أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أمريكا وإسرائيل والتعايش النووي الإيراني

بقلم : مأمـون أبـونـوار
16-02-2021 04:51 AM

باختصار إسرائيل لا تمتلك القدرة العسكرية لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وتحتاج إلى عبور أجواء دول عربية لن تسمح لها بذلك. كما أنها لا تمتلك الذخائر الخاصة لضرب هذه المنشآت الموجودة في قلب وباطن الجبال المحصنة، ويحتاج تدميرها إلى مئات الطلعات الجوية وهو ما يعرفه بكل تأكيد جنرالات الحرب الإسرائيليون.
أمريكا أيضاً لن تجازف بضرب إيران، وما نشاهده الآن من إرسالها طائرات بي 52 ونشر قواتها في منطقة البحر الأحمر لم يردع أي شيء. ولكن عندما نشاهد أربع إلى خمس حاملات طائرات في المنطقة نتوقع عملاً ما، وإذا حدث سيقود المنطقة إلى حرب شاملة.
هنالك خط رفيع يفصل بين النووي السلمي الإيراني والوصول إلى السلاح النووي. وفي حالة فشل المفاوضات فإن إيران ستفاجئ العالم بسلاحها النووي وتحقق بذلك الردع النووي النهائي المانع لأي تهديد سواء كان تقليدياً أو نووياً، إضافة إلى أن صواريخها المؤهلة لحمل رؤوس نووية قادرة حاليا على أن تغطي جزءاً من أوروبا، ولديها البنية التحتية لتطوير هذه الصواريخ حتى تصبح عابرة للقارات في المستقبل.
هذه القدرات الإيرانية ستقلب المنطقة راساً على عقب بحيث لن يكون أمام إسرائيل إلا التعايش النووي معها نتيجة لهذا الردع المتبادل والتدمير الشامل المؤكد بين الطرفين. وستعكس هذه المعادلة نوعاً من الاستقرار في المنطقة وسيعزز مكانة إيران السياسية والعسكرية ونفوذها. ولقد تعلمت إيران الدرس كيف أن العالم يعامل كوريا الشمالية بكل لطف واحترام لامتلاكها الرؤوس النووية والصواريخ البالستيه.
هذا التعايش ستكون له بشكل عام تداعيات وتأثيرات على الدول العربية وملفات المنطقة الأمنية الجيوسياسية، من اتفاقية ابراهام إلى القضية الفلسطينية واليمن وضم اسرائيل للقيادة المركزية الأمريكية، إضافة إلى سباق التسلح في المنطقة وخاصة الحصول على الأسلحة النووية. فهل سنشاهد تحركاً عربياً لردع الطرفين.
يبدو أنه من الصعب حل جميع القضايا العالقة بين أمريكا وإيران باتفاقية واحدة كالصواريخ البالستيه وحقوق الانسان والنفوذ الإيراني في المنطقة والإرهاب. فالصواريخ الإيرانية تعتبرها طهران دفاعها الرادع الاستراتيجي وتعتبرها مسألة وجودية لن تتخلى عنها، وستكون أكثر تشدداً في إزائها من المفاوضات السابقة.
سوف تحمل إيران معها قائمة متطلبات عند التفاوض بهذا الخصوص، منها عدم تسليح دول الخليج بالأسلحة الحديثة وتحديد وتقليص النفوذ الأمريكي وقواعده بالمنطقة، وتقليص إمداد اسرائيل بالأسلحة والذخائر المتطورة.
لهذا المسار يبدو الأفضل لأمريكا العودة إلى خطة العمل المشتركة 2015 وستخرج بذلك أقوى وتحافظ على نفوذها ومصالحها وشركائها في المنطقة، بحيث تتم مراقبة المنشآت النووية من خلال أعمال التفتيش المستمرة للهيئة الذرية الدولية والتي نجحت بذلك سابقا، وكانت إيران ملتزمة ببنود الخطة المشتركة قبل انسحاب ترمب من الاتفاقية. كما أن إيران لن تسمح في 21 فبراير القادم لأعضاء الهيئة الذرية بزيارة هذه المنشآت، وستزيد من عملية التخصيب في حالة عدم التوصل إلى اتفاقية الخطة المشتركة.
ما يطرح حالياً من قبل أمريكا وإيران حول معادلة الالتزام مقابل الالتزام، يبدو أن الطرفين لن يتراجعا عنه دون مقابل. وينتظر كل طرف الآخر لاتخاذ الخطوة الأولى. ومن المفيد أن تتبع أمريكا الدبلوماسية الهادئة وتتفادى سياسة حصرية 'العصا' والخطوط الحمراء. فلا بد أن يكون هنالك نوع من سياسة 'الجزرة' كدوافع تشجيعية لإيران ومن خلال خطوات تدريجية، مثل رفع بعض العقوبات عنها جزئياً، وأن تقوم إيران بالرد بالمثل كتخفيض دعمها للمليشيات في مناطق نفوذها، وهذا الشي غير مكلف للطرفين ويمكن البدء به فوراً.
مأمون أبونوار

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012