أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


كلمة في ذكرى المولد النبوي

بقلم : عوض الصقر
26-10-2020 07:27 AM

يذكرنا يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول بمولد رسول الإنسانية وسيد البشرية محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم، الذي شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يكون من أمة العرب: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا موِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).
لقد شكل مولده الكريم الذي يحل بعد أيام قلائل، طوق نجاة للبشرية التي كانت تعيش في ظلام دامس تلاشت أمام جبروته كل القيم الإنسانية واستسلمت العقول للهوى والضلال، وباتت الدنيا لا تعرف للنور طريقا ولا للحق سبيلاً ولا للعدل طريقا أومنهجا.
تتزامن ذكرى المولد النبوي هذا العام مع حملة التطاول عليه والإساءة له، بذريعة حرية التعبير، ونحن نقول لهم:
تبا لكم، فسيرته العطرة تشهد على التزامه بقيم التسامح والتآخي والتعارف امتثالا لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم).
إن الاستمرار في نشر الرسومات المسيئة لنبينا لن يؤدي إلا لتأجيج مشاعر الكراهية بين الشعوب ويجب الوقوف في وجهها بكل حزم، فنبينا خط أحمر لا نسمح لكائن من كان بالاقتراب منه والاساءة له.
لقد جسد نبينا مفهوم القائد العظيم والزعيم الملهم والانسان البسيط ، بأسمى المعاني، فعن شجاعته وبطولته، حدث ولا حرج، فقد ورد عن علي ابن أبي طالب رضي الله أنه قال: «كنا يوم بدر نتقي المشركين برسول الله، وكان أشد الناس بأسًا يومئذ، وما كان أحد أقرب للمشركين منه».
أما عن عفوه وتسامحه فيكفي ما قاله لأهل مكة عندما عاد إليها فاتحا منتصرا: ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، إنه العفو عند المقدرة تجسيدا لقوله تعالى (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
لقد طبق مبدأ العدالة الإجتماعية من أوسع أبوابه عندما قال مقولته الشهيرة بشأن المرأة المخزومية التي سرقت وأراد وجهاء القوم أن يشفعوا لها عنده: (وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)، كما طبق مفهوم الرأفة والرحمة حتى مع الحيوان والطير كما روى صحابته الكرام: (كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ في سفَرٍ فانطلقَ لحاجتِهِ فرأَينا حُمَّرةً معَها فرخانِ فأخَذنا فرخَيها فجاءت تعرِشُ فقالَ النَّبيُّ: مَن فجعَ هذِهِ بولدِها؟ ردُّوا ولدَها إليها).
وروي أَنَّه قَالَ: (بَيْنمَا رَجُلٌ يسير في طَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ).
أما عن جوده وكرمه وعطائه فكان بلا حدود ولا قيود.
لقد انحرفت بوصلة أمتك من بعدك يا رسول الله وغرتهم الحياة الدنيا بزهوها ومفاتنها فتراهم ركعا سجدا يوم الجمعة وفي شهر رمضان، يتهافتون على الحج والعمرة ولكن ذلك لم ينعكس على سلوكياتهم على أرض الواقع فتراهم في التعاملات الحياتية وعلى الطرقات ينفلتون من عقالهم مع الأسف والأسى.
إن ديننا الحنيف ليس مجرد شعائر بل أنه أيضا ممارسات وأخلاقيات تجسد مفهوم الإنسانية والتضحية امتثالا لقوله عليه السلام: (إنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا).
ما أحوجنا بهذه المناسبة لنقتدي بسنته ونقتفي أثره ونستنسخ مكارم أخلاقه وصدقه وأمانته وعفوه وعطفه على الفقير واليتيم والمسكين، والله المستعان.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012