كل الاردن | حين تنكشف «خبايا» كورونا...!

الجمعة , 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

حين تنكشف «خبايا» كورونا...!

بقلم : حسين الرواشدة
17-12-2020 06:05 AM

عاجلاً أم آجلاً، « ستنقشع « غيمة كورونا، عندئذ سنجلس – كما يجلس التاجر – في نهاية العام لمراجعة حسابات « دفاتره « وجرد أرباحه وخسائره، سنكتشف أن « خبايا « كورونا أكثر مما توقعنا، وان «فواتيرها» كانت باهظة، سنكتشف – أيضا – أن الناس خرجت منها كما خرج « الفتية « من كهفهم، لكنهم - بالتأكيد – لن يعودوا إليه، وإنما سيواجهون العالم بعيون من حديد.

قبل أن تدق ساعة المواجهة وتنفجر في وجوهنا أسئلة الناس عما حدث في هذه السنة « الكورونية « وعما لحق بهم من إصابات وخسائر، لابد ان نبدأ من الآن بمراجعة « دفاترنا « السياسية والاقتصادية، لقد تحمل الناس كل ما واجهوه بدافع « الخوف « من الوباء أو « التكيف» مع ضريبة الجائحة، كما تجاهلوا أحيانًا ومرروا أحياناً أخرى « قرارات « حفرت في أجسامهم جراحا عميقة، لكن ما بعد « كورونا « لن يكون كما كان قبله، ليس فقط لان قطار « نفاد « الصبر سينطلق بأسرع مما نتوقع، وإنما لان « السكة « العامة – أيضا – لم تعد متاحة ليسير عليها أي قطار، بعد أن عبث بها بعض العابثين، بقصد او بدون قصد.

قلت : ستنفجر في وجوهنا أسئلة الناس، هذا صحيح : الشباب الذين كسرت ظهورهم « البطالة «، الآخرون الذين تم إنهاء خدماتهم او طردوا من وظائفهم، الشركات و المصانع التي أغلقت، الأبناء الذين خرجوا من تجربة « التعليم عن بعد « بأفدح الخسائر، ومع هؤلاء ملفات أخرى : ملف الصحة الذي اكتشفنا انه تراجع وهرعنا الى إسعافه في اللحظات الأخيرة، ملف « الاستثمار « الذي تجمد تماماً، ملف السياحة الذي وضع في الثلاجة، ملف الانتخابات البرلمانية وما جرى على هامشها من التباسات غير مفهومة، والاهم من ذلك «حالة « المجتمع الأردني التي أصبحت بحاجة الى « جراحات « عميقة لفهمها وتشخيصها اولاً، ثم تحديد «المعالجات « اللازمة لها.

لقد غابت عن بعضنا أحيانا « الحكمة « في التعامل مع الناس في موسم « كورونا «، كان يفترض ان يباشر مسؤولون في بلادنا «منطق» العقلانية حين يصدرون « قراراتهم « او يوجهون خطاباتهم، كان يفترض ان يستثمروا في « صبر « الناس وتحملهم وان لا يتعاملوا معهم بمنطق « الاستفزاز « او الاستهتار، وان يخرجوا من مكاتبهم للتحاور معهم حول معاناتهم، كان يفترض ان تلتقي الدولة والمجتمع معاً على «أرضية» مشتركة للتفكير في وضع الحلول والمخارج لمواجهة « الكارثة «، لا ان يفتعلوا الأزمات او يتبادلوا تصفية الحسابات، انتصاراً لمقايضات فاشلة أضرت بالطرفين معاً.

كل ما نرجوه ونحن نستعد للاحتفاء بمرور مئة عام على تأسيس الدولة الأردنية، وهو الموعد الذي يتزامن مع اقتراب « رحيل « كورونا وعودة حياتنا الى طبيعتها، ان نبدأ منذ الآن بالتأسيس لمرحلة جديدة تطمئن الناس على سلامة بلدهم، وترد على أسئلتهم، وتحررهم من القلق على « معيشتهم «، مرحلة يشعر فيها الأردنيون بأن « صبرهم « وتضحياتهم من أجل بناء دولتهم محل تقدير وتكريم، وبأن ثمة من يرد عليهم التحية بمثلها او بأحسن منها، بدل ان يشعروا بأنهم « مهمشون « على أرصفة مكاتب وعمارات أسوارها عالية يقطنها مسؤولون لا يعرفونهم ولا يحسّون بمعاناتهم أيضا.الدستور