشوق وهو يسدد الكرة في المرمى بمهارة فائقه تماما كما يسدد حرفه وخطابه في مرمى التأثير في اوساط الغرب عن الحضارة العربيه واثرها الايجابي على القارات المجاورة وجدانياً وتلك البعيدة جغرافياً!!

افتقد النجم القومي الذي غاب لكن بهاءه لم يغب.. والشاعر الذي رحل ولم يرحل فعله القومي ..والترجمان المبدع الذي اختطفه الموت لكن انجازاته ظلت بين ظهرانينا كجسر وصل وتواصل يؤنس وحشة القطيعة الثقافيه مع الاخرين!!

افتقد الغالي فايز الصياغ الذي كان له من اسمه نصيب وافر في مجالات الفكر والشعر والادب والاعلام والثقافة وفن المجامله..نعم افتقدك يا (ابا تميم) مثلما افتقد الزمن الجميل.. زمن التقارب القومي المؤنس بالأمس في هذا الزمن الرديء اليوم..زمن التباعد الاجتماعي الموحش!!

افتقدك.. وافتقد الرموز البهيه .. فقد نهشت روحي الغربه.. وعطش الروح كما تعلم ايها الغالي لايروى إلا بالمداد القومي!!

يا من يعيد لنا الحلم القومي.. وأعطيه ما تبقى من خريف عمري!!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012