أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
شريط الاخبار
بحث
الجمعة , 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


«الدستور»...بيتنا !

بقلم : رشاد ابو داود
28-03-2021 06:37 AM

فيها من الأم الكثير، ومن الحبيبة الكثير، ومن العائلة الكثير. لها رائحة قهوة الصباح. حديث الزملاء الدافىء. لكل نغمته في « صباح الخير» وكلها تتمنى الخير فعلاً. لا مجال للثرثرة، لا مكان لمن لا عمل له.
العاشرة والنصف صباحا يعقد اجتماع مجلس التحرير. يعرض الزملاء مدراء الأقسام برنامجهم للعمل. يجري نقاش منتج. الآن أصبحت خطة العمل واضحة. يعود الكل الى مكتبه مدججاً بالرغبة في العمل. يوزع العمل على الزملاء كل في تخصصه. «يسرحون» وكل همهم أن يعودوا آخر النهار بالحصاد، وليس أي حصاد، بل أفضله. لتكون «الدستور» الجريدة المهنية الأولى والأكثر مصداقية» كما يصنفها أصحاب الخبرة والمثقفين، أردنيين وعرباً.
في المساء اجتماع آخر يجري فيه اعداد «العروس»، محلياتها واقتصادها ودولياتها وثقافتها ومنوعاتها ورياضتها وطبعاً.. مقالات كتابها. وبعناية و دقة يجري اعداد مكياجها وثيابها وشعرها وتناسق ألوانها لتناسب روحها التي ولدت فيها، أردنية من الرمثا الى العقبة. عربية من المحيط الى الخليج.
«بيتك هو المكان الذي تمضي فيه معظم وقتك « كما يقولون. وهي فعلاً كذلك بالنسبة للزملاء الذين تناوبوا على حمل لوائها جيلاً بعد جيل. كنت لسنوات طويلة أحد أبناء الجيل الذي كان همه العمل وفقط العمل بمنتهى المهنية و أقسى التعب المريح.بمجرد أن يدخلها يتناسى همومه. يتفرغ لألم الوطن بكل أمل. يفرح لفرحه ليزف البشرى للقراء قبل أن تشرق الشمس.
على مدى سنوات كان يومي يتكرر كل يوم. تمام العاشرة صباحاً أدخل الجريدة، أصبح على الزملاء كما لو كنت مسافراً سنة. في الثالثة عصراً أعود الى البيت، أتناول الغداء لمدة ساعة، أتحدث مع العائلة خلال هذه الساعة، أنام ساعة، ثم في الخامسة أكون على باب الجريدة، أسمع الأخبار، أتابع الصفحات، أقرأ وكالات الأنباء.
ومتى تعود الى البيت، بيتك ؟ لا موعد محدداً، انجاز العدد هو من يقرر، ربما في الحادية عشر، في منتصف الليل، ربما بعد منتصف الليل، حسب ما تفرضه الأحداث الساخنة.
وأبناؤك، متى كنت تراهم ؟ وأنت تعود الى البيت وهم نائمون وهم يذهبون الى المدارس وأنت نائم؟
أحياناً كنت أنسى أني لم ارهم. مرة جاءني أحدهم وقت الغداء ومد يده يسلم علي. استغربت، سلمت عليه وقلت له : ما المناسبة. ضحك وقال : هل نسيت ؟ انا لم أرك منذ يومين ونحن في نفس البيت.
هذه هي مهنة المتاعب، كما يسمونها. لكني أضيف «المتاعب المريحة».
حتى بعد أن تفرغت للكتابة ورميت الساعة التي كانت تقرصني كل صباح لأصحو، وتحدد موعد الصفحات بالدقيقة، كلما مررت بمبنى «الدستور» أتوقف لأرى سنوات من العمر في هذا المبنى، مضت وظلت باقية في وجداني، أطل على الزملاء من بقي منهم ومن جاء من بعد جيلي، أوصيهم بـ»الدستور» كما أوصانا بها الآباء المؤسسون والزملاء الذين سبقونا.
«الدستور» تستحق الأفضل. لا تتركوها وحيدة. ضخوا فيها من مال الوطن لتبقى كما كانت قلعة من قلاع الوطن.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012