أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


جردة حساب لعام صعب

بقلم : زيد النوايسة
01-01-2021 12:46 AM

لم يكن بوسع أحذق العرافين وقارئي الطالع وحتى أكثر المتشائمين أن يتنبأ بسيناريو قد يواجه العالم في العام 2020، أسوأ من هذا المتمثل في جائحة كورونا التي عطلت وأربكت كل شيء وامتد تأثيرها بأشكاله المختلفة ليشمل كل فرد من 7.8 مليار نسمة يعيشون على هذا الكوكب.

خلال المائة عام الأخيرة شهد العالم حربين عالميتين وحروبا وصراعات إقليمية وكساداً اقتصادياً كبيراً وكوارث طبيعية ووبائية. ويحدثنا التاريخ عن سنوات قاسية مرّ بها العالم قبل مئات السنين لكنها بقيت محصورة في جغرافيا معينة ولم يمتد تأثيرها للعالم ولكل بيت ولكل نشاط كما هو الحال في هذا الوباء الذي لم يقتصر تأثيره على الصحة فقط، بل شمل أيضاً ارتفاع معدلات الاكتئاب بحسب منظمة الصحة العالمية.

مجلة تايم الأميركية وصفت في عددها الأخير العام 2020، بالأسوأ على الأميركيين وعلى دول العالم لأن تأثيره السلبي شمل كل شيء. فمجرد الشعور بعجز العالم أمام فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة وكيف قلب حياة كل فرد على هذا الكوكب وأصاب اثنين وثمانين مليون إنسان ومات بسببه مليون وثمانمائة ألف حتى هذا التاريخ أمر مرعب ومخيف.

محلياً دخلنا منذ السابع عشر من آذار بعد قرار حكومة الرزاز بتفعيل قانون الدفاع رقم 13 لعام 1992 للتعامل مع الجائحة مرحلة جديدة. سارعت الحكومة لإغلاق المطارات والحدود البرية وتعطيل دوائر الدولة والجامعات والمدارس وحجر القادمين على نفقة الحكومة. وكانت بذلك تحاول أن تحاكي ما يحدث في العالم الذي داهمته الجائحة على حين غِرة ودون تجربة سابقة للتعامل مع تحدٍ مختلف غير معهود.

أحلام الحكومة السابقة كانت بلا سقف وهي تسعى لإنفاذ مجموعة من حزم وبرامج التحفيز الاقتصادي التي أعلنتها في الربع الأخير من العام 2019 وحتى شباط 2020. الرهان كبير ومشروع على إحداث تحول نوعي ينشط الاقتصاد ويحفز الاستثمار ويصلح الإدارة العامة ويعالج الاختلالات في المالية العامة سعياً لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين المستوى المعيشي وكأن رياح كورونا قلبت الأمور رأساً على عقب.

الحكومة السابقة تحولت لحكومة تواجه وباء كورونا بفعالية أحياناً وبارتباك أحياناً أخرى أوصلنا للثغرات الحدودية التي تسلل منها الوباء وأدخلنا مرحلة الانتشار المجتمعي منذ أيلول الماضي والنتيجة 292 ألف إصابة وأزيد من 3800 وفاة حتى كتابة هذه السطور.

في الثاني عشر من تشرين الأول حَلت في الدوار الرابع حكومة جديدة برئاسة د. بشر الخصاونة ليلقى على كاهلها مواجهة أصعب تحد يستدعي رفع كفاءة الجهاز الطبي بوقت قياسي وفي ظل ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة وانتشار الوباء مجتمعياً والمطلوب منها بنفس الوقت إدامة أنشطة الحياة الأخرى قدر المستطاع وبما يحافظ على أرزاق الناس، وهو ما تحقق وظهر جلياً بإنشاء خمسة مستشفيات ميدانية حديثة لتخفيف العبء عن المستشفيات الرئيسية والعمل على إنشاء المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية والأهم الاستعداد لأكبر حملة تطعيم ضد كورونا في شباط القادم.

بالرغم من كل ذلك التزمت الحكومة بإنفاذ المواعيد الدستورية كما أرادها جلالة الملك، فهيأت الإمكانيات لإجراء الانتخابات النيابية ولاحقاً افتُتح البرلمان في دورة غير عادية. وهي تستعد خلال أيام لطلب ثقة مجلس النواب ولمناقشة قانون الموازنة للعام المقبل.

نودع الساعات الأخيرة من هذا العام محكومين بالإيمان بالله وبالأمل أن يتمكن العالم من تجاوز هذه التجربة القاسية وأن يحمل لنا العام القادم تباشير عودة الحياة لطبيعتها ولو بشكل تدريجي؛ وهذا مرهون دائماً بالتزام الجميع وبتكاتف البشرية وإيثار العالم المتقدم بتحقيق عدالة توزيع اللقاحات وعدم احتكارها وترك الدول الفقيرة تواجه قدرها مع الوباء.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012