أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


" بين المتعثرين والمطاريد"

بقلم : د . محمود عبابنة
14-04-2021 02:52 PM


لا يملك المرء إلا أن يشعر بالتضامن مع المتعثرين مالياً، والذين جارَ عليهم الزمان وعجزوا عن تسديد قروضهم، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة في السنوات الماضية، ونتيجةً لما أصابهم من رذاذ اعصار الكورونا، التي أجهزت على كل أمل بتحسين أوضاعهم، وقد سارعت الجهات الرسمية للتخفيف عليهم وأوقفت العمل بمواد قانون التنفيذ الأردني التي تجيز حبس الدائن سواء كان متعثراً أم مماطلاً متمرداً، إلا أن هذه الفئة التي نشعر بالتضامن معها قد تسلل إليها الالاف من المحتالين والأفآكين الذين ضربوا ضربتهم، وحللوا لأنفسهم مال الغير، عن طريق عمليات احتيالية، أو بالتصرف بأموال الغير، أو بخيانة الأمانة، وبرمَ الخيط ويمموا نحو تركيا لشراء الشقق والتنعم بما أغدقته عليهم حرفة الاحتيال والنصب.
وبناء عليه، فلا يمكننا معاملة هؤلاء على أساس أنهم منكوبو الحظ والمحفظة، وأن القوانين والأنظمة الضامنة للحقوق يجب أن تكون منزوعة الدسم، فبقدر الأعداد الكبيرة من المتعثرين؛ هناك أعداد مساوية لهم من الدائنين، الذين أمضوا حياتهم كفاحاً ومثابرةً لتوفير هذا المال واستثماره أو التنعم به، ولا يمكن أن يؤول هذا المال لغيرهم دون وجه حق، ويجب دائما التمييز وتجسيد الخيط الرفيع بين المتعثروالمعسر الحقيقي وبين المطاريد (الهاربين من الاحكام القضائية).
فهؤلاء المطاريد يرسمون السيناريو خطوةً بخطوة ويتخلصون من أي أملاك موجودة لهم في الأردن، أو يقومون ببيعها صورياً والتنازل عنها إلى أفراد من أُسرهم، ولا يتركون شيئاً يمكن الحجز عليه، بل إن بعضهم قد يجاهر قبل سفره بالقول للدائن: ' أعلى ما بخيلك اركب '.
لا نريد في غمرة قوة التسارع للتضامن مع النغمة الجديدة 'الوقوف مع المتعثرين' أن ننزلق للإجهاز على مبدأ الإئتمان، ونعدم الثقة بين التجار وبين الدائنين والمدينين، أو نجهز إيضاً على مبدأ القرض الحسن، فليست كل الديون هي للبنوك ولا للتجار، كما أن هؤلاء لا يستحقون منا أن نناصبهم العداء بحجة عبارة ' المتعثرين' التي هي للآلاف من المطاريد كلمة حق يُراد بها باطل، هناك آلاف المتعثرين الذي كانوا ملتزمين لدائرة التنفيذ بدفع اقساط بسيطة، بناء على تسويات تمت اثناء سريان مفعول المادة 22 من قانون التنفيذ، توقفوا الآن عن دفع هذه الاقساط لمجرد تعطيل مادة حبس المدين.
ومن جهة أخرى لا يجوز لنا أن نتعلل بعدم تطبيق الحبس في دول أخرى، لأن ذلك غير دقيق، وربما يمكن التوسع باستثناءات حبس المدين المعسر، ولكن الحذر الحذر من الغاء مبدأ الحبس؛ لأن ذلك سيكون السهم الذي سيصيب العدالة والقضاء والإئتمان والسلم الاجتماعي في مقتل.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012