أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


"نص نعل .. "

بقلم : د.صبري الربيحات
13-03-2021 05:56 AM

بعض المصطلحات التي كانت جزءا من الحياة اليومية أصبحت محدودة الاستخدام وعلى وشك أن تنتهي بعدما كانت شائعة في مختلف الأوساط وبين كل الطبقات. الأمهات والجدات واليافعات يمضين وقتا طويلا في إصلاح الملابس والأحذية وإعادة تجهيزها للاستخدام من قبل أفراد الأسرة الذين قد يشتركون فيها أو تخصص ملكيتها لأحدهم قبل أن يجري نقلها الى الإخوة الأصغر أو من يستطيع استخدامها.

قطب الأزرار ورتق الأجزاء المهترئة من القمصان والبناطيل كانا من المهمات التي تقوم بها ربات البيوت والنساء، والمعيار الذي تعتمده الخاطبات في تقييم مدى صلاحية الفتاة لتصبح زوجة مؤهلة للعناية بأسرتها. المرأة التي تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعمل على تحويل أسرتها الى وحدة إنتاجية استهلاكية تعمل بجد وإبداع على تكييف قطع الملابس الواسعة وتجري عليها التعديلات اللازمة لتصبح ملائمة للصغار الذين يتوارثوها عن الآباء والأشقاء بعدما تصبح ضيقة على أجسادهم.

في تلك الأيام، لم يكن شراء الملابس وملاحقة الموضة هدفا ولا بابا من أبواب الإنفاق الذي يحسب له، فقد يحصل الطفل أو البالغ على قطعة ملابس جديدة مرة واحدة في العام تحت بند “كسوة العيد”، ومرة عند افتتاح المدارس “كسوة المدرسة” في أحسن الأحوال.

الأطفال والكبار مطالبون بالحفاظ على الملابس والحد من تعرضها للهلاك أو الاهتراء. مع كل الحرص والعناية، فإن الحركة والمشي والجهد البدني عوامل تهري الملابس وتؤدي الى تآكل الأحذية، الأمر الذي يتطلب تدخلات سريعة لإصلاحها أو استبدالها.

الإصلاحات البسيطة المرتبطة بالرثي والترقيع ودق المسامير في الأحذية مهام يمكن أن تدار منزليا من قبل الأمهات والأخوات للملابس ومن قبل الأب والإخوة الكبار إذا تعلق الأمر بالأحذية. في بعض الحالات تصنع الأسر ملابسها لكن الأحذية مسألة تتطلب صناعتها وإصلاحها تدخلا خارجيا أو مراجعة السكافي. العشرات من السكافية ينتشرون في أحياء المدن ولا تكاد مدينة أو بلدة تخلو من وجود سكافي أو أكثر. الجميع يعرفون المخاطر التي تتعرض لها الأحذية والإصلاحات التي تتطلبها ولا وقت لديهم للدراسة أو التمحيص، فالكثير منها يحتاج الى نص نعل أو تبديل كعب وفي أحيان أخرى مسامير إضافية أو درزة ماكينة. الإسكافيون مهرة في إيداع المسامير في أفواههم وإخراجها ببراعة، لكنهم لا يصلون الى مستوى مهارات الصنف الثاني من الحذائين.

“البيطار” أو الخبير في تشذيب حوافر الدواب وزرع الأحذية الحديدية الواقية للحوافر صاحب حرفة معتبر يأتي له الناس بمواعيد أو يتنقل بين البيوت والمزارع حاملا حقيبة الأدوات التي تساعده على أداء عمله وضبط سلوك الحيوانات.

خلع الأحذية البالية والتهيئة لاستبدالها من خلال عمليات الجلخ والتنعيم وأخذ مقاسات الحوافر وقياس الأحذية وثني قوائم الدابة والإيحاء لها بأن ذلك في صالحها عمل يحتاج الى خفة ومهارة وإتقان.

لا أعرف كيف تطيع الدواب البيطري الذي يأتي مدججا بالسكاكين والمقاحف والمسامير والمطارق والأحذية الحديدية المقوسة المثقوبة، ولا زلت أستذكر الفروق بين سمة البياطرة الذين أداروا مشهد البيطرة في قريتنا طوال الأعوام التي كانت فيها الدواب هي وسيلة النقل الوحيدة وموضع ثقة المزارع الذي يتحدد نجاحه اعتمادا على قوتها وصحتها وتعاونها.

في زمن لم توجد فيه السيارات بكثرة، كانت الدواب مطواعة مدجنة تحرث الأرض وتنقل المحصول وتدور على القش وتدير الساقية… المشكلة أن الأمور تغيرت كثيرا وما تزال مفرداتها وثقافتها ومصطلحاتها ماثلة.

الغد

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-03-2021 12:33 PM

راح ترجع الناس للنص نعل والترقيع..شوارعنا مرقعة ارصفتنا مهلهلة حياتنا اضحت ترقيع بترقيع

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012