أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


في رثاء خليل مرعي

بقلم : عبدالله العتوم
07-12-2020 08:32 PM

اليوم وعند الخامسة والنصف صباحا غادرنا ذات أردنية ألمانية بعد عمر طويل كمهاجر من قريته العُبيدية في فلسطين الى فرانكفورت العاصمة الاقتصادية للدولة الألمانية وتكريسا للتميز رفض عروضا كثيرة للعمل لكنه اختار درة صناعة السيارات الألمانية المرسيدس فأمضى بها جل حياته المهنية هناك.

اليوم غادرنا الأخ والصديق خليل مرعي ابن قرية العُبيدية القريبة من مهد السيد المسيح في بيت لحم والى مقربة من جبل المكبر احد مشاعل الاوطان الذي ظل واقفا مضيئا بالنور وحصنا من حصون الأمة التي تلاقت في محرابه بطولة الجيش العربي إبان عدوان ٦٧ وبكى أهل العُبيدية لكن لم يكن في محاجر العيون دموعا.

جبل المكبر يطل على مدينة القدس غربا الى الساحل الفلسطيني وشرقا الى مهد السيد المسيح في بيت لحم لكن احتكار الكبار اضاع جبل المكبر و اضاع الاوطان خلف المرايا ويقول أهل العُبيدية وجبل المكبر اننا منذ النكبة ١٩٤٨ كنّا نبحث عن بطولة فلا نجدها ونسأل عنها في كل مكان لكن البطولة كانت قابعة عند أفراد الجيش العربي الذي تعسكر في جبل المكبر وانعكاس هيبته على وجوه الموجودين في الضفة الغربية آنذاك الى ان حدث ما حدث.

غادر خليل مرعي الى ألمانيا لكن شريان الوطن كان يغذي وجدانه وفكره وعقله الى ان حضرت له محاضرة في فرانكفورت عندما كنت زائرا بدعوة من وزارة الخارجية الألمانية في مركز الجالية العربية في الولاية وكان رئيسها آنذاك

في المحاضرة كان خليل مرعي مشعلا وقفا مضيئا بالنور ينغرس في الارض المعطاء التي كفرت بعالم الظلام والعبودية وقال لقد كانت عمان مع مطلع القرن العشرين عاصمة الزمان العربي بهية وكان عنوان ملك العرب الشريف الحسين بن علي الذي رفض وعد بلفور وسايكس بيكو فنفاه المستعمرين الإنجليز الى قبرص الى ان اقترب اجله فأوصى ان يدفن في أولى القُبلتين القدس وهكذا كان
عاصمة الزمان انتصرت للأول على الثاني تشاركها دمشق وبغداد الملك فيصل ومعركة ميسلون العظمة ومحمد على العجلوني الأردني ودفع ثمنا غاليا وانتصر الاول على الثاني

الجد المؤسس عبدالله بن الحسين كان لديه الف نجمة تختبئ بين أصابعه في الوحدة والحريّة والحياة الأفضل وكان لقلبه نبضة حنين ومشاعر الى مكة والمدينة والحجاز تلك الارض التي امدته بالحياة واختلفت الطرق وتباينت الاّراء وكانت الشهادة في المسجد الأقصى
خليل مرعي غادرنا وظل المشهد واحدا إنما في هذه المرة على تطور فاخذ من الوطنيتين معا فلسطين والأردن وألمانيا
ألمانيا لخمسين عاما قضاها هناك وضم ثراها جسده الطاهر يقبع مطمئنا مع اننا تمنينا ان نزور ضريحه لنقرأ الفاتحة لكن وباء كورونا قد يتقبل منا الفاتحة عن بعد

خليل ... سيظل رديفا واسعا من أصدقائك على طول البلاد وعرضها هنا وهناك تكريسا لمحبتك ووداعك فإلى جنات الخلد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012