أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
شريط الاخبار
بحث
الجمعة , 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أجبروها قبل أن تنكسر

بقلم : فايز الفايز
24-03-2021 02:31 PM

لا يخفى على عاقل أن النقاش بهدوء هو ما يفضي الى فهم واضح ونتيجة إيجابية، ولكن عندما تقع فكرتك أو مقترحك على طاولة الصراخ والمقاطعة واجتزاء الأفكار وارتفاع مستوى الأدرينالين والشحن السلبي، فإن أي ثمرة ناضجة لن يقطفها أحد، وهذا ما يحدث أمامنا اليوم من دحرجة للحجارة ما بين نظرية الحكومة وفهم الشارع لها، لذلك لن نتوقع أن يقتنع البعض بالرواية الرسمية بناءً على مواقف مسبقة تم احتجازها في مربع التجارب السابقة واستجرار تجارب فشل وتسويف أوقعتنا فيها حكومات ومسؤولين سابقين، وهذه النكايات تعطي للبعض شعورا باللذة المؤقتة.

يعلم غالبية الجمهور أن المطالبات الشعبية التي توجه للحكومة وإخضاعها للتصرف الفوري هي أشبه ما تكون لمطالبة شخص مدين ومفلس ومهدد بالسجن في أي لحظة،فتتبدد آماله بالوفاء للدائنين ويجد السجن أفضل الحلول،ولكن الحكومة فعليا لا تُسجن بل هي الأب المطالب بحلول عملية وسريعة ومفيدة لغايات فك الاشتباك المعقد مع الشارع الشعبي الذي تهاوى اقتصاده المنزلي عبر سنة مرت،وذلك بإجراءات فورية تعيد فتح مجرى النهر ليتدفق تدريجيا، أكان ذلك اقتصاديا أو سياسيا حتى يتبين لنا الفجر الجديد.

من لا يرى أزمة الشارع الشعبي من ضيق الحال وفقر المال وتحكم رأس المال ،والضغط النفسي الذي بات يودي بنا الى الهلاك، فهو أعمى، وأقل الواجب أن يخرج مسؤول مفوه ليتحدث الى الناس وأن يشرح لهم ما خفي عنهم ومتى نبدأ بمرحلة التعافي وعودة القطاعات للعمل وبث روح الأمل بين الناس بأننا قادرين أن نصل لخط النهاية سريعا، وأن لكل مواطن الحق في إبداء رأيه والأخذ به، فأنا شخصيا لا أستطيع أن أصف المشهد إلا كما هي الحالة الجوية اليوم،خماسين وغبار تضيق بها صدورنا.

المشكلة أن لا أحدا من المسؤولين والوزراء بات مستعدا للمواجهة،ويترك الأمر كله للرئيس الذي بات يرزح تحت ضغوطات قد لا يتحملها، ولو خرج الوزراء المعنيين بلقاءات تحمل معلومات واستشراف لمستقبل الوضع وما توصلت له الحكومة من وضع مشاريع قوانين جديدة كقانوني الانتخابات والأحزاب وعن المشاركة السياسية فيما يتعلق بأوضاع البلاد وعقد لقاءات صادقة مع مختلف القطاعات المعنية بالشأن الاقتصادي والسياسي وفهم وجهات نظر فئة الشباب ،ووضع جدول زمني متوقع لعودة الحياة لطبيعتها، لوفرنا على أنفسنا كل ذلك التجييش والضخ السلبي وشيطنة كل جانب للآخر.

اليوم يدرك الأردنيون جميعهم ومن كلا الجانبين الشعبي قبل الرسمي، أن استقرارهم وأمنهم الاجتماعي والحفاظ على منشآتهم ومؤسساتهم التي شاركوا بصنعها بشكل مباشر أو غير مباشر هو غاية هدفهم وإن اختلفت وجهات النظر،وهم ملزمون بالحفاظ عليه لأنه ملكهم جميعا وليس لطائفة دون أخرى، وعندما ينتقد المواطن الأداء فهو ليس عدو بل هو يرى الوضع من وجهة نظره ولا علاقة بالأشخاص بل بقدرة الأشخاص على إدارة المؤسسة،وهذا يستوجب وقف المحاكمات الفورية بناءً على رأي قد ينفع أو قد يفهم خطأ، ووقف حالة الاستعداء للآخر، فكل إنسان له وجهة نظر حتى في بيته وعائلته.

نحن أمام وضع صحي خطير ومعقد وباتت الوفايات تحصد العائلات ولعق الجراح لم يعد نافعا،وعلى المعنيين تقديم بدائل فورية لإعادة بناء الثقة والتشاركية سياسيا واقتصاديا وصحيا، فجبر الكسر قبل أن يقع هو الحكمة.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012